-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
هاشتاغ لعجار للحماية من كورونا يثير الجدل

هل حان موعد لعجار؟

فاروق كداش
  • 2931
  • 8
هل حان موعد لعجار؟
ح.م

تتحسر الكثير من النسوة والعجائز على زمن حايك المرمى والملاية وبوعوينة والعشعاشي، ويقرنّه دائما بالحرمة والحشمة في زمن شحت فيه القيم… وتفيض عيونهن حنينا عندما يأتي ذكر العجار الحريري المطروز بالكروشيه، قطعة قماش لا تظهر من المرأة سوى عينيها المضرجتين بالكحل الأسود… فهل يعود لعجار للتصدي لكورونا.

 علقت إحدى الفايسبوكيات على صورة امرأة ترتدي قناعا حاميا من الأوبئة وتساءلت: “ألم يحن الوقت لعودة العجار إلى خزانتنا خاصة في زمن الكورونا”… كان تعليقا ظريفا، ولكنه يعكس حالة من الحنين إلى السترة والحشمة المفقودتين الآن في لباس المرأة الجزائرية، التي احتارت على أي قدم تترنح… هذه الفكرة كانت كفيلة بحصد اهتمام المئات من مريدات موقع التواصل الاجتماعي، اللواتي رحبن بالفكرة، لا كطريقة علمية للحماية من فيروس كوفيد 19 المتسبب في كورونا، لكن كحجة للعودة إلى الأصل.

 وحصدت صورة طريفة أخرى لرجل يلبس عجارا، مكتوب تحتها: “عاجل.. العجار الحل الوحيد للقضاء على كورونا” آلاف اللايكات والتعليقات الساخرة.

خالتي فاطمة، وهي من سكان القصبة، تؤكد أنه لو بقي العجار لما تغيرت عقلية المرأة اليوم، “كان العجار سترة وشان وهمة”.. وتضحك: “مع لعجار، المرا مستورة، وما تخافش من كورونا”.

أما الدكتورة راضية، وهي طبيبة محجبة، سألناها عن إمكانية لبسها العجار خاصة مع وباء كورونا فردت بحدة: “الزمن اختلف وما كان ينفع الجدات لا ينفعنا، فأنا لا أرى نفسي أرتدي العجار وأمشي به في الشارع… والعجار لا يقي من أنفلونزا وكورونا، لأنه مصنوع من خيوط الحرير، وهي ليست عازلة”… لامية، طالبة، ترى الأمر من زاوية أخرى: “ارتداء المرأة الزي المحتشم قد يقيها من أمور كثيرة، كما كانت حال جداتنا مع الحايك ولعجار وغيرها من الألبسة التقليدية، وأجد أنه في زمن الأوبئة قد يكون درعا واقيا للمرأة من العطاس والسعال وغيرها من طرق العدوى، بالإضافة إلى أن المرأة أصبحت تصافح الرجل في العمل أو في أي مكان أو مناسبة مما قد يسبب العدوى، بينما كانت الجدات والأمهات قليلا ما يفلعن ذلك، وإن فعلنه فبعد تغطية اليد بطرف اللباس الذي يرتدينه ويتحججن بوقار بالوضوء”.

تاريخ العجار

يقال إن الحايك مصدره الببلوس دوريان، وهو اللباس اليوناني، الذي انتشر في نوميديا في عهد ماسينيسا. وتطور هذا اللباس مع مرور العصور، ليتحول إلى ما هو عليه الآن… غير أن الحرمة كانت تستدعي أن تغطي المرأة وجهها عند الخروج لقضاء حاجياتها والتبضع، فظهر العجار المستوحى من النقاب الشامي مع نزوح المسلمين من الأندلس واستقرارهم في الجزائر… وحسب بعض المصادر، فإن تاريخ دخول هذا العجار كان في القرن الخامس عشر، في وقت كانت العاصمة تكسب مكانة استراتيجية واقتصادية بين مدن البحر الأبيض المتوسط، وجاء في مذكرات الأب هايدو، وهو راهب ومؤرخ إسباني، أثناء زيارته إلى الجزائر: “كي لا يراهن أحد كانت الجزائريات يغطين وجوههن بقطعة قماش مثلثة ومصنوعة من الحرير”..

