هل انتهت مشاكل الجزائر؟

رشيد ولد بوسيافة

دفعة واحدة انتهت كل مشاكل الجزائر وتحدياتها الخارجية والداخلية ولم يبق إلا خطأ موقع الجزيرة على الانترنت لتتوحد من أجله الأمة بأحزابها وإعلامها وهيئات مجتمعها المدني وتنهض كلها لمواجهة هذا الخطر الداهم من قناة الجزيرة التي لم يتردد وزير التضامن الوطني في لعن القناة لأنها استباحت أرواح الجزائريين وتلذذت بالجرائم حسب وصفه !استفتاء موقع الجزيرة كان فعلا خطأ مهنيا من الدرجة الأولى، وقد اعترف بذلك مسؤولو القناة وتحرك الصحفيون الجزائريون العاملون بها من أجل تصحيحه ، لكن أن يتحول الموضوع إلى قضية دولة وتتحرك الجهات الرسمية وغير الرسمية إلى استخدام الخطأ وتحويله إلى معضلة القرن، وتناسي المآسي الحقيقة للشعب الجزائري، بل ومحاولة تقديم العزاء لعائلات ضحايا التفجيرين عن طريق التصدي للقناة ومتابعتها قضائيا في المحافل الدولية، كل ذلك يعبر عن أزمة وقصور في تقدير الواقع والتحديات.
خطابات وبيانات وتهديد ووعيد من قبل منظمات كبيرة وأخرى صغيرة لا يسمع لها صوت إلا في محافل التنديد التي تعقب الإساءات الصادرة من جهات أجنبية، بينما يتم السكوت عن المعضلات الداخلية وأبرزها المشهد الإعلامي المغلق الذي تحول معه الجزائريون إلى القنوات الأجنبية لإرواء فضولهم الإعلامي، وعوض أن يتم التفكير في وضع حد لهذا الوضع الشاذ هبت كل الأصوات للتصدي لقناة الجزيرة التي رغم خطئها الجسيم فإن الواقع يقول أنها موجودة في كل بيت جزائري.
إذا كانت قناة الجزيرة مطالبة بفهم الواقع الجزائري والتعامل معه بمهنية، وتفادي الوقوع في مطبات مماثلة لاستفتاء كانت نتيجته إباحة دماء الجزائريين وذلك مدعاة للغضب والاستنكار، فإن الواجب على الرسميين وغير الرسميين في الجزائر هو التخلي عن فكرة الشماعة التي تلقى عليها مسؤولية ما يحدث للجزائريين على أيدي الإرهاب، والابتعاد عن التوظيف السياسي لخطأ مهني وتغطية المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها البلاد بافتعال معركة ضد قناة بل صحفي أساء صياغة سؤال !
إننا نخشى أن تؤدي هكذا حملة محمومة وغير مدروسة إلى نتائج عكسية ككل الحملات التي كانت تقوم بها السلطة وتنحرف عن مسارها فتعطي نتائج عكس ما كان يتوقع