-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يتأسَّس الناتو العربي؟

هل يتأسَّس الناتو العربي؟

تُراهن إدارة “بايدن” على تأسيس حلف عسكري عربي في الشرق الأوسط بقيادة الكيان الصهيوني. ويُعَدّ هذا أحد الأهداف الرئيسة لزيارة الرئيس الأمريكي يوم 13 من الشهر الجاري للمنطقة لمواجهة روسيا والتغلب على الصين على حد تعبيره نفسه. هل يتحقق ذلك؟
يبدو أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة طهران مباشرة بعد انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط يوم الثلاثاء القادم بمثابة الرد المباشر على هذه المحاولة الأمريكية التي لن تجد الطريق معبدا أمامها كما جرت العادة قبل نحو 7 سنوات. لقد استبقت روسيا منذ سنة 2015 مثل هذه الإستراتيجية العسكرية، إذ أقامت تحالفا استراتيجيا مع كل من سوريا وإيران والعراق إضافة إلى حزب الله في المنطقة. وبدا تحالفها أمتن من ذلك الذي أرادت أن تقيمه الولايات المتحدة بين المملكة العربية السعودية والإمارات وسلطنة عمان وقطر خلال قمة كامب دافيد مع دول مجلس التعاون الخليجي في نفس السنة. لقد أرادت إدراج هذه الدول الأربع التي صنّفتها ضمن ما تسمّيه الحلفاء الرئيسيين من غير دول الناتو MNNA(Major Non Nato Ally)  ضمن حلف عسكري واضح، ولكنها لم تفلح باعتبار أن ذلك إذا تم سيكون بقيادة الكيان الصهيوني الذي صُنِّف شريكا أساسيا للناتو منذ 2014، وهو ما كانت ترفضه معظم الدول الخليجية وبخاصة قطر والكويت. كما أن الولايات المتحدة لم تنجح في جعل التحالف العسكري الإسلامي يحقق أهدافه في اليمن بقيادة كل من السعودية والإمارات برغم أنه ضم رسميا 10 دول. فضلا عن أنها فقدت باكستان كحليف عسكري كبير منذ 2017 عندما خفضت علاقتها الإستراتيجية معه بتهمة دعمه للإرهاب. وكذلك فقدت أفغانستان فعليا ورسميا كحليف عسكري بعد انسحابها سنة 2021 لتحلّ محلها قوى دولية أخرى (روسيا، تركيا، الصين)… وإذا أضفنا إلى هذا التبدّلاتِ الحاصلة في التوازنات الإستراتيجية العالمية بعد الحرب في أوكرانيا، يتبين لنا بوضوح تراجع الولايات المتحدة في جانب قوة التحالفات من هذا النوع. لقد عُقِدت 4 تحالفات عسكرية صريحة في النصف الثاني من هذه السنة ليست الولايات المتحدة طرفا مباشرا فيها، بل بريطانيا هي التي تقودها في الجانب الغربي (الحلف الثلاثي البريطاني البولندي الأوكراني+ إعلان التضامن بين السويد والمملكة المتحدة+ معاهدة الدفاع بين فنلندا والمملكة المتحدة)، أما في الجانب الشرقي فروسيا هي التي ربطت اتفاقيات تعاون شاملة بما فيها الشؤون العسكرية مع كلٍّ من جمهورية لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين. أما التحالفاتُ العسكرية التي هي في طور الإنشاء هذه السنة فليست الولايات المتحدة من يقودها (الحلف الجاري التحضير له بين بريطانيا وكندا واستراليا ونيوزيلندا)..

كل هذا يعني أن الرئيس الأمريكي يتجه نحو الشرق الأوسط في ظروف غير سانحة لإقامة حلف عسكري موالٍ له أو “ناتو عربي” كما تشير إلى ذلك بعض وسائل الإعلام. عكس ذلك ستزيد هذه الزيارة الحلف المضاد بقيادة روسيا قوة خاصة إذا تم تحييد تركيا من أي عمل عسكري قادم يقوم به الناتو كما يحدث الآن في أوكرانيا. وحياد تركيا معناه حرمان الحلف الأطلسي من قوته العسكرية الضاربة عند التدخل في الميدان. ولعل هذا ما سيكون محور لقاء الرئيسين بوتين واردوغان يوم الثلاثاء المقبل.
تبقى باقي الدول العربية الأقل قدرة عسكرية كتلك المشارِكة حاليا في حرب اليمن غير ذات تأثير يُذكر سواء سايرت مبادرة “الناتو العربي” أو لم تفعل. ولعل هذا ما سيرجّح أن تقول المملكة العربية السعودية “لا” هذه المرة لبايدن، بل ستأخذ منه أكثر مما تعطي، خلافا لما كان يحدث في العقود الماضية، ولن يستطيع الرئيس الأمريكي التهديد أو الضغط كما كان يفعل سابقوه، بالنظر إلى موقفه الجيو استراتيجي الضعيف عالميا. ومن المرجح كذلك أن يتم (لتغطية هذا العجز) اللعب على دور الدعاية الإعلامية الموالية للغرب والكيان الصهيوني التي ستُهلِّل لانتصار أمريكي جديد وتَدّعي تأسيس “ناتو عربي” من دون أن تجرؤ على القول إنه سيكون بالفعل “ناتو” على الورق ومن ورق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Imazighen

    عندما تتحرر الشعوب...