الرأي

هل هناك سياسة خارجية لدولة صغرى؟

محمد سليم قلالة
  • 3330
  • 11

هل هناك سياسة خارجية لدولة صغرى؟ ينبغي أن نفكر بقليل من العقل: عندما يتكلم وزير خارجية دولة خليجية بأنه عاد للتو من أفغانستان، بعد أن تفقد قواته هناك، المنضوية تحت التحالف الأمريكي، هل يصدق نفسه حقا بأن لديه قوات؟ وعندما يتكلم وزير خارجية دولة إفريقية ما زالت لا تستطيع إطعام سكانها من جوع بأنه يعارض التدخل الأمريكي في سورية، هل يعي حقا ما يقول؟ وعندما تنعقد الجامعة العربية على عجل لتدعو إلى الإسراع بالضربة على سورية؟ هل هناك من يضعها في الحسبان؟ أو تتخذ دول مجلس التعاون الخليجي قرارا تتحفظ فيه على المبادرة الروسية؟ هل لتحفظها معنى بالنسبة إلى الروس؟ أو يتكلم رئيس حزب سياسي عندنا بأنه يؤيد التدخل الأمريكي في سورية؟ هل يصدق صديقنا أن لموقفه هذا وزنا وتأثيرا على أوباما أو الكونغرس؟

ليست هذه مغالاة، إنما هي حقيقة مرة يستخلصها المرء مما يحدث في سورية، ومما حدث في الجزائر ومما سيحدث في مصر وغيرها لاحقا… لنلاحظ ما حدث في سورية: يبدأ الشعب في معارضة سلمية لأجل إصلاحات اقتصادية واجتماعية، فتتحول معارضته هذه بقدرة قادر إلى  معارضة مسلحة وجيش حر لديه غاية واحدة هي إسقاط النظام. وعندما تقوم هذه المعارضة بمهمتها وتحطم مؤسسات النظام، تتبدل المهمة من إسقاط النظام إلى القضاء على السلاح الكيماوي للنظام، وعندما سيتم القضاء على السلاح الكيماوي للنظام ستتبدل المهمة لتتحول إلى القضاء على هذه المعارضة ذاتها لأنها ستصبح  متطرفة ولديها مواقف معادية للكيان الإسرائيلي.. وهكذا…

يحدث هذا في ليبيا، ويحدث في العراق، وهو في بدايته في مصر: تكون البداية بالإصلاحات لتنتهي إلى إسقاط كل مقومات الدولة ثم اتهام المعارضة ـ الأداة بالتطرف ـ والقضاء عليها…

إذا لم تتفطن القوى الوطنية الداخلية أن أية محاولة منها للقيام بدور دولي مع هذا أو ذلك، ما هي إلا لعبة في يد الأقوياء ستتحول في يوم من الأيام ضدها، يكون مخطئا، بما في ذلك الدول الخليجية التي تعتقد اليوم أنها بمنأى عن هذا المنطق والأسلوب.

لذلك دعوت، وما زلت أدعو أن المرحلة اليوم  هي لتقوية الجبهة الداخلية أولا، لحل مشكلات الداخل أولا، لعدم الاستقواء بالأجنبي أولا. وبعد أن يتم لنا لذلك، لنفكر في التحالف أو التعاون الخارجي. أما ونحن هكذا، بيتنا الداخلي مهلهل، وتناقضاتنا الداخلية غير محدودة، ومعارضتنا هشة، ودولنا صغيرة، لا تُنتج ما تأكل أو تشرب أو ما به تدافع، فلا يحق لها أن تتحدث عن دور خارجي، فتلك مجرد أوهام في نظر من يصنعون السياسة وهم أقوياء. 

مقالات ذات صلة