-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من منظور المؤرخ المختص، ألان روسيو:

هكذا تطوّر موقف الشيوعيين الفرنسيين من الثورة الجزائرية

محمد مسلم
  • 1025
  • 0
هكذا تطوّر موقف الشيوعيين الفرنسيين من الثورة الجزائرية

شكل موقف الشيوعيين الفرنسيين ومعهم الجزائريون من الثورة التحريرية مثار تساؤلات على مدار سنين طويلة، بسبب موقفهم الملتبس من إعلان الجزائريين الحرب على فرنسا الاستعمارية في العام 1954. فالحزب الشيوعي الجزائري كان جزءا من الحزب الشيوعي الفرنسي، ولذلك كان موقفهم من الثورة متشابها لأن شعارهم كان “السلام في الجزائر” وليس “المقاومة من أجل الاستقلال”.

هذه القضية التي أسالت الكثير من الحبر على مدار العقود الستة المنصرمة من الاستقلال، كانت زبدة لبحث مركّز، أنجزه المؤرخ الفرنسي المختص في الثورة التحريرية، ألان روسيو، نشر في موقع     ” histoirecoloniale”، وقد حاول من خلاله الإجابة عن الأسباب التي تقف خلف غياب كلمة “الاستقلال” في أدبيات الحزب الشيوعي الفرنسي الذي كان يضم الكثير من الجزائريين، في تعاطيه مع القضية الجزائرية.

يقول المؤرخ الفرنسي: “عندما بدأت حرب الاستقلال الجزائرية، كان الشيوعيون يمتلكون منذ فترة طويلة منظومة مفاهيمية. في عام 1939، طور موريس توريز نظرية “الأمة الجزائرية في طور التكوين”، وهي ثمرة “عشرين عرقًا”، إنه التوصيف الذي تم رفضه من قبل الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال، ولاسيما بعد مجازر الثامن من ماي 1945 في الشمال القسنطيني، غير أن الحزب الشيوعي الفرنسي تشبث بتلك المفاهيم إلى أن تفاجأ باندلاع الثورة التحريرية في العام 1954”.

العلاقات بين الشيوعيين الجزائريين والفرنسيين، لم تتوقف خلال الحرب التحريرية، يقول ألان روسيون: “الآن جاء الزخم الحاسم من صفوف الحزب الجزائري (يقصد الحزب الشيوعي). في 3 جوان 1955، مقال للعربي بوهالي، الأمين العام للحزب الشيوعي الجزائري جاء فيه: “مثل كل الشعوب المضطهدة، يتطلع الشعب الجزائري إلى حياة حرة، وإلى استقلاله الوطني. لدينا مؤشر قوي على تناغم الحزب الشيوعي الفرنسي – الجديد – مع هذا التحليل.. اختارت إدارة أسبوعية “فرنسا الجديدة”، نشر تلك الرسالة في الأسبوع التالي”.

ويضيف روسيون: “بعد ثمانية وأربعين ساعة. في 13 جوان 1955، وقع رئيس تحرير صحيفة L’Humanité، مارسيل كاشين، افتتاحية جريدته، مستنكرا “المداهمات والاستفزازات والاعتقالات بالآلاف”، التي لم تستطع فعل أي شيء لمواجهة ملايين الجزائريين الذين يتطلعون إلى الاستقلال”. وأضاف: “من الملح أن نمنحهم سبل العيش من عملهم من خلال إعادتهم ملكية تراب وطنهم. هذه حركة وطنية يدعمها شعب بأكمله. يريدون العيش من عملهم على أرضهم الحرة والمستقلة”.

وفي أوت 1955، نشر الحزب الشيوعي الفرنسي إعلانًا رسميًا جاء فيه: “لا يمكن حل المشاكل التي تنشأ في الجزائر إلا من خلال سياسة تحقق تطلعات الشعوب في الحرية والاستقلال، وتأخذ في الاعتبار مصالح فرنسا”. كما أعرب عن دعمه لـ”التطلعات إلى الحرية والاستقلال للشعوب المضطهدة حتى الآن”.

ومع اشتداد الثورة والقمع الفرنسي للجزائريين، بدأت توجهات الشيوعيين الفرنسيين تتغير تجاه الثورة، وفي 30 أوت 1955، خرج مارسيل سيرفين وهو من شباب الحزب الشيوعي ليقول: “نحن الشيوعيين، بالنسبة لنا الأمور واضحة: نتضامن مع الشعب الجزائري الذي يناضل بصورة مشروعة من أجل انتزاع استقلالهما الوطني”.

يقول روسيون “لقد تم نسيان الصيغة التوريزية (نسبة إلى موريس توريز رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي) “الأمة في طور التكوين”. في أكتوبر، أعلن جاك دوكلو من على منبر الجمعية الوطنية: “كل خطوة إلى الأمام في تونس والمغرب على طريق الاستقلال الوطني سيكون لها تداعيات حتمية في الجزائر (…). نحن نؤيد التفاوض الذي سيجعل الشعب الجزائري صديقًا وحليفًا لشعب فرنسا”.

لتخرج بعدها صحيفة “لومانيتي” وهي لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي بعنوان كبير “لا للحرب في الجزائر. التفاوض لجعل الشعب الجزائري، تقديرا لتطلعاته الوطنية وعلى أساس الاستقلال والمساواة، صديقا وحليفا للشعب الفرنسي”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!