هل يمكن للمؤسسات الوطنية تحقيق صناعة غذائية في ظل التحديات الكثيرة لقطاع الفلاحة؟
تحديد قائمة خاصة بالمواد الممنوع استيرادها للتقليل من فاتورة الاستيراد التي تجاوزت 60 مليار دولار السنة الماضية، بهدف تشجيع حملة “استهلك جزائريا” والكف عن استيراد المواد الغذائية المنتجة بشكل كاف في الجزائر، كالمصبرات وجميع أنواع الخضر والفواكه في مواسم نضجها، فيما أعفيت المواد غير المتوفرة أو التي لا تستطيع الجزائر تأمين احتياجات شعبها منها. فهل يمكن للجزائر تحقيق سيادتها في تأمين غذاء شعبها بالكمية والنوعية المطلوبتين في ظل العراقيل الكبرى التي يعاني منها المنتج؟
تحديد لائحة المواد الاستهلاكية المحظور استيرادها لضبط تبذير العملة الصعبة ووقف استنزاف أموال الخزينة العمومية
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تشجيع الإنتاج الوطني واستهلاك كل ما هو جزائري، في ظل أزمة النفط العالمية والتراجع الكبير للأسعار، الذي أدى بأغلب الدول القائم اقتصادها على المحروقات إلى البحث عن البديل وطرح حلول مستعجلة، لتخطي الأزمة وتلبية احتياجات شعوبها مع تأمين حماية اقتصادها.
والجزائر من بين أبرز البلدان المتضررة، بسبب تضاعف حجم الاستهلاك وارتفاع قيمة فاتورة الاستيراد، لذلك سارعت الحكومة إلى البحث عن أنسب الحلول لمواجهة الوضع، باتخاذ جملة من الإجراءات الإدارية المتعلقة بإعادة تنظيم التجارة الخارجية على وجه الخصوص، ولعل أبرز إجراء أعلن عنه مؤخرا هو إخضاع نشاط الاستيراد لنظام الرّخص، والإعلان عن لائحة تتضمن المواد الممنوع دخولها الجزائر، والمتعلقة أساسا بالمنتوجات المصنعة محليا وفق معايير الجودة المعمول بها والمتوفرة بكميات تلبي احتياجات وطلبات السوق، وبالمقابل تم ضبط قائمة موازية تتضمن المواد الضرورية المسموح باستيرادها بالكميات التي تكفي لاحتياجات المستهلك الجزائري، جاءت هذه الخطوة لتمكين الجهات الوصية من تسيير نشاط الاستيراد بشكل أفضل والتحكم في خروج العملة الصعبة التي تهدر اليوم في جلب السلع المصنفة في خانة الكماليات بمبالغ خيالية لعرضها على المستهلك الجزائري الذي يتمتع بقدرة شرائية متوسطة، وحسب ما تم الكشف عنه مؤخرا، فإن قائمة بحوالي 24 مادّة غذائية مصنعة بشكل نهائي ممنوعة من الاستيراد، باعتبار أنها تنتج محليا ولا توجد ثم ضرورة لتأمينها بالعملة الصعبة مثل المشروبات والمصبرات وبعض الخضر والفواكه.
الفلاحة أهم قطاع والأشد حساسية يعاني من عراقيل وتلاعبات كبرى ومصانع التحويلات الغذائية ممنوع إقامتها على أراض فلاحية
يأتي كل ما سبق ذكره في ظل سياسة الاحتكار والفوضى التي تسود السوق، هذه الأخيرة التي باتت شبيهة بمفرغة المنتجين الأجانب للمواد الكمالية التي لا يحتاجها المواطن الجزائري، وتستنزف فقط أموالا ضخمة من الخزينة العمومية، حيث كان من الأجدر استثمارها في تحسين ظروف الإنتاج وتشجيع القطاع الفلاحي، الذي يبقى أساس كل الصناعات الغذائية، والصناعات التحويلية، قطاع الفلاحة الذي لا يزال يعاني حتى الآن من عراقيل ومشاكل خانقة خاصة في الشق المتصل بالعقار، كنقص المساحات المهيأة والمساحات الشاسعة المزودة بمياه السقي، فضلا عن القوانين التي لا تخدم الاستثمار والمرتبطة على وجه الخصوص بالأراضي وطرق استغلالها التي باتت تشكل أكبر عائق في وجه المنتج في الجزائر، ولعل أبرز ما يعانيه المنتج في هذا الاتجاه هو منع إقامة مصانع التحويلات الغذائية على الأراضي الفلاحية، حتى وإن كانت ملكية خاصة رغم عجز الدولة عن توفير الأوعية العقارية لإقامة المشاريع الكبرى.
كيف يمكن حماية المنتوج الوطني مع توفير العملة الصعبة؟
* أولا، بتوفر ثلاثة شروط أساسية، وهي تحسين النوعية التي يجب أن تستجيب للمقاييس ومواصفات الجودة والحفظ العالمية، وأن يتم توفير السلع الوطنية بأسعار تنافسية، وأن يتم توفير، المنتوجات بكميات تكفي لتغطية طلبات السوق.
* فك الحصار عن المشاريع الكبرى لإعادة ثقة المستهلك بالمنّتج والمنتوج الوطني.
* على القائمين على القطاع الفلاحي مرافقة المستثمر الوطني والقيام بدور أكثر فعالية.
* قيام الدولة بدراسات معمقة قبل سن القوانين المتعلقة بحماية المنتوج والمستثمر معا والتي تبقى من واجباتها.
* منع دخول المنتوج الأجنبي الممكن توفيره ومنع فتح المجال أمام الاستثمار الأجنبي بأي شكل من الأشكال.
* الحرص على اتجاه قروض الدعم في المسار الصحيح.
* القضاء على العراقيل الإدارية وآفة البيروقراطية بشكل مستعجل.
* تهيئة ظروف العمل لتحقيق نتائج تظهر في مردود الإنتاج.
* القضاء على مبدأ الحصرية والسيطرة من جهة معينة.
* القضاء على الفوضوية، التلاعبات والنشاطات الموازية في جميع الأصعدة.
* مراجعة المسائل والقوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم المطبقة على المنتجين.
* منح رخص استغلال الأراضي والمساحات المغطاة.
* تقديم تسهيلات في المعاملات الإدارية وليونة القروض ونسبة فوائدها.
* القيام بعملية إحصاء شامل وتحديد معالم القوة والنقص في كل منتوج أو صناعة.
* بلوغ مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي بصفة مستعجلة، والبحث عن سبل التصدير لجلب العملة الصعبة وتعويض تكاليف استيراد المواد الأولية والمواد غير القادرين على تحقيق الاكتفاء فيها.
* الوقف الفوري لسياسة البواخر والعودة إلى الاهتمام الفعلي بتطوير قطاع الفلاحة الذي يعد قاعدة اقتصاد أي دولة.