الجزائر
"سمير المنقذ" احتضنهم في مشروع "أونساج" وبعث أحلامهم من جديد

هكذا تم تحويل عشرات الحراقة إلى أصحاب مشاريع

نوارة باشوش
  • 1916
  • 6
أرشيف

وليد وأمير ومحمد وبومدين، هم نماذج لشباب حاولوا بكل الطرق المرور إلى الضفة الأخرى، لا يحملون معهم سوى أحلام وردية بالعيش الكريم بعد ما أصابهم اليأس في وطنهم ولسان حالهم يقول “لا دار لا دوار.. لا خدمة لا زواج..”، وقطعوا العزم على “الحرقة” بواسطة أحد بارونات الهجرة السرية المعروف بشاطئ دلس بولاية بومرداس، والذي يسهل عملية “الحرقة” لشباب وقصر لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 60 مليون سنتيم للواحد، فمنهم من يصل هناك ليبدأ رحلة جديدة من خلال تزوير الوثائق للظفر بعمل حقير، ومنهم من يصل ليكون ضيفا ثقيلا في مركز الشرطة ليعاد ترحيله إلى بلده.. ومنهم من يكون وليمة لأسماك عرض البحر، ليبقى أهاليهم وذويهم يتجرعون مرارة الانتظار أو الفقدان إلى الأبد.

وبين هذا وذاك، يظهر الشاب الأخضر عثماني المدعو “سمير المنقذ” الذي استفاد كباقي الشباب من مشروع لونساج حيث تحصل على قرض منح له من الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، وأنشأ ورشة لصناعة الألمنيوم بمنطقة الثنية بولاية بومرداس، بعدم ا تحصل على قطعة أرضية تابعة للولاية، منذ أزيد من 25 سنة وحولها إلى مزرعة صغيرة لغرس الأشجار وتربية الحيوانات بعد ما كانت أرضا جرداء، حيث أكد في تصريح لـ”الشروق” أنه عانى هو وأخوه بومدين من ويلات الإرهاب، وقال “عندما هرب الجميع من بطش الإرهابيين، نحن كافحنا وقاومنا من أجل الاستمرار، وعملنا ليلا ونهارا من أجل إحياء هذه المنطقة، لكن في الأخير يطلبون منا الخروج منها كأن شيئا لم يحدث”.

الأخضر عثماني أطلق عليه “سمير المنقذ”، لأنه أنقذ العديد من الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم 20 سنة من الموت في عرض البحر، من خلال إقناعهم في العدول عن قرار “الحرقة” وسعى إلى كسب ودهم وإعطائهم فرصة للتكوين في ورشته لمدة 6 أشهر، ليشق أزيد من 15 شابا حياتهم العملية، فهناك من أصبح موظفا عنده مثل “وليد.ر” البالغ من العمر 25 سنة والذي صرح لـ”الشروق”، أن “سمير” أخرجه من اليأس وأنقذه من الموت المحتوم أو غياهب سجن إسبانيا وأصبح يتقاضى أجرة ويعيل أسرته الفقيرة، فيما نجح العديد من الشباب الذين تلقوا تكوينا في ورشة الأخضر في إنشاء ورشتهم الخاصة للألمنيوم من خلال استفادتهم من قروض حصلوا عليها من الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب التي فتحت لهم باب الأعمال وتحولت أحلامهم ومخططاتهم إلى مؤسسة صغيرة تساهم في رفع وتيرة الاقتصاد الوطني.

بين مطرقة البطالة وسندان القضاء

وكما يقال تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، فالشاب “الأخضر” الذي أنقذ العشرات من الشاب والقصر من الموت المحتوم في عرض البحر ومنعهم من “الحرقة” من خلال لمّهم في ورشته المصغرة وهو يقول لـ”الشروق”: “أنا جربت المزيرية”، ولهذا كلما صادفت شابا ضائعا أفتح له أبواب التكوين وأمنح له الشهادة وأفرح عندما أراه قد استحدث ورشة، أو التحق بمؤسسة أو شركة تضمن له مستقبله”، يجد نفسه وهو شاب لم يتجاوز عمره 39 سنة، أمام القضاء شهر سبتمبر الداخل، بعد أن تم رفع دعوى قضائية ضده وإجباره على الخروج من القطعة الأرضية التي تحصل عليها منذ 25 سنة استنادا للوثائق وكذا فواتير الكهرباء والغاز التي كانت بحوزته، وغرس فيها الأشجار وربى فيها الحيوانات قبل أن يحولها إلى مشروع مصغر لتشغيل الشباب وإدماجهم في الحياة العملية.

“سمير المنقذ” يستغيث بالرئيس لإنقاذ أرضه من الاغتصاب

يناشد الأربعيني الأخضر عثماني المدعو “سمير المنقذ”، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ووالي ولاية بومرداس، لإنقاذ مشروعه الذي أفنى ربع قرن من حياته لتجسيده، بعد ما حول قطعة أرض جرداء إلى مستثمرة فلاحية ناجحة وورشة ألمنيوم توظف اليد العاملة الشابة وتؤهل البطالين في مجال صناعة الألمنيوم، كما نجح في إنقاذ العشرات من الشباب من الموت المحتوم في قوارب “الحرقة” بعد ما وظفهم برواتب لم يكونوا يحلمون بها، أو أخضعهم للتكوين ليصبحوا أصحاب مشاريع مصغرة، حيث تسعى مصالح ولاية بومرداس لإنتزاع هذه القطعة الأرضية اليوم من “سمير المنقذ”، دون وجه حق، بالرغم من أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تنبون أمر بتشجيع الشباب على خلق مؤسسات مصغرة من خلال تمويل مشاريعهم وتسهيل جميع الإجراءات لهم.

مقالات ذات صلة