-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا يُسخّر التّعليم لتشويه صورة الدّين

سلطان بركاني
  • 11995
  • 0
هكذا يُسخّر التّعليم لتشويه صورة الدّين
الأرشيف

تداول النّاشطون على مواقع التّواصل الاجتماعيّ في الأيام القليلة الماضية، صورةَ صفحة من كتاب مدرسيّ مغربيّ للمرحلة الابتدائية، ورد فيها نصّ قصير للقراءة، يخاطب التّلميذ قائلا: “أثار انتباهك وأنت تتجوّل في الحديقة العموميّة لمدينتك، الضّجيج الذي أحدثه بعض الأطفال وهم يؤدّون صلاة العصر في مكان داست فيه أرجلهم الزّهور والنّباتات”، ليُطرح بعده السّؤال: “هل توافق هؤلاء الأطفال على فعلهم؟”!.

ليس يخفى أنّ الغرض من إدراج هذا النّصّ وعشرات النّصوص والصّور الأخرى التي تدسّ في كتب “الإصلاحات” في الدول العربية، هو ترسيخ فكرة أنّ التديّن والمحافظة على الواجبات الدينيّة، ترتبط –بالضّرورة- بأفعال وسلوكات سيّئة يتأذّى منها المجتمع وتؤثّر سلبا على المحيط.

وإذا كانت قرائح من أوكلت إليهم مهمّة الإصلاحات في المغرب قد تفتّقت عن فكرة تشويه صورة المتديّن المحافظ على صلاته بهذه الطّريقة التي تبدو غبيّة بالنّسبة لعاقل راشد يتساءل: أيّ ضجيج يمكن أن يحدثه أطفال يصلّون صلاة سرية؟ ولماذا يتحدّث كاتب النصّ عن أطفال يصلّون ولا يتحدّث عن أطفال يلعبون الكرة ويجرون ويصرخون ويتلفّظون بكلمات نابية ويدوسون الحشائش والأزهار؟ أو عن أطفال يرمون بقايا الأطعمة في أماكن جلوس النّاس في الحديقة العامّة؟ ربّما تبدو فكرة مؤلّف الكتاب ومعدّ النصّ ساذجة وغبية بالنّسبة لعاقل راشد، لكنّها تفعل فعلها في تلميذ لا يعلم شيئا عن الجهة التي أعدّت له الكتاب، ولم يبلغ بعد مرحلة التّمحيص التي يتمكّن معها من عرض ما يقرؤه على عقله.. إذا كان أدعياء الإصلاح في المغرب قد لجؤوا إلى هذه الحيلة السّاذجة لبلوغ بعض أهدافهم، فإنّ نظراءهم في الجزائر تفتّقت قرائحهم عن فكرة أخرى لتشويه صورة الحجاب في المؤسّسات التربويّة، عندما ألمحوا في ثنايا مشروع قرار وزاري جديد يحدد كيفيات تنظيم الجماعة التربوية وسيرها، إلى أنّ الخمار وسيلة من وسائل الغشّ التي ينبغي محاربتها والتّضييق عليها في مواسم الامتحانات، وهو ما يجعل التلميذات يتوجّسن من لبس الخمار خشية أن يتمّ حرمانهنّ إجراءَ الامتحانات، ويمكن أن يحمل كثيرات منهنّ –حسب ما يأمله أدعياء الإصلاح- على إيثار التخلّي عن الخمار بدل التعرّض للإحراج!!!.

الزّحف الممنهج الذي أعلنه العلمانيون ودعاة التغريب في الجزائر على عناصر الهوية في المنظومة التربويّة، ليس سعيا منفردا، وإنّما هو مشروع واضح المعالم والأهداف يتولّى تنفيذه العلمانيون بالنيابة عن الغرب في معظم بلاد العرب والمسلمين.. الغرب الممتعض من تنامي الصّحوة الإسلاميّة، وفي مقدّمته أمريكا راعية الفساد في العالم، وتحت يافطة “تجفيف منابع الإرهاب”، يضغط الآن عبر المنظّمات الدولية للتربية والتعليم والثّقافة، على دول المسلمين لتسخير الإعلام والتعليم والثقافة لإبعاد الدّين عن حياة الأجيال القادمة، ويسعى لاستغلال وسائل الاستعمار الحديث، لبلوغ غاياته، مستعينا في ذلك بأوليائه من العلمانيين والتغريبيين الذين ما عادوا يستخفون بعقدهم الإيديولوجية الشاذّة، ولا يستحون من البوح بأهدافهم.. لقد بدأ هؤلاء المفسدون بالوكالة، بالإعلام والثقافة، وهم الآن يعملون لتسخير التّعليم ليكون الوسيلة الأنجع لإبعاد أبناء المسلمين عن دينهم. ربّما يكون الفصل بين الدّين والتّعليم أحد الأهداف، لكن يبدو أنّ هذا الهدف يوطّأ لبلوغه بأساليب ماكرة أبرزها تشويه صورة الدّين لدى التلاميذ والطّلبة، بحيث تتكفّل المناهج الجديدة بتصوير الالتزام بتعاليمه على أنّه قرين لكلّ معاني التطرّف والتخلّف، والتحرّرَ من سلطانه على أنّه قرين للتحضّر والرقيّ!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!