جواهر
أمام غياب الوازع الديني وتدهور الأخلاق

هل ملابس النساء المثيرة تبرر تحرش الرجال بهن؟

نادية شريف
  • 21820
  • 16
ح.م

ظاهرة التحرش الجنسي في الجزائر، سلكت في السنوات العشر الأخيرة منعرجا خطيرا وصارت من بين القضايا الساخنة التي تشغل الرأي العام الذي يتابع عن كثب كافة الإجراءات والتشريعات بشأن المضايقات التي تتعرض لها النساء في العمل والأماكن العامة وحتى داخل الأسرة.
وإن جئنا للتحدث بلغة الأرقام فإن تقاريرا صادمة لجهات مدافعة عن حقوق المرأة، كشفت عن تعرض أزيد من 80 بالمائة من النساء في الجزائر للتحرش الجنسي بنوعيه الجسدي واللفظي، 50 بالمائة منهن عاملات حسب ما أحصت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤخرا.
وأمام تزايد نسب التحرش الجنسي وانحطاط المستوى الأخلاقي وغياب الوازع الديني نجد أنفسنا أمام تساؤل هام مفاده: هل ملابس النساء المثيرة تبرر تحرش الرجال بهن؟ ذلك أن المرأة اجتماعيا، مذنبة في كل الأحوال بسبب طريقة لبسها أولا، ثم تساهلها في التعامل مع الجنس الآخر، ومسألة إنصافها تعتمد بالدرجة الأولى على مدى حنكتها وقدرتها على جمع أدلة قاطعة تدين المتحرّش.

جنت على نفسها براقش

عندما نفتح الحديث عن موضوع التحرش الجنسي في مجتمعنا، نجد الكثير من الآراء التي تدين المرأة، فالبعض يقول بأن ملابسها الشفافة والضيقة والمحددة لتفاصيل الجسد هي التي تثير غرائز الجنس الآخر ولو سترت نفسها لما اقترب أحد منها، والبعض يقول بأنها هي التي تتعمد التحرش بالرجل وإلقاء حبالها من حوله لإيقاعه في المصيدة، ومن بعدها “التبلي” عليه لإخضاعه، أما القلة القليلة فيرون بأن المتحجبات أيضا يتعرضن للتحرشات والمشكلة في ذهن الرجل العربي الذي همه إشباع نزواته وحسب.
محمد أمين يقول: “حسب ظني فلقد جنت على نفسها براقش، إذ كيف يتحكم الرجل في غرائزه وهو يرى “لابسة من غير هدوم” تمر من أمامه؟ إن لم يتحرش بها فهو غير سوي!”، أما كريم فيقول: “من تحترم نفسها يحترمها الرجل ومن تعرض مفاتنها كالسلعة فلا لوم على من أطرب سمعها بالغزل أو مد يده بلا خجل، أليست هي من تريد ذلك؟ لمن تتزين إن لم تكن ترغب في لفت الأنظار واصطياد عريس؟”.
من جهة أخرى نجد حتى بعض النساء يؤيدن هذا الكلام ويرين في لباس المرأة غير المحتشم دعوة صريحة للتحرش، تقول ريمة: “أنا امرأة وأفهم جيدا ما يدور في ذهن النساء.. لقد نزعن ثوب الحياء لأن تحرش الرجال يعجبهن وأقسم أني أعرف واحدة قالت لي بالحرف الواحد أن يومها يمر كئيبا حين لا تسمع كلمة غزل وثناء على شكلها، بل إنها تنفق الكثير من النقود على لبسها وماكياجها للي أعناق الرجال نحوها، كما أنها ترسل إليهم النظرات والإشارات والإيحاءات لتثبت لنفسها وللأخريات بأنها جميلة وبأنه مرغوبة فيها”.

