الرأي

هكذا يكون حوار الشرفاء…

محمد سليم قلالة
  • 1019
  • 9
ح.م

الحوار ليس غاية، إنما هو وسيلة يُفتَرض أن توصلنا إلى تشكيل هيئة جديدة تُشرف على انتخابات رئاسية نزيهة تُمَكِّمنا من التأسيس لمرحلة جديدة من بناء الدولة الوطنية. بهذا المفهوم لا أرى جدوى من كل هذا النقاش الدائر عن لجنة الحوار المُعلَن عنها. إنها ليست لجنة مُمثِّلة لأي طرف كان حتى نزعم أنه ينبغي أن تعكس الاتجاهات التي تُمثِّلها، ولا لجنة مُحاصصة إيديولوجية أو فئوية، حتى نقول إن هذا التيار أو ذاك غير مُمَثَّل بها، كما أنها ليست لجنة للتفاوض حول مطالب معيّنة حتى نقول إنه مطلوب منها القيام بهذا أو عدم القيام بهذا… إنها من وجهة نظري لجنة تهيئ الأرضية لجميع الأطراف للالتقاء في موعد محدد لأجل الاتفاق على كيفية إجراء الانتخابات القادمة بكيفية شفافة ومن غير أي تزوير أو تدخل للإدارة المركزية أو المحلية…

ومن هذه الزاوية أرى أن كل ما قيل عنها أو عن أعضائها غير متناسب مع الدور المفترض أن تقوم به.. ذاك أن ما تعلق بكل القضايا التي طرحتها كشروط لِعَمَلِها وعلى رأسها تنحية حكومة عبد الرحمن بدوي إنما هي في حقيقة الأمر من مواضيع الحوار وليست من مهام اللجنة، ويُفضَّل أن يُفصَل فيها أثناء الحوار، لا أن تُعَد كمبادرات حسن نية من قبل السلطة كما هو مطروح اليوم، ذلك أن تعيين حكومة جديدة على سبيل المثال يحتاج إلى اتفاق الجميع نظرا لما ستواجه من مصاعب لا تتعلق فقط بالانتخابات إنما بتسيير الشأن العام. فمَن على سبيل المثال يتحمل وزر مواجهة هذه الحكومة للدخول الاجتماعي المقبل في ظل إفلاس خزينة الدولة؟ ومَن يُمكِّن هذه الحكومة الجديدة من الشرعية اللازمة لاستمرارها إذا لم يتم ذلك أثناء جلسات الحوار؟

لذا فإنه يُعَد من الصعب جدا التمكن من إيجاد حل للانسداد الحاصل اليوم خارج نطاق التشاور والحوار.

وعليه، فإنه إذا كان علينا المساهمة في تطوير الحلول المطروحة إلى حد الآن لتتطابق مع التطلعات الشعبية، ليس لنا سوى بديل واحد هو الجلوس على طاولة واحدة للاتفاق بشأن المستقبل الذي ينتظر بلدنا، وهذه الطاولة لن تكون سوى طاولة حوار الشرفاء… بعيدا عن كل مزايدات من هذا الطرف أو ذاك، وبعيدا عن ذلك التصنيف القائم على تلك الفكرة الخاطئة التي كانت سببا في الكثير من المآسي للأفراد والشعوب التي تقول: كل من ليس معي هو ضدي… نحن نقول بعكس ذلك تماما: كل من ليس ضدي هو معي… وذلك كاف لنعيد النظر في كثير من الأحكام التي أصدرناها، والمواقف التي عبّرنا عنها، والأفكار التي اعتنقناها، والآمال التي عقدتها على هؤلاء أو هؤلاء، من بين كافة شرفاء هذا البلد…

مقالات ذات صلة