-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رغم الإدانة التي وجهها له البرلمان الأوروبي في 2021

هكذا يوظف النظام المغربي ورقة المهاجرين للضغط على إسبانيا

محمد مسلم
  • 2670
  • 0
هكذا يوظف النظام المغربي ورقة المهاجرين للضغط على إسبانيا
أرشيف

يوظف النظام المغربي ورقة المهاجرين غير الشرعيين من أجل الحصول على مكاسب سياسية ودبلوماسية، وهي الحالة التي يمكن تلمّسها بجلاء في العلاقة مع جارته الشمالية مدريد، وذلك رغم إدانة البرلمان الأوروبي لهذا السلوك في لائحة صادق عليها في جوان 2021.
وتم رصد هذا السلوك الذي تفوح منه رائحة الابتزاز، في ثلاث حالات لا يمكن للنظام المغربي أن يتنصل منها، آخر هذه الحالات هي تلك التي رافقت الأخبار التي راجت في وسائل إعلام إسبانية عن زيارة وشيكة لوزير الخارجية، خوسي مانويل ألباريس، للجزائر.
وتزامنا مع تلك الأخبار، قام العشرات من المهاجرين غير الشرعيين الموجودين على التراب المغربي بالقرب من مدينتي سبتة ومليلية الإسبانيتين، بمحاولات اختراق متفرقة على المدينتين سالفتي الذكر، تمكن خلالها 28 شخصا من اجتياز السياج الحدودي، وفق تقارير إعلامية محلية نقلا عن مصالح الشرطة الإسبانية.
واستنادا إلى بيانات المصالح الأمنية الإسبانية، فإن عمليات اقتحام السياج الحدودي كانت يوم الأحد 11 فبراير 2024، أي قبيل الزيارة المعلن عنها في إسبانيا، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول خلفية اختيار عامل الزمن لاقتحام المدينتين، علما أنه خلال الأشهر التي سبقت التحضير لزيارة المسؤول الإسباني إلى الجزائر، لم تُسجل أي محاولة اقتحام من قبل المهاجرين غير الشرعيين الموجودين على التراب المغربي، بالقرب من مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية.
أما الحادثة الثانية فتعود إلى شهر نوفمبر المنصرم، وبالضبط في نهاية الأسبوع الثاني، حيث أقدم أزيد من 500 مهاجر من إفريقيا ما وراء الصحراء، على اقتحام السياج الحدودي للمدينتين الإسبانيتين الموجودتين في أقصى شمال المغرب، وفق برقية لوكالة الأنباء الإسبانية “يوروبا براس”، بتاريخ 16 نوفمبر 2023.
والمثير في هذا التاريخ، أنه يصادف بيانا صادرا عن وزارة الخارجية الجزائرية بالخارج، يتحدث عن “موافقة الحكومة الإسبانية على تعيين الدبلوماسي، عبد الفتاح دغموم، سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى مملكة إسبانيا”، ما يؤشر على عودة التمثيل الدبلوماسي من الجانب الجزائري في إسبانيا، بعد سحب السفير السابق، سعيد موسي، إثر خروج الموقف الإسباني من الحياد بشأن القضية الصحراوية، وانحيازه لصالح النظام المغربي، في مارس 2022.
والسؤال الذين يتعين طرحه هنا وإن كان مكررا، هل توقيت اقتحام المهاجرين غير الشرعيين لسياج المدينتين الإسبانيتين انطلاقا من التراب المغربي، كان مجرد مصادفة؟ أم أن الأمر ينطوي على تواطؤ من قبل مصالح الشرطة وحرس الحدود المغربيين؟ ثم لماذا تقتصر محاولات الاقتحام لسياج المدينتين الإسبانيتين، على التواريخ التي ترتبط باستحقاقات جزائرية – إسبانية؟
الحالة الثالثة والأكثر فجاجة وخطورة، هي تلك التي وقعت بينما كان الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، موجودا في إسبانيا للعلاج من “كوفيد 19″، في أفريل 2021، حيث سمحت الشرطة المغربية للآلاف من المهاجرين باجتياز الحدود الإسبانية انطلاقا من التراب المغربي، ووصل عدد الذين اجتازوا الحدود ثمانية آلاف مهاجر غير شرعي في ظرف يوم واحد، وهو رقم أرعب السلطات الإسبانية حينها.
وربط المراقبون للعلاقات بين مدريد والرباط سماح الشرطة المغربية لآلاف المهاجرين باجتياح الحدود الإسبانية، بموافقة مدريد على استقبال الرئيس الصحراوي للعلاج، وكانت هذه الحادثة بداية لتحول موقف حكومة بيدرو سانشيز من القضية الصحراوية، حيث أقدم سانشيز على إقالة وزير الخارجية السابقة، أرانتشا غنزاليس لايا، باعتبارها هي من سمحت باستقبال الرئيس الصحراوي للعلاج، واستخلافها بالوزير الحالي، خوسي مانويل ألباريس، الذي يعتبر في نظر الكثير من النخب السياسية الإسبانية، خادما مطيعا للنظام المغربي.
وتكشف الحالات الثلاث التي سبقت الإشارة إليها، أن النظام المغربي يستعمل ورقة المهاجرين غير الشرعيين من أجل “تركيع” الحكومة الإسبانية برئاسة بيدرو سانشيز، وهو ما تسنى له، غير أنه جلب لنفسه إدانة من البرلمان الأوروبي في جوان 2021، أي بعد نحو شهر من إغراقه إسبانيا بآلاف المهاجرين، ومع ذلك لا يزال يمارس هذا الابتزاز بشكل فج للضغط على مدريد من أجل تحقيق مصالح ضيقة على حساب القيم الإنسانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!