-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا قضت التجارة الإلكترونية على الصدقة

نسيبة علال
  • 1743
  • 0
هكذا قضت التجارة الإلكترونية على الصدقة

أغراضنا التي لا تروقنا، لمقاسها الضيق أو عدم ملاءمتها للموضة، حتى القطع الإضافية في منازلنا، هي حلم لدى أشخاص كثر، ربما يتواجدون بجوارنا، وقد يكون لهم حق شرعي فيها إذا كانوا من ذوي الحاجة، لقوله تعالى- بسم الله الرحمن الرحيم: “والذين في أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم”، فهي أولى بالصدقة من بيعها على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة إذا كانت لا تزال في حالة جيدة، نظيفة وصالحة للاستعمال.

هذه كانت عادة الناس قبل انتشار الإنترنت، وانفتاح أسواقها التي لا تعد، فقد كان الناس في الغرب يعرضون مختلف القطع في بهو المنازل أو أقبية العمارات، ينالها من هم في حاجة إليها.. أما هاهنا، لدى العائلات المسلمة، فقد كانت تأخذ على عاتقها مهمة البحث عن الأشخاص المحتاجين، تقدم لهم كل ما يزيد عن حاجتها من المال أو الملابس أو حتى تجهيزات المنزل، ولا أحد كان يفكر إلا في منحها كصدقات تزكي ممتلكاتهم، وليس كمبيعات تقدم لهم بعض المال الذي لا يساوي قيمة شرائها الأصلية.

البيع على الإنترنت إدمان يلتهم حسنات البعض

ربما لا يمكن ملاحظة هذه الظاهرة بشكل جلي في المجتمع الجزائري، على وجه الخصوص، لكنها، بحسب خبراء، قد استفحلت في أوساط كبار السن، كما هي لدى الشباب والصغار، تجدها تحولت إلى عادة عند الرجال والنساء أيضا، يعرضون ما لا تتوقع للبيع عبر فايسبوك، أنستغرام وغيرها من المواقع، ويتفاوضون على الأسعار، ثم يقبلون على التوصيل. عملية يجد فيها كثيرون متعة استثنائية، حد الإدمان، بعد أن كانوا يقدمون أغراضهم صدقة للأقارب والجمعيات. وسام، واحدة من هؤلاء، تؤكد أنها تقضي ساعات طويلة في التجول عبر مجموعات عرض الملابس والأحذية والإكسسوارات، لكونها تعشق الموضة، وقد كانت في ما مضى تتخلص من مجموعتها للموسم بتقديمها صدقة لزميلاتها المحتاجات في الجامعة، بينما أصبح بإمكانها بيعها لفتيات مجهولات عبر المواقع، كي تحصل على المال: “يؤنبني ضميري أحيانا، خاصة أنني أبيع قطعا غالية بمبلغ صغير، أشعر بأنه كان علي أن أنال الأجر مع الله أفضل، لكنني، أصبحت مدمنة على هذه العملية، أقوم بها لا شعوريا، وأشعر بالفراغ عندما لا أجد ما أبيعه، مع أنني لا أحتفظ بالمال، بل أشتري به قطعا جديدة بعد البيع مباشرة”.

جمعيات تعاني شح المحسنين

تقول هاجر، ثلاثون سنة قضيتها من عمري، أذكر أنه كلما اجتمعت في منزلنا قطع صالحة للاستخدام، قدمها والدي للمنخرطين في جمعيته الخيرية، حتى وإن كانت من الأثاث، إلى أن تزوجت من رجل ميسور الحال، لكنه لا يتصدق أبدا، كل ما ليس في حاجة إليه، جديدا كان أم قديما، يصوره ويعرضه على أحد المواقع.. في البداية، اقتصر الأمر على ممتلكاته، حتى وجدته يقنعني ويبيع بعض ملابسي وقطعا من الأواني، حتى إنه مرة باع عطرا أصليا مستعملا”.

بعيدا عن التعامل مع الجمعيات الناشطة، تقول أسماء، من البليدة، صاحبة مجموعة فايسبوكية لبيع وتبادل الأواني المستعملة، إنها تشهد يوميا منشورات غريبة: “بعضهن يعرضن قطعا فاخرة للبيع بمبلغ رمزي، فيما تبيع أخريات قطعا غير صالحة للاستخدام أصلا، في المقابل لا تزال سيدات كثيرات يستخدمن سرح التجارة الإلكترونية للتجارة مع الله، فتجدهن يقمن بغسل وتلميع الأفرشة والأواني والملابس، وكل ما لا يخطر على بال، ثم يضعنه في منشور لغرض الصدقة، لتناله سيدات محتاجات..”.

تحت شعار “للفائدة”، “هبة”، “مقدمة للعطاء”.. آلاف منشورات الأغراض، يساومها البعض بالمال، فتنقص نية أصحابها بنيل الأجر، ليحصلوا على مقابل مادي، فيما لا يغتر آخرون من ذوي النوايا الجادة في تقديم العون لمن هم في حاجة إليه، فقط لأنهم لا يملكون الوقت للتنقل بين بيوت المعوزين ولا للتواصل مع الجمعيات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!