هكذا تُصرف 10 ملايير عندهم وعندنا…
دشنت ماليزيا، منذ أيام، أكبر مطار في العالم للنّقل المنخفض التكلفة، يمكنه أن ينقل أكثر من 45 مليون مسافر في السنة، وأعلنت تكلفة هذا الإنجاز 1.2 مليار دولار. وقبلها دشنت الإمارات العربية المتحدة في بداية سنة 2010 برج خليفة، المعروف ببرج العرب، وعرف العالم تكلفته أيضا 1.5 مليار دولار.
وقبل برج العرب تم تدشين الشطر الأول للميترو الأوتوماتيكي الأكبر في العالم في دبي، وعرف الجميع أن تكلفته الابتدائية كانت 4 .2 مليار دولار، ثم ارتفعت إلى 7.8 مليار دولار… وبحثت من جهتي عن تكلفة أكبر مستشفى في فرنسا (المستشفى الأوروبي جورج بومبيدو) فعلمت أن تكلفته لم تزد على 250 مليون أورو في سنة 2001، وعن تكلفة طوكيو سكاي تري، أكبر برج اتصالات في العالم، فوجدتها 550 مليون أورو. وهكذا من محطة إلى محطة وجدت أن العالم يُنجز منشآته المختلفة بما يملك من أموال ويفخر بذلك، معلنا التكاليف لمن أراد أن يعرف. وتبين لي أنه كان بإمكاننا أن نفعل الشيء الكثير بما نملك من سيولة نقدية إلا أننا لم نفعل. كان بإمكاننا أن ننجز 04 مستشفيات من حجم أكبر مستشفى أوروبي بأقل من ملياري دولار على أساس أن التكلفة تضاعفت، وبإمكاننا أن ننجز ما يشبه مطار كوالالومبور وبرج خليفة ومترو دبي وبرج طوكيو بما لا يزيد عن 10 ملايير دولار… وتسارع إلى ذهني السؤال الكبير والمحير: كيف تمكنا من صرف 750 مليار دولار خلال الـ 15 سنة!؟ لا أقول أين ضاعت؟ إنما كيف كان بإمكاننا أن نضيعها؟ ما هي العبقرية التي امتلكنا لكي نتمكن من استهلاكها من غير أن يعرف أي منا الحساب.
لقد حاولت عبر كل الوسائل أن أعرف تكلفة أكبر إنجاز نتحدث عنه اليوم أي الطريق السيار فلم أجد الرقم الرسمي:11 مليار دولار عند البعض و20 مليار دولار عند البعض الآخر، وأكثر أو أقل عند آخرين.. وتملكني نوع من الخوف حقا أن الفرق الذي نختلف نحن بشأنه (نحو 10 ملايير دولار)، به تم إنجاز كل تلك المنشآت التي ذكرت…
وهنا توقفت عن الكتابة والتفكير لأقول: إننا بحق، ومن غير مبالغة أو تهويل، في مفترق الطرق بعد أن مضى الذي مضى، إما أن نكشف المستور ونعرف في شفافية مطلقة أين يصرف كل دولار من مداخيلنا ونعيد إحياء ما بقي لدينا من أمل.. أو لنقرأ على بلادنا السلام ولا نلومن اليأس إذا عمَّ.