الشروق العربي
من الواقع

هل تحل زوجة أبي محل أمي…؟

الشروق أونلاين
  • 7309
  • 0

امرأة غيورة، أنانية وقاسية، تسببت في تدمير مستقبل فتاة جميلة في ريعان العمر، وأخرجت بمتاعبها شابا من بيت والده، والعديد من المشاهد المقتطفة من المسلسلات وأفلام الكارتون كـ”سندريلا”، تحضر الأبناء فور وصولهم خبر زواج الوالد، إنها صورة سوداء يحملها أغلب الناس عن شخصية زوجة الأب، والتي أوضحت معالمها القصص والروايات المتداولة بين العامة، جعلت المحيطين ينظرون إلى الأب على أنه ضحية مغرر به بحب واهتمام مزيف، ويتوقعون للأبناء حياة مرة عصيبة، ومستقبلا سيئا، ولكن.. هل يملك الواقع أن يغير هذه المفاهيم؟

زوجة أبي وابناؤها

لا يمكن لعقل الابن بفطرته، أن يستوعب الإرادة الربانية التي اقتضت وفاة والدته أو انسحابها عن حياته لتحل محلها زوجة جديدة، يتأتى له بأنها من ستسرق والده عنه، وتزرع بذور الشقاق والخلاف في بيتهم، بينما هناك حالات كثيرة من عمق هذا المجتمع تظهر صورة مغايرة تماما لتلك التي ألفناها عن الضرة، وتبين وجود ضرائر عطوفات على أبناء أزواجهن، يعاملنهم كما يعاملن أبناءهم، فالسيدة زينب تزوجت أب سيف الدين لما تركته أمه وكان عمره 9 سنوات، ربته أحسن تربية ولم تفضل عليه أحدا من إخوته، يقول سيف الدين: “كانت لي أما ثانية، علمتني وسهرت لأجلي كأنها والدتي، واليوم ترعى صغيرتي أيضا، لقد كانت دائما تردد لإخوتي حين تخالني لا أسمعها، بأني أخاهم أيضا وأحتاج لعطف أكبر لأني يتيم..”، فعلى غرار زوجات الآباء اللواتي لا هم لهن غير خلق الأحقاد والغيرة بين أبنائهن وأبناء ضرائرهن، ويجتهدن طول الوقت لتوفير الرفاهية لأبنائهن وجعلهم ينجحون على حساب إخوتهم، هناك زوجات أخريات يراعين الله في اليتامى أبناء أزواجهن ويكسبن ودهم وحبهم بتقديم المساعدة لهم وتعويضهم ولو بقليل عن حنان والدتهم الغائب، فكم من زوجة أب وزعت حنانها وتعبها بالتساوي، فوجدت في وقت حاجتها رد الجميل من أبناء زوجها أكثر مما وجدته من أولادها الذين أنجبتهم، ويرجع الأخصائيون هذا الأمر إلى إحساس أبناء الزوج بالامتنان لمعروفها بما أنها غير مجبرة على رعايتهم جسديا وعاطفيا.

يكفيني العيش بسلام معها

من الصعب أن يتقبل الأبناء حلول امرأة دخيلة محل الشخص الأكثر أهمية في الأسرة، فبعد صدمة فقدان الأم أو انفصالها عن الأب، يعتبر قرار الأب بزواج جديد تحديا كبيرا، يجتاز من خلاله أشواطا من المعاناة والمحاولات لإقناع الأبناء بتقبل أم بديلة، وكذا إقناع الزوجة برعايتهم، لأن الأمر يصعب عليها كذلك، فهي مطالبة بالصبر والتضحية لخلق علاقة طيبة بين الجميع، وقليلات جدا من يفلحن في هذا ويقدن الأسرة الغارقة في الأحزان لأن ترسو على بر الأمان، كما حدث في بيت ياسمين 24 سنة، التي تزوج والدها منذ أشهر، بعد وفاة أمها، تقول: “كانت تمتلكنا مشاعر الألم والانكسار جراء فقدانها، فازداد الأمر سوءا، عندما خالطها الإحساس بعدم الأمان والتنبؤ بغياب الاستقرار، لكن عند قدوم زوجة أبي إلى المنزل حدث العكس، فهي تشجعنا ولا تطالبنا بأشغال المنزل، لأننا نعمل خارجه، ولا تطالبنا بالمصاريف، كون والدنا محدود الدخل، هي لا تتصرف كباقي زوجات الآباء، لم تعوضنا حنان وعطف الوالدة، لكنها على الأقل تتقي الله فينا وتتركنا نعيش بسلام..”.

إذا رغم التجاوزات الكثيرة التي تسجلها زوجات الآباء في حق أبناء أبرياء وأحيانا بتواطؤ من والدهم، ليس علينا أن نكون مجحفين في حق هذه المرأة، فليست كل من تزوجت أبا عذبت أبناءه وقست عليهم، هناك من هن على قدر من الدين والأخلاق فيقمن مقام الأم في التربية والحنان والعدل.

مقالات ذات صلة