هل نحن سعداء؟
صنّفتنا بعض التقارير الدولية في المرتبة الوسطى (46) بين الدول التسعين الأكثر بؤسا، وصنّفتنا تقارير أخرى في المرتبة الوسطى أيضا (73) بين الدول الـ 142 الأكثر سعادة في العالم… إذن فلا نحن سعداء تمام السعادة مثل الدانمارك وسويسرا والنمسا وإيزلندا… ولا نحن تعساء كل التعاسة مثل بعض البلدان القريبة منا، بما في ذلك الشقيقة التي نأبى ذكر أسمائها. نحن بقدر ما يمكن أن نكون سعداء يمكن أيضا أن نكون تعساء، وبقدر ما يمكن لترتيبنا أن يصعد باتجاه الأحسن قد ينزل باتجاه الأسوأ، كل ذلك يتوقف على إرادتنا نحن. ماذا نريد أن نفعل بأنفسنا ولمن نريد أن نوكل أمر مستقبلنا.
لا يهم ما إذا كان الموقع الذي يضعنا فيه العالم اليوم صحيحا أم غير صحيح، مبالغ فيه أو غير مبالغ فيه، يهدف إلى تحقيق مآرب سياسية أو لا يهدف، بقدر ما يهم الموقع الذي نضع فيه أنفسنا.
لقد اتفق كبار الاقتصاديين اليوم أن السعادة لا تقاس فقط بالوسائل المادية ولا تحسب فقط من خلال مؤشرات الدخل الوطني الخام التقليدية أو نسبة الفرد منه، إنما من خلال مؤشرات أخرى تضاف إلى الحد الأدنى المطلوب للعيش: كإحساس الناس بالرضا عن حالهم ومدى قبولهم للوضع الذي هم عليه ونوعية الطبيعة والبيئة التي بها يعيشون، ومدى التماسك الأسري الذي يعرفون، والتوازن الروحي والمعنوي الذي يمتلكون… الخ، فأين نضع أنفسنا؟
هل نشعر بالإطمئنان والسكينة ونحن نتابع حال القيم في مجتمعنا؟ هل نحن راضون على ديننا وأخلاقنا ومعاملاتنا البينية وتماسكننا وتآزرنا؟
هل نشعر اليوم بالسعادة ونحن نتابع حال مدرستنا وصحتنا وأسواقنا وحال تجارتنا وحال سوق البطالة عندنا وحال بيئتنا ومحيطنا الأخضر وشواطئنا، أم نشعر بالتعاسة؟
هل نشعر بالرضا والقبول لحالنا السياسي؟ لانتخاباتنا.. لممثلينا.. لأحزابنا.. لسياسيينا.. للحوار الذي نسمعه، للإعلام الذي يدخل بيوتنا بلا استئذان؟
بلا شك كل من موقعه سيكون لديه حكم قيمة. سنختلف على التقييم، ولكننا لن نختلف في أننا نريد أن نكون سعداء لا تعساء.
لن نختلف في أن يعترف لنا العالم بأننا نمتلك مؤشرات سعادة أكثر مما نمتلك من مؤشرات بؤس، ولن نختلف في أن نعمل من أجل ذلك، ولن نخسر شيئا إذا ما وضعنا بين أهدافنا أن يصنفنا العالم ذات يوم من بين أسعد بلاد في العالم؟ بل عكس ذلك، سنربح أمرا واحدا على الأقل: أننا إذا لم نعش سعداء، سنعش على أمل أن لا نموت بؤساء أو يحكمنا التعساء…