-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تحبّ الله؟

سلطان بركاني
  • 518
  • 0
هل تحبّ الله؟

من السّهولة بمكان أن يسارع الواحد منّا إلى الإجابة عن هذا السّؤال من دون تردّد. لكنْ، من منّا يستطيع أن يبرهن على إجابته من همّه وحاله وواقعه؟ ماذا لو سأل كلّ واحد منّا نفسه في لحظة صدق: سنوات كثيرة عشتها بعد البلوغ، تُرى كم منها كان لله ولدينه؟ ساعات تنقضي من عمري كلّ يوم، ترى كم ساعة منها أجعلها لله؟ كم جعلت لله من قلبي ومن حياتي؟ ما هو الهمّ الأكبر الذي أحمله في هذه الدّنيا؟ هل قلبي متعلّق بالله وما عند الله، أم تراه متعلقا بالدّنيا أسيرا لهمومها؟ كم مرّة آثرت ما عند الله على شهواتٍ ومتع محرّمة من هذه الدّنيا؟ كم مرّة دعتني نفسي إلى ريبة فقلت: يا نفس اتّق الله الذي يراك ويسمع سرّك ونجواك؟… لو أجاب الواحد منّا عن هذه التّساؤلات بكلّ صدق لاستحيى من نفسه، واستحيى قبل ذلك من ربّه، وعرف أنّ محبّة الله -جلّ في علاه- في قلبه قد تكون جذوة صغيرة تكاد تخبو وتنطفئ.

يتودّد إليك بالنّعم وأنت معرض عنه!

تأمّل أخي المؤمن في نفسك وحالك وواقعك، وحاول أن تستحضر نِعم الله عليك في هذه الدّنيا لتشعر بالحياء من خالقك الذي يتودّد إليك بالنّعم وأنت معرض عنه، ولا تعطيه إلا فضول أوقاتك وهمومك! ابدأ وعُدّ معي: وفّقك -سبحانه- لتكون مسلما من بين الملايير من البشر، أنت مسلم مؤمن وحولك في هذا العالم ما لا يقلّ من 6 ملايير كافر بين مشرك وملحد.

فتحَ أبواب رحمته لتتوب وتؤوب إليه سبحانه، ووعدك مغفرةَ الذّنوب وستر العيوب إن أنت ندمت ورجعت، وفوق هذا وذاك يفرح بتوبتك.. منحك من فرص مغفرة الذّنوب كلّ يوم وكلّ أسبوع ما لا يعدّ ولا يحصى: الوضوء الصّحيح والمشي إلى المسجد تغفر بهما الذّنوب، الصّلوات الخمس في بيت الله تمحى بها الخطايا والعيوب، الذّكر بعد الأذان وبعد لبس الثّوب وبعد الفراغ من الطّعام تقال به العثرات. الجمعة إلى الجمعة كفّارة لما بينهما لمن اغتسل وبكّر ودنا ولم يلغُ… وهكذا.

كتب سبحانه أن يضاعف الحسنات ولا يضاعف السيّئات، الحسنة بعشر أمثالها إلى 700 ضعف، والسيّئة لا يكتبها ملك السيّئات إلا بعد 6 ساعات ينتظر لعلّ صاحبها يتوب، فإن لم يتب كتبها سيّئة واحدة، فإن تاب منها بعد ذلك محيت، فإن حسنت توبته كتبت مكانها حسنة. الحسنة تمحو السيّئة، والسيّئات مهما عظمت (دون الشّرك) فإنّها لا تمحو الحسنات.

يشتاق -جلّ في علاه- إلى عبده في بيته ويدعوه 5 مرات كلّ يوم. يشتاق إلى دعائه فيبتليه بالهموم والأمراض ونقص الأموال، لعلّه يرفع يديه ليسمع دعاءه ويرى بكاءه.. يخفّف عنه في مرضه وسفره فيسقط عنه الصّوم، ويسقط عنه شطر الصّلاة. أحلّ له كلّ الطيبات ولم يحرّم عليه إلا الخبائث والمهلكات، بل وأباح له المحرّمات في حال الضّرورات.. يمتّعه بالصحّة والعافية ويكلّف ملائكته بحفظه ليلا ونهارا: ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ))، ويرزقه من حيث لا يحتسب: ((وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)).

وماذا بعد كلّ هذا؟

هذه نعم تحصيها من بين ما لا يحصيه إلا الله من النّعم التي تتقلّب فيها باللّيل والنّهار. أفلا يجعلك كلّ هذا تحبّ الله وتستحيي منه جلّ في علاه؟ أ فلا يجعلك كلّ هذا تستحيي من نفسك يوم تضيع منك كلّ تلك الفرص التي منحك الله إياها، لتأتي يوم القيامة بسجلات أمثال الجبال من السيّئات؟ تأتي لتقف أمام الميزان تتملّكك الحسرة ويعلوك الذلّ والهوان، وأنت ترى أناسا كنت تعرفهم في الدّنيا معهم سجلاتُ حسناتٍ أمثال الجبال، فلا تملك إلا أن تعضّ أصابع النّدم وتقول: ((يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِين)).. “وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ”: أي: وإن كنت من اللاهين اللاعبين؛ كنت أظنّ العمر أطول من ذلك، كنت أظنّ الأمر أسهل وأهون من ذلك، ثمّ لا تملك إلا أن تقول: ((يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!