هل لديك وقت لتحبّ الجزائر؟!
هذا السؤال قد يبدو استفزازيا ومثيرا للغضب، خصوصا بالنسبة لأولئك الذين يزدادون انتفاخا بالوطنية في مثل هذه المناسبات كالفاتح نوفمبر، المتشدقين بالتاريخ، وهم أول العابرين فوق علاماته المضيئة، المختفين وراء الذاكرة الجماعية، رغم ثغورها وفراغاتها التي ساهموا في توسيعها؟!
-
هل تملكون الوقت لحبّ هذا الوطن؟! صحيح، أنه بلد الشهداء ومنبت ثورة العظماء، ووطن المعجزات، وحليف حركات الأحرار في كل زمان ومكان… لكن بعد كل هذا الكلام، هل تملكون وقتا لحب الجزائر؟!
-
السؤال يستمد شرعيته من الراهن الوطني والاجتماعي المليء بالقلق، والمشحون بالمتناقضات، وهو موجّه بالأساس لأولئك البسطاء الذين رمتهم الظروف في الشارع دون مأوى، أو أسندوا ظهورهم على الجدران دون شغل، لأولئك المرعوبين من انتشار أنفلونزا الخنازير، وهم لا يجدون لقاحا للأنفلونزا العادية، لأولئك المتسابقين على قفة رمضان وأضحية العيد الحكومية، ومنحة التمدرس الضئيلة، ومعاش المتقاعدين وسلفة البنك العسيرة، للذين يحلمون بتأهل الجزائر للمونديال، ومن يعانون من العنف في الملاعب،.. لضحايا مافيا المخدرات والتهريب والفساد..لهؤلاء وأولئك وللجميع، نسأل، هل تملكون وقتا لحب الجزائر؟!
-
وسط كل هذا الزحام، يصبح من الضروري طرح السؤال، والبحث له عن إجابة سريعة، خصوصا مع توالي هجرة الشباب الحراڤة، وارتفاع أعداد المنتحرين بسبب فقدان السكن وانتشار الحڤرة والميزيرية وأشياء أخرى، آخرهم، مواطن في الشلف، حاول حرق نفسه وزوجته وابنته الرضيعة لأنه لم يحصل على سكن…فهل يمتلك هذا الأخير، وغيره من المنتحرين الأحياء، والجثث التي تتنفس، وقتا ليحب الجزائر ويحتفل بذكرى الفاتح نوفمبر؟!
-
السؤال موجّه لأبناء ديار الشمس في العاصمة، والعنصر بوهران، وللمحتجين بعنابة وغيرها من المدن، أين خرج الشباب قبل أسبوع من ذكرى نوفمبر، للحرق والتخريب، في لحظة غضب امتزجت بفقدان حق مشروع في السكن أو العمل أو أي شيء آخر..فهل يملك هؤلاء وقتا لحب الوطن؟!
-
لماذا ساعد نهوض منتخبنا الكروي على قدميه في انتشار الأعلام الوطنية بين الجزائريين، رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا؟، لماذا نجح رفقاء زياني ومغني، ومطمور، والشيخ سعدان، في تحويل العلم الوطني من مجرد قطعة قماش عند البعض إلى رمز سيادة مثلما كان يجب أن يكون؟!
-
فهل لدينا بعد كل ذلك، وقت لحب الوطن، ما قبل وما بعد 14 نوفمبر، سواء تأهلنا أو لم نتأهل، وفي الوقت الأساسي وليس المستقطع؟!
-
حب الوطن ليس بحاجة إلى تواريخ محددة، ولا إلى أكاليل زهور رسمية أو أناشيد وطنية تغمرنا بها وسائل الإعلام العمومية في مثل هذا اليوم وغيره..حب الوطن ليس بحاجة إلى مباراة فاصلة، لا لشيء، إلا لأنه هو الأساس، ورجاء أخير، للبارونات والمافيا والمفسدين والمنتخبين الفاشلين والمسؤولين البيروقراطيين، والأفّاكين والمنافقين والسارقين… اتركوا لنا وقتا ومجالا لنحب هذا الوطن؟!.