الشروق العربي
تختلف الحجج والأدلة

هل تسمح لزوجتك بالسفر لوحدها؟

صالح عزوز
  • 6696
  • 37
ح.م

 يطرح الكثير من الأشخاص، على اختلاف مستوياتهم ومعتقداتهم، مسألة سفر المرأة لوحدها، سواء داخل الوطن أم خارجه. لذا، يحدث هناك جدل كبير، في هذه القضية، بين معارض للفكرة تماما، ولا يفتح حتى باب النقاش فيها، وبين من يراه أمرا عاديا، في ظل الكثير من الظروف في عصرنا هذا. وبين هذا وذاك، تختلف الحجج والأدلة، كل يدلي بدلوه على حسب اعتقاده ومستواهم وظروف معيشتهم.

يتفق الكثير من الناس في مسـألة كون المرأة عورة، صوتا وجسدا وسيرا وتصرفا مع الغرباء. ومن هذا القبيل، يرون أن سفر المرأة لوحدها غير مشروع أصلا، فما دامت هي كذلك، يرى الكثير ممن يعتقدون هذا الرأي، أن المرأة مهما كانت مسنة أو صغيرة، متزوجة أو عزباء، لا يحق لها السفر من دون محرم معها، حتى ولو كان هذا الأمر من أجل زيارة أقاربها داخل الوطن. أما السفر خارجه، فلا يمكن بكل حال من الأحوال، وهو منهي عنه شرعا، ولا جدال ولا نقاش في الأمر، حتى ولو توفرت الكثير من الأدلة التي ربما تجيز للمرأة التنقل لوحدها في ظل ظروف معينة أو استثنائية، تتحصل من خلالها على رخصة يمكن لها بها أن تسافر لوحدها. بل في استطلاع رأي، في هذا الموضوع، الذي اعتبره الكثير من الأشخاص بمثابة الضرب على أوتار الفتن، يعني كمن يريد أن يوقظ فتنة من خلال طرح مثل هذه المواضيع، لأنها من بين المواضيع التي فصل فيها منذ زمان، كدولة مسلمة تسير وفق الشرع. لذا، يرى أصحاب هذا الرأي أنهم لا يسمحون لها بالخروج لوحدها إلى السوق، أو حتى بالذهاب إلى الهيئات الرسمية من أجل استخراج وثائقها في نفس الحي الذي تسكنه.. فكيف لهم السماح لها بالخروج خارج حدود ولايتها أو حدود الوطن.. وهذا أمر غير وارد إطلاقا، ولا يمكن الحديث فيه.

في المقابل، نجد أن الكثير من الأشخاص أجازوا لها السفر لوحدها، على الأقل داخل الولاية أو هنا في الوطن، وهذا انطلاقا من عدة حجج وأسباب، أولها، أن السفر المنهي عنه، هو ذلك السفر بالوسائل التقليدية الذي قد يبقي المرأة خارج بيتها، أكثر من شهر أو شهرين كما كان في الماضي، حين كان السفر على البغال والجمال، ولما سقط هذا السبب، وأصبحت المرأة تصل إلى الاتجاه الذي تريده في ساعة أو نصف ساعة، في ظل توفر وسائل النقل الحديثة، خاصة الطائرات والقطارات، وهذا لا يحقق لها الخلوة كما كانت في الماضي، لذا فسفرها لوحدها ليس فيه حرج، وهو أمر عادي جدا.. ثانيا، أن امرأة اليوم ليست تلك المرأة في العصور الغابرة، هي عاملة في الكثير من المجالات، وهذا يتطلب منها في الكثير من الأحيان السفر والتنقل، فلا يمكن لها أن تنتظر أحدا من أهلها في كل مرة تريد السفر لقضاء حاجياتها أو لشغلها، وهو سبب يسقط حرج سفر المرأة لوحدها.

بين معارض لسفر المرأة لوحدها، وبين من لا يرى حرجا فيه، وبين من يتحجج بحجج شرعية، وآخر بحجج الحداثة والتطور، تبقى المرأة مخيرة في ما تفعله، وربما لها رأي آخر في سفرها هذا.

مقالات ذات صلة