جسد المرأة خط أحمر ولو كانت عارية

المدافعون عن حرية المرأة وحقها في عيش حياتها كما يحلو لها لا يعترفون بهذا الزعم، ويقولون بأن جسدها خط أحمر ولا يمكن لأحد التعدي عليه، حتى لو مشت في الطرقات عارية، كما يلفتون النظر إلى مسألة التحرش بالمتحجبات وحتى المتجلببات مع أنهن لا يبرزن شيئا من مفاتنهن، وعليه فالخلل ليس في اللباس أو في المرأة وإنما في الرجل الذي يمد عينيه إلى ما لا يملك.
والجدير بالذكر أن ناشطات كثيرات من المنتميات للتيار النسوي تظاهرن عديد المرات شبه عاريات لإثبات الوصاية على الذات ونبذ المضايقات من الجنس الآخر الذي يتوجب عليه ـ حسبهن ـ الارتقاء بفكره والنظر إليهن بعين مجردة من الجنس، وهذا ربما ما لا يستطيع الرجل فعله حسب دراسات علمية، جاءت خصيصا لتنصفه من الإرهاب النسوي.

اللبس المثير تحرش جنسي بيولوجي بالرجال!

يبدو أن إلقاء اللوم على المرأة وتحميلها مسؤولية التحرش بها، لا يقتصر على المجتمعات المحافظة والمسلمة، إذ حتى الغرب قاموا بدراسات علمية بهذا الشأن وخلصوا إلى أن الرجل يستثار عاطفيا وبيولوجيا ولا يمكنه الصمود أمام الفتن التي تحيط به من كل جانب، فهو حسبهم كالطفل الصغير الذي يرى لعبة ويتعلق بها ولا يهنأ له بال حتى يأخذها، ولا يهم بعدها إن حطمها أو أهملها!
منذ سنوات كتبت الأخصائية النفسية الأسترالية “بيتينا أرندت” الحاصلة على الماجستير في علم النفس والتي تعمل في مجال الاستشارات الجنسية وكتابة المقالات الصحفية ما مفاده أن ملابس المرأة المثيرة هي بمثابة تحرش جنسي بيولوجي بالرجال، وأن ارتداء المرأة لتلك الملابس هو بمثابة عنف نفسي ضد الرجل، كما قالت أن المرأة تمارس فعلا يتّسم بالازدواجية والتناقض عندما تقرر ارتداء ملابس مثيرة، ثم تشتكي من انجذاب الرجال نحوها ونظرهم إلى جسمها!.. هي تفعل ذلك غالبا لجذب أنظار إنسان معين أو مجموعة معينة، فإذا بها تؤذي كل مَن يراها!!!

لباسها لا يبيح التحرش بها

الأخصائية الاجتماعية فاطمة الزهراء والي تقول لجواهر الشروق أن التحرش فعل منبوذ اجتماعيا والرجل الذي لديه وازع ديني لا يمكن أن يقوم بتصرفات مشينة في حق امرأة أجنبية عنه حتى لو كانت عارية، لأن التربية السليمة تمنعه من التعدي، ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف تحثه على غض البصر، واحترامه لنفسه يبقيه بعيدا عن الاستفزاز الأنثوي لمشاعره.
أما الأخصائية النفسانية بوشايب سامية فترى أن المرأة بفطرتها تحب أن تكون جميلة، وحرصها على مظهرها لا يعني بالضرورة رغبتها في التحرش بها، وإنما هي حاجات نفسية تريد إشباعها ولا تبرر للرجل فعله المخل بالحياء اتجاهها لأن جسدها في النهاية ملكها ويحق لها لبس ما تشاء وفعل ما تشاء دون أذية، وإن كان الرجل يتأثر فعليه بغض البصر.
الموضوع كما نرى متشعب والآراء مختلفة، ومهما حاولنا أن نضع اليد على الجرح لإيجاد البلسم المناسب اصطدمنا بمتناقضات كثيرة، على رأسها فهم طبيعة المرأة الغامضة وفك رموزها وألغازها، لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو العودة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي أمر المرأة بالستر والرجل بغض البصر، وهذا أدعى لحفظ النفوس والأعراض وصون الشرف.

مقالات ذات صلة