الرأي

هل هو ضد اندونيسيا؟!

صالح عوض
  • 4675
  • 5

تحركت قوات من المارينز الأمريكي إلى التمركز في استراليا ضمن تنفيذ بنود تحالف أمريكي استرالي عبرت عنه المصادر الاسترالية بأنه يجيء وفق رؤية وخطة لمواجهة تطور التحديات الإقليمية والدولية لاسيما في الصين، ولكي تكون هذه القوة قادرة للتحرك فيما لو حصلت اضطرابات في المحيط الأسيوي لا سيما اندونيسيا..

منذ جاء أوباما للحكم في امريكا عملت الإدارة الإمريكية على تعديل في اولوياتها الاستراتيجية.. فلقد كان العراق وايران وافغانستان هي محاور الشر وكانت الخطة تقتضي العمل المستمر من اجل شرق أوسط جديد، الأمر الذي يستدعي حروبا اضافية تخوضها جيوش امريكا في المنطقة إما وفق التصور الجديد لترتيب الأولويات، فالصين والكتل الاقتصادية الجبارة اصبحت في دائرة الاستهداف المباشر، هذا، حسب ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي واركان حكومته..

لقد سبق ان تدخلت الإدارة الأمريكية السابقة قبل عدة سنين لإحداث شرخ في الجغرافيا الأندونيسية دعما لانفصاليين في التيمور الشرقية عن الدولة، ووجدت تلك الحركات الانفصالية دعما سياسيا واعلاميا وغيره من قبل الإدارة الأمريكية يكفي لممارسة ضغط ينتهي بالانفصال.. ومن المعلوم ان الادراة الأمريكية شجعت سوهارتو على ضم تيمور بعد ان انسحب البرتغاليون منه في 1975 فكان ضم تيمور التي تحوي مجموعات يسارية مضادة للسياسة الأمبريالية في المنطقة، مما أثار خوفا من ان يتمدد الاتحاد السوفيتي في حينها إلى المنطقة.. فكان ان ألحت الادارة الأمريكية على الاندونيسيين لاحتواء تيمور، وبعد ان زال الاتحاد السوفيتي انقلبت الإدارة الأمريكية في موقفها لإحداث الانفصال عن اندونيسيا.

الآن تتقدم الصين واندونيسيا دول العالم في معدلات النمو والتطور الصناعي والنشاط التجاري الإقليمي والدولي، ولئن كانت الصين ظاهرة تهدد النظام الرأسمالي برمته، فإن اندونيسيا عملاق آسيوي يتمتع بما لا يتمتع به الصين من علاقات حضارية وتاريخية مشتركة مع العالم الاسلامي والوطن العربي، الأمر الذي يرشح اندونيسيا إلى تطور مضاعف من خلال انفتاحها الاقتصادي والتجاري مع الدول العربية.. ومن المعلوم ان في جزيرة “طيوة” الاندونيسية اكبر الشركات الأمريكية في العالم وتقوم باستثمارات كبرى.. وهكذا، فكما ان الإدارة الأمريكية تحاول تطويق الصين بقواعد عسكرية من كل جهة، فإنها بلا شك ترسل رسائل واضحة للاندونيسيين ان قواتها قريبة منهم بأقل من 900 كيلومتر..

اننا من خلال ادراك هذا الأمر وهو ليس بخاف على الإدارات الأمريكية وبمتابعة نشاط اللوبيات الاسرائيلية واصدقائها في اندونيسيا، وكيفية بذل جهود جبارة لجر اندونيسيا الى التطبيع مع اسرائيل، وتوقيع اتفاقيات تجارية وثقافية وسياسية مع اسرائيل.. بتأمل ذلك كله تصبح استعراضات القوة الأمريكية بالقرب من حدود اندونيسيا مسألة واضحة تماما.

في اندونيسيا اليوم عقلية متفتحة على العصر والتكنولوجيا وادارة جيدة للثروات وشئون البلاد، وفيها مع ذلك كله عودة الى الذات وانفتاح على الوطن العربي والعالم الاسلامي، وفي اندونيسيا كذلك مواقف مبدئية من الملف الفلسطيني، بمعنى واضح ان اندونيسيا اصبحت قوة فاعلة في الشأن الاسلامي وبطريقة عملية بعيدا عن التهريج.

ان أمر الاسلام وأمته عجيب.. يحاولون زحزحته من مكان، فإذا به يتمدد في مكان آخر لم يكن على البال.. ويحاولون تحجيم قوته من زاوية فيبدع في زاوية اخرى.

ورغم بعد المسافات، يصبح من الضرورة ربط الأواصر المتحللة بين بلداننا الاسلامية وتمتينها من خلال التجارة والتبادل المعرفي والصناعي ومن خلال مؤازرة بعضنا بعضا في المحافل والميادين فإن ذلك فريضة شرعية وضرورة حياتية.

مقالات ذات صلة