-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اعتداءات وتمرّد وعقوق.. ظاهرة خطيرة تغزو أروقة المحاكم

هكذا يهان الآباء على أيدي فلذات كبدهم بذريعة الإدمان!  

مريم زكري
  • 1561
  • 0
هكذا يهان الآباء على أيدي فلذات كبدهم بذريعة الإدمان!  

“وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”… لا تزال ظاهرة العنف الجسدي واللفظي ضد الآباء والأمهات، تطغى بشكل ملفت للانتباه في المجتمع، بعد ما تجرّد أبناء من مشاعر الرحمة والشفقة تحت ذريعة الإدمان والمخدرات، ليمارسوا عنفهم وغضبهم ضد أقرب الناس إليهم.

هي وقائع مؤسفة تشهدها أروقة المحاكم يوميا.. عشرات الملفات القضائية أبطالها أبناء غرقوا في عالم الإجرام والإدمان بسبب المخدرات والأقراص المهلوسة والمشروبات الكحولية، ليتحولوا بعدها إلى خصوم لآبائهم أمام العدالة والقانون بعد الاعتداء عليهم وإجبارهم على تلبية رغباتهم تحت طائلة التهديد، هو ما وقفت عليه “الشروق اليومي” في عدد من الجلسات بمختلف محاكم العاصمة.

“سكير” يتهجم على والده المقعد ويضربه بعنف

من بين القضايا التي عالجتها بعض محاكم العاصمة، ملف يخص شابا ثلاثينيا، أقدم على ضرب والده المقعد وتهجم عليه تحت تأثير المشروبات الكحولية، وذلك بعد منعه من افتعال الفوضى بالحي وإزعاج جيرانه خلال عودته ليلا إلى المنزل ثملا، حيث دخل الابن “العاق” في شجار مع أفراد عائلته ووالده الذي تلقى منه ضربا مبرحا، قبل أن يتدخل رجال الأمن لإيقافه، رغم مقاومته العنيفة لهم ورشقهم بالحجارة، مخلّفا إصابة أحد أعوان الشرطة.

.. مدمن مخدرا  يعتدي على أبويه بمفك براغي

أٌقدم مسبوق قضائيا ومدمن مخدرات يقطن بحي كوريفة رشيد في الحراش، على ضرب والديه بواسطة مفك براغي وهو تحت تأثير المؤثرات العقلية في شهر الصيام، حيث اضطر الأب لتقييد شكوى ضده أمام مصالح الأمن، تفيد أن ابنه اعتدى عليه وعلى والدته المريضة بمفك براغ قبل الإفطار بساعات، والتسبب لأحدهما بعجز لمدة 4 أيام، وهي الوقائع التي توبع بموجبها المتهم قضائيا.

شاب آخر في ربيع عمره أدين من قبل محكمة الحراش بعقوبة سنتين حبسا نافذا بتهمة التعدي على الأصول، عقب اعتدائه على والده المسن بالضرب والبصق عليه، وذلك بسبب رفضه اقتناء سيارة له، على حد تصريح الوالد خلال جلسة المحاكمة، الذي أفاد أمام القاضي وهو يذرف الدموع أن ابنه ضربه وسبّه وشتمه، بعد رفض طلبه شراء سيارة له، الأمر الذي دفعه لتقييد شكوى ضده أمام مصالح الشرطة قبل أن يحوّل على العدالة، أين أنكر الابن العاق ما نسب إليه.

“عاق” يضرب والدته ويجبرها على منحه النقود

تابعت محكمة الدار البيضاء مؤخرا، شابا في العقد الثاني من العمر استفاد من العفو الرئاسي بمناسبة عيد الاستقلال بتهمة التعدي على الأصول، راحت ضحيته والدته التي تجاوزت العقد الخامس من العمر، وكشفت الضحية أن ابنها اعتدى عليها بالسبّ والشتم والتهديد لرفضها إعطاءه النقود، وأكّدت أن ابنها لم يكف عن ضربها منذ سنة 2013، وتم معاقبته بعدة أحكام قضائية وإطلاق سراحه بعفو رئاسي، وقد استهجنت الرئيسة الفعل الذي اقترفه المتهم، وأكّدت أنّه تجاوز كل الخطوط الحمراء مع والدته.

