الجزائر
انسجام غير مسبوق بين مؤسسات الدولة حول الملف

هل أصبح تقنين تجريم الاستعمار مسألة وقت؟

محمد مسلم
  • 2007
  • 12
الشروق أونلاين

وضعت الحكومة نواب المجلس الشعبي الوطني تحت مسؤولية كبيرة، فيما يتعلق بإعادة تفعيل مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، الذي ينام في أدراج المجلس الشعبي الوطني منذ أزيد من عقد من الزمن.

الحكومة تبرأت من أي مسؤولية لها في تعطيل مشروع قانون تجريم الاستعمار، وقالت على لسان وزيرها للخارجية، صبري بوقادوم، خلال ندوة نشطها بيومية “الشعب” “لم ولن تتدخل في عمل البرلمان بشأن مطالب “التعويض” عن جرائم الماضي الاستعماريّ”، وهو أول تصريح من مسؤول سام في الحكومة، بشأن هذه القضية، التي كانت ولا يزال محل شد وجذب.

ويجسد كلام وزير الخارجية القاعدة الدستورية التي تتحدث عن الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما يحمل كلام الوزير إيحاءات مفادها أن الحكومة لا تعارض تفعيل هذا المشروع، الذي يلقى ترحيبا من قبل فئات واسعة من الجزائريين.

وقبل ذلك، كان وزير المجاهدين الطيب زيتوني، قد وعد بحل هذه المعضلة: “أعلن بدون مواربة بأننا سنمضي نحو سن قانون لتجريم الاستعمار لا مفر من ذلك”، وشدد: “قانون تجريم الاستعمار سيكون قانونا ذا قيمة معنوية مساوية للدستور نفسه”.

ويبدو أن رئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين، قد اقتنع أيضا بضرورة السير على طريق إعادة بعث المشروع، عندما قال في ختام تبني الثامن من ماي يوما وطنيا للذاكرة، إن “تجريم الاستعمار مطلب شعبي، وقرار سيادي، لا يعني النواب فقط، إنما كل الشرفاء، وهم كثيرون مقابل الذين يعطلونه وهم قليلون”، وقال أيضا إن “الجزائر الجديدة على طريق تحقيق أمانة الشهداء ببعد وطني كبير، ومعرفة دقيقة لما يحاط حولها من تحولات”.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، لم تتوقف مطالب الأسرة الثورية وغالبية الأحزاب السياسية والحركة الجمعوية، بضرورة إعادة بعث مشروع تجريم الاستعمار، الذي يوجد من بين بنوده، إجبار المستعمرة السابقة على تقديم تعويضات عن الضحايا الذين سقطوا خلال حقبة الاحتلال الفرنسي البغيض، وبسبب نهب الثروات، والتجارب النووية في جنوب البلاد وتداعياتها.

كما يشهد المجلس الشعبي الوطني حركية، تمثلت في إقدام 120 نائب على تنصيب لجنة لمتابعة مشروع قانون تجريم الاستعمار، الذي أودع لدى إدارة المجلس نهاية جانفي الماضي، وطالبوا سليمان شنين بالتعجيل بتحويله للحكومة للنظر فيه.

وكان النائبان (السابقان) المبادران بمقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار، مصطفى عبدي عن حزب جبهة التحرير الوطني، ومحمد حديبي عن حركة النهضة، قد أكدا لـ”الشروق” في وقت سابق، أن حكومة أحمد أويحيى، هي التي وقفت في طريق المقترح، بحجة أن المشروع يتداخل مع السياسة الخارجية التي تبقى من الصلاحيات الحصرية لرئاسة الجمهورية.

ولأول مرة يحصل هذا الانسجام بين مختلف مؤسسات الدولة، وكذا بين السلطة والمعارضة، بشأن قضية قديمة متجددة، فهل بات تجريم الاستعمار على الأبواب حقا؟

مقالات ذات صلة