-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل صيام رمضان فرض أم على الخيار؟ (2)

خير الدين هني
  • 647
  • 0
هل صيام رمضان فرض أم على الخيار؟ (2)

قال الله تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ * فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ * وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون)) (البقرة: 183- 184).

مدار الحديث في مقالتنا هذه، يرتكز على الآية الرابعة والثمانين بعد المائة من سورة البقرة: وهي الآية التي اعتمدها من جعلوا صيام رمضان على الاختيار، وليس على سبيل الفرض والوجوب، قال الله عز وجل: ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ))، وقد نزلت هذه الآية -كما قال مجاهد- في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم، والمرأة العجوز، والمريض الذي لازمه مرضه، وليس على الأصحاء من الرجال والنساء، ممن يطيقون الصيام بالشروط المنصوص عليها في فقه الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مثلما فعله أنس بن مالك –رضي الله عنه- حينما تقدّمت به السن (ت: 92/ 93ه)ـ، بعد أن تجاوز المائة بسنة أو سنتين، ولم يعد قادرا على الصيام، فأعدّ جفنة من ثريد ودعا ثلاثين مسكيناً فطعمهم، ولا بأس من إطعام مسكين في كل يوم لمن لا يتيسر له إعداد وجبة ثلاثين مسكينا مرة واحدة.

وفي رواية لمعاذ: أن الصوم بالخيار أو الفدية كان في ابتداء التشريع للصيام، فمن شاء صام ومن شاء أفطر، وفي رواية للبخاري عن سلمة بن الأكوع، أنه قال: لما نزلت: ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين))، كان بالتخيير لمن أراد أن يفطر يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها، أي: أبطلت حكمها، وهي الآية (185) من سور البقرة: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))

والذي يفسر القرآن الكريم، لابد أن يفسر معانيه وأحكامه ومقاصده ودلالاته ومحكمه ومتشابهه، انطلاقا من معرفة سبب النزول وأقوال العلماء والمفسرين الراسخين في العلم، من طريق النقل الموثوق والتحقيق الدقيق والتواتر المشهور، لأن مناسبة النزول هي من يحدّد مشروعية الأحكام ومقاصدها، ولا يفسّر القرآن هرطيق متقوِّل برأيه وهواه وبما يظن أنه صحيح أو مترجح لديه، كما يفعل مارقة العصر وضلاله والأدعياء من صعاليك العلم المتعالمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!