.. وآخر يلكم زوجته الحامل ويضرب والدته بسبب الطعام!

وفي وقائع مماثلة لم تسلم والدة الشاب “حمزة.ب”، وزوجته الحامل في الشهر الثامن، من بطشه وجبروته، بعد اعتدائه عليهما وضربهما بسبب احتجاجه على نوعية الوجبة المقدمة له، ولم تجد الضحيتان حلاّ لردعه سوى اللّجوء إلى العدالة وتحرير شكوى رسمية ضده، بتهمة الضرب والجرح والتعدي على الأصول بعد تسبّبه في عجز جسدي لهما مدته بين 8 و10 أيام حسب تقرير الطبيب المختص الذي فحص الضحيتين، أين وجه لهما عدة لكمات على الوجه والبطن، وبالمقابل تمسّكت الأم وكنتها بحقهما في الشكوى لوضع حدّ لتصرفاته الطائشة، حيث تقرّر معاقبته لاحقا بعقوبة سنتين حبسا نافذا.

الإفراط في تدليل الأبناء يدفعهم إلى العقوق

وفي السياق، كشفت المحامية “فاطمة الزهراء. ب”، محامية لدى المجلس، أنّ عدد القضايا المتعلقة بجريمة التعدي على الأصول في تزايد مستمر أمام المحاكم، وأرجعت سبب ذلك إلى إفراط الآباء في “تدليل” أبنائهم، وتنفيذ رغباتهم ليصطدموا بعد عجزهم عن توفير متطلباتهم المبالغ فيها، بممارسات عنيفة ضدهم تصل إلى الضرب والشتم والاعتداء، وأضافت المحامية أنّ أغلبهم يعانون من مشاكل الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية، وهو ما يدفعهم عادة إلى ضرب آبائهم وتهديدهم من أجل الحصول على الأموال لاقتناء تلك السموم. وبخصوص العقوبات التي وضعها المشرّع الجزائري لردع ظاهرة التعدي على أحد الأصول، قالت المحامية أن القانون صارم في تلك الحالات وتصل العقوبات إلى عامين وثلاث سنوات حبسا نافذا، رغم تنازل الضحية عن الشكوى.

الطمع في الميراث من أسباب اعتداء الأبناء على آبائهم

بالمقابل، اعتبر البروفيسور في علم النفس أحمد  قوراية، أن ظاهرة تعدي الأبناء على آبائهم هي ظاهرة جديدة في مجتمعنا وتفاقمها مؤخرا راجع إلى عدم تلقي الأبناء التربية الجيدة والصحيحة، فضرب الطفل، حسب المتحدث، يجعله عدوانيًّا في صغره وقد يخلّف ذلك آثارا سلبية على نفسيته بعد بلوغه سن الرشد، كما حذّر قوراية من تداعيات ضرب الطفل على صحته النفسية في مراحل عمره المختلفة، وأن محاولة تهذيب سلوك الأطفال من خلال ضربهم وصفعهم على الوجه يمكن أن يؤثر سلبًا على حالتهم المزاجية والسلوكية، ويجعلهم أشخاصًا عدوانيين مستقبلا، وأشار البروفيسور إلى أن طريقة تعامل الآباء مع أطفالهم يكون لها تأثير طويل الأمد على تصرفاتهم.

من جهة أخرى، كشف قوراية أنّ الجشع والطمع من أجل الاستيلاء على الميراث، دفع البعض إلى التعدي على آبائهم وحتى قتلهم في بعض الحالات، كل ذلك من أجل الحصول على المال، مضيفا أن ذلك يصنف كمرض نفسي أو ما يعرف بـ”الجشع النفسي”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!