-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل نلتحق بالاقتصادات السريعة؟

هل نلتحق بالاقتصادات السريعة؟

ماذا تعني مسألة تقليص مُدَد الإنجاز وتطوير أساليب التفكير في التعامل مع المشكلات المحلية والوطنية بالنسبة لتطور اقتصاد دولة من الدول، وما الذي علينا القيام به في هذا المجال؟
لقد تكلم أهل الاستشراف في هذا الموضوع منذ بدأ العالم يتحول إلى ما سيُعرَف بالعولمة الاقتصادية. وذكروا بهذا الصدد أنه بعد نهاية حقبة الاقتصاد الاشتراكي المُوجَّه وظهور أشكال جديدة من الاقتصاد الليبرالي، أن العالم لم يعد يعرف سوى نوعين من الاقتصاد، إما أن يكون بطيئا أو سريعا، وبقدر سرعته أو بطئه علينا أن نحكم عليه. وهو ما كان علينا الانتباه له منذ أن تخلينا عن الاقتصاد المُخَطَّط. اعتمدت هذا الخيار الصين ونجحت في ذلك بأن أبقت نظامها السياسي قائما على الحزب الواحد ولكنها ربطت اقتصادها بأسرع الشركات الرأسمالية في العالم. وهكذا انتقل اقتصادها من الحركة ببطء الناتجة عن بيروقراطية التسيير إلى الحركة الأسرع فالأسرع في العالم. ونتيجة لذلك أصبحت أكبر قوة اقتصادية في العالم وهي تتجه أن تصبح أكبر قوة عظمى في جميع المجالات(اقتصادي، عسكري، سياسي) قبل سنة 2040… وقد انتبهت القوى الاقتصادية المعروفة بالقوى الصاعدة مثل البرازيل وجنوب إفرقيا والمكسيك وسنغافورة وتايوان وكوريا الجنوبية…الخ إلى هذا الأمر، وتمكنت في ظرف وجيز من أن تُصبح رائدة في العالم في كثير من الصناعات ومن حيث الناتج المحلي الإجمالي… أما في بلادنا فقد نادت كثير من الأصوات منذ مدة غير قصيرة بنقل اقتصادنا إلى السرعة الأعلى فالأعلى دون جدوى، بل إننا لم نتمكن منذ عقدين من الزمن من رقمنة قطاعي الاقتصاد والخدمات مثلا رغم إلحاح أكثر من خبير على ذلك، وهو ما يجعلنا اليوم، نؤكد ضرورة ألا يبقى مثل هذا الطرح المتعلق بزيادة سرعة عمل الآلة الاقتصادية واستباق المشكلات القادمة ضمن حدود الخطاب السياسي.
إن التطورات المعاصرة تفرض علينا التفكير بطرق جديدة إذا أردنا أن نجد مكانة لنا في ظل عالم متحول باستمرار وبسرعة فائقة.
وهذه المسألة ليست خيارا أمامنا إنما هي المخرج الوحيد لنا إذا ما أردنا استدراك ما فات ومحاولة اللحاق بالركب.
أملنا أن يتم إدراك أبعاد هذا التغيير في التفكير والعمل، وأن لا يُنظر له كشعار يُرفَع مرحليا للاستهلاك وتبقى الأمور على حالها كما كانت.. ينبغي أن تتحول مسألة تقليص مدة الإنجاز إلى عنوان مرحلة، وتُعزَّز فوق ذلك بما يمكن أن نُسمّيه بالإنجاز الاستباقي، دون أن ننسى مسألة في غاية الأهمية: أن التحول إلى الاقتصاد السريع لم يكن أبدا بالنسبة للبلدان التي تمكنت منه، مُرادفا للتسرع على حساب النوعية والجودة، عكس ذلك، لقد تفوقت بلدان الاقتصاد السريع في سرعة الإنجاز ونوعية الإنتاج وجودته، كما أثبتت قدرتها على الاستشراف واستباق القادم من الحاجات والمشكلات… ثلاث كلمات يمكنها أن تغيّر كلِّيا اتجاه الطريق الذي نحن عليه الآن… السرعة والاستباق والجودة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!