وتبنت العاصميات هذه الموضة، خاصة أن العجار كان يسمح لهن بالتجوال بحرية دون الانهماك في تغطية الوجه بطرف الحايك، ويجمع الكثير من المؤرخين على أن المرأة الجزائرية كانت تتمتع بمزايا عديدة وحريات قد لا تجدها في الوقت الراهن، وكن يتجولن ويتسوقن ويتكلمن الصابر وهو لهجة تجارية… وكانت اليهوديات يرتدين الحايك أيضا ولكن دون عجار، كي لا يتم الخلط بينهن وبين بنات الحسب والنسب والعفة والوقار… وبقي العجار حبيس العاصمة لمدة طويلة، قبل أن يتعمم في العديد من الولايات، خاصة قسنطينة والتيتري في القرن التاسع عشر.

ولا يظهر العجار مثلا في الحايك الوهراني، بينما تخفي المرأة في غرداية وجهها بلف الحايك كاملا على الوجه وترك عين واحدة كي ترشدها إلى الطريق، وهو ما يسمى بوعوينة.

استر يا لعجار من عينين الجار وكورونا

 تختلف الروايات عن أصل كلمة عجار، ولكن أغربها ما ترويه لالة خوخة: كانت يما، الله يرحمها، تحكي لي على قصة الرجل الذي غار على مرتو من خزرة الجار”، وتكمل: اداها للخياط وقالو خيط لي قماش يستر الوجه… سألو الخياط: وعلاه؟ فرد عليه الرجل وقالو باش نسترها على الجار”… ومن “على الجار” تحولت إلى لعجار… كم هو جميل اللعب على الكلمات.

في الأخير، كورونا لن يتغير، والعجار لن يعود إلى شوارعنا.. هو مجرد تنفيس عن النفس وسخرية لتجنب الإحباط، وكما تقول مقولة شهيرة: “إذا رأيت الناس تكثر الكلام المضحك وقت الكوارث، فاعلم أن الفقر قد أقبل عليهم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • صالح الجزائري

    ليت أيام الحشمة و أيام الزمن الجميل تعود

  • Omar one dinar

    Le pouvoir des renverceurs a combatu et massacrer tout ce qui est de nos traditions. Et il a importe les traditions comme toutes les 99% importation s

  • جاجالو جاجالو

    بالإضافة إلى أن المرأة أصبحت تصافح الرجل في العمل أو في أي مكان أو مناسبة مما قد يسبب العدوى، بينما كانت الجدات والأمهات قليلا ما يفلعن ذلك، وإن فعلنه فبعد تغطية اليد بطرف اللباس الذي يرتدينه ويتحججن بوقار بالوضوء”. أرأيتم المغالطات، مصافحة المرأة للرجل أو العكس حرام شرعا، حب من حب وكره من كره،

  • جاجالو جاجالو

    ، مصافحة المرأة للرجل أو العكس حرام شرعا، حب من حب وكره من كره، جاء في حديث صحيح رواه الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وصححه الألباني - رحمه الله- في السلسلة الصحيحة رقم (226) وفي صحيح الجامع برقم ( 5045)، والراجح من تفسير الحديث أن اللمس هو لمس الجلد للجلد

  • مستغرب

    من خلال بعض الاراء يتبين ان المستوى التعليمي لا يعكس ابدا مستوى الوعي لدى الفرد
    دكتور طبيبة تقول ان ما نفع جداتنا لا ينفع بهذا الزمن العجار
    بالاصل وضع للسترة ارضاء لله وليس لارضاء نفسك او غيرك
    بينما تجد طالبة في بداية مواصلة تعليمها العالي تحمل وعي اكبر وافضل من دكتور
    تقول ان العجار يقي المراة من امور كثيرة
    بسبب الاختلاط بين النساء والرجال اليوم بكل مكان حتى لم نعد نميز بين المتزوجة والعازبة
    فما بالك حين نصل الى مصافحة النساء والرجال داخل اماكن العمل دون الخوض بتفاصيل اكثر ..
    كانه لا توجد حرمة ولا يوجد دين نتبعه وخالق نعبده
    لنستنتج انه حتى مع وجود البلاء توجد قلوب لا ايمان لها

  • la rebelle

    ..آه...... على حايك مرمة و لعجار آه......يا ليتني كنت من ذاك الجيل المجاهد في الحياة... ...

  • sarah

    العودة الى الاصل فضيلة

  • عبد احميد شريط

    رحمة الله على امهاتنا اسكنهن الله فسيح جينانه وعوضهن من حيائهن في دنياهم،
    وغفر لنا ولنسائتا في هذا الزمن الرديء، ومالنا حيلة الا ان نرفع ايدينا وندعوه ان يرفع عنا هذا الجهل ويساعدنا للرجوع الى طريقه المستقيم، قولوا امين.