-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وهم القاعات المغلقة يصطدم بنقص الخبر والإمكانات

هل فشلت مساعي التنمية الذاتية في الجزائر؟

نسيبة علال
  • 566
  • 0
هل فشلت مساعي التنمية الذاتية في الجزائر؟

ملايين، أنفقها شبابنا بالأمس، على دورات التنمية البشرية، عندما اكتسحت مجال التكوين والتدريب في الجزائر.. وفود من الراغبين في تطوير الذات وتحقيق الثراء، كانوا يحجون إلى الفنادق الفخمة وقاعات VIP أينما وجدت، قاطعين الولايات وأحيانا القارات، لتتبع القدوة. مدربهم الذي سيقودهم نحو بلوغ الشخص الذين يحلمون بأن يكونوه يوما، فجأة خفتت الأصوات وقلت الحملات الإعلانية لمثل هذه الدورات، واختفى أصحابها بعد سنوات من اللاشيء.

يرتبط عمر دورات التنمية البشرية التقريبي هنا في الجزائر، مع مساعي الدولة للاستثمار في عنصر الشباب وتوفير كل التسهيلات لهم، بما في ذلك القروض البنكية، فانطلاق المشاريع المدعومة، وظهور عدة استثمارات في تخصصات جديدة، كون جيلا يسعى إلى التطور، لكنه لا يعرف السبيل. من هنا، بدأ الاستنباط من النماذج الغربية وبعض آخر شرقي، لتكوين الشباب والتنقيب عن قدراتهم الكامنة، زاد الإقبال تدريجيا بعد رفض ومقاطعة لما تقدمه هذه الدورات، وانتشرت مفاهيم على غرار الوعي والتشافي، التخطيط، القيادة… آمن بها الكثير ودفعوا لأجلها الغالي والنفيس.

سنوات الوهم تحقق الخذلان

ما شهدته دورات التنمية الذاتية في السنوات الماضية، فاق توقعات حتى منظميها والقائمين عليها، إذ كان بإمكانك أن تجد إطارات في الطب والهندسة والطاقة.. يجلسون جنبا إلى جنب أمام طلبة مراهقين، كل منهم يرغب في تحسين جودة حياته انطلاقا من ذاته، ويتطلع إلى الحصول على مستقبل استثنائي، لم تكن الأموال التي ينفقها هؤلاء، التي قد تصل إلى مئة ومئتي ألف دينار، وحدها التي تثير الجدل، وإنما كيف لعقول هؤلاء المثقفين على وجه الخصوص، أن تستقبل وتتقبل الأفكار والقناعات التي يرسخها مدربون أقل منهم مستوى، وكيف آمنوا بأن المشاريع والمستحيل يمكن أن تتحقق فقط إذا أيقنوا به ورددوا توكيداته.

حملات الانتقادات انطفأت تدريجيا، فكأن الإقبال المتزايد على دورات التنمية لم يتأثر، ولا يزال المثقفون يتوافدون عليها، اقتداء بعينة نادرة، استطاعت أن تحقق النجاح الفعلي، بعد سنوات قليلة، أصبح المدربون من النخبة والمؤثرين، قبل أن تطال كثيرا منهم اتهامات البلطجة، ويكتشف تلامذتهم المغرر بهم أن المشاريع تحتاج إلى التكوين الجيد في مجالها، وليس إلى برمجة العقل الباطن، وأن كل الميادين باتت تسير بدافع المال والخبرة، وتحتاج إلى التخطيط الميداني، لا إلى بناء الوهم على المدى القصير والبعيد.

صدمات نفسية وانتكاسات خطيرة بعد الفشل

بطريقة أو بأخرى، اقتنع الكثير، خاصة المتعثرين حديثا في العمل أو العلاقات، بالانضمام إلى دورات التنمية البشرية، والتنمية الذاتية، على أنها استثمار في أنفسهم لإصلاحها والانطلاق من جديد في رحلة مضمونة النجاح، يستفيق بعضهم وقد فات الأوان وأنفق في دورات متسلسلة ملايين الدنانير. تقول الأخصائية رباب.خ، مدربة سابقة في التنمية البشرية، واستشارية نفسية: “إن الصدمات التي يتلقاها الخارجون بفشل من دورات التنمية والتطوير، أعنف بكثير من تلك التي يتلقاها الخارجون بفشل من مشاريع أو علاقات، فهم عادة يشعرون بأنهم أغبياء، ولا يستحقون النجاح، وأنهم في الطريق الخاطئ في الحياة، نظرا إلى ما يرسخه المدربون من مبادئ لدى هؤلاء”، تضيف رباب: “التدريب إدمان للطرفين، الكوتش يعتقد أنه يطور البزنس من خلال أفكاره المثلى، ولا يقوى على إيقاف الإيرادات التي تهطل عليه من برامجه، والمتدرب يعتقد بإيعاز أنه لو توقف هنا، فلن يصل سلسلته بالحلقة الأهم على الإطلاق، وربما يضيع النجاح المنتظر.. لهذا، يستمرون حتى يصابوا بصدمات نفسية عنيفة وانتكاسات تدوم طويلا، ونادر جدا من تساعده أفكار الدورات للتطور، باستثناء أولائك الذين تدعمهم الخبرة والمال وتحيط بهم الحوافز من كل صوب”.. أما المدربون، فغالبا يضعون المشعل بعد فضائح، أو يسافرون خارج الوطن، للتمتع بثروتهم أو بحثا عن فضاءات جديدة لنشر وهمهم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!