-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يُلغى قرارُ “تحرير” بيع الخمور؟

حسين لقرع
  • 4150
  • 0
هل يُلغى قرارُ “تحرير” بيع الخمور؟

اعتادت السلطة، منذ سنوات طويلة، أن تتّخذ قراراتٍ غير شعبية، دون الاكتراث برفض الشعب؛ إذ عادة ما يكثر اللغط حولها بعض الوقت ثم تهدأ الأمور فتتمكن من تنفيذها بحذافيرها، ما شجّعها على إعادة الكرّة في كل مرة.

لكن الوضع الآن بدأ يختلف؛ ففي مستهل جانفي الماضي خرج سكان عين صالح إلى الشارع للاحتجاج على الشروع في استكشاف الغاز الصخري بالمنطقة، وراهنت السلطة كعادتها على أن عامل الوقت كفيلٌ بإضعاف الحركة الاحتجاجية، لكنها فوجئت بتوسّعها وبتضامن شعبي وجمعوي وحزبي كبير معها.

واليوم، تسقط السلطة في خطإ آخر أشدّ فداحة وتُصدر قرارا تعسفيا بـتحريربيع الخمور، دون أي اكتراث بالرفض الشعبي له، على خلفيةٍ دينية واضحة لا لبس فيها. وربما راهنت أيضاً على عامل الوقت لفشل أيّ احتجاجات محدودة، لكن الحركة الاحتجاجية الشعبية بدأت تتوسّع من ولاية إلى أخرى. فقد خرج آلاف المواطنين في مظاهرات ضد تحرير بيع الخمور في الجلفة وتيسمسيلت والأغواط وغرداية.. ثم تداعت تنسيقية أئمة الغرب الجزائري لتوحيد خطبة الجمعة المقبِلة في مساجد 12 ولاية غربية للتنديد بقرارتحريربيع أم الخبائث، على ما فيها من أضرار ومفاسد أخلاقية واجتماعية شديدة.

وإذا أصرت السلطة على تنفيذ قرارها السيّئ، فقد تتوسّع الحركات الاحتجاجية للمواطنين والأئمة إلى كل الولايات، وستساهم السلطة بذلك في فتح جبهة اجتماعية جديدة على نفسها وترفع منسوب الاحتقان الشعبي ضدها دون أن تجني أي فائدة.

ولسنا ندري لماذا تصرّ السلطة على استعداء الشعب مجاناً عوض العمل على تجسير الهوّة الكبيرة بين الطرفين ومعالجة الوضع الاجتماعي الذي يزداد احتقاناً؟ منذ سنوات قليلة، كان عددُ الاحتجاجات الاجتماعية وقطع الطرقات يناهز 10 آلاف احتجاج سنوياً، واليوم بلغ 15 ألف احتجاج، أي بزيادة 50 بالمائة كاملة في بضعة أعوام، وعلى السلطة أن تُحسن قراءة دلالاتها جيّدا وتعمل على معالجتها بحكمة، وليس العمل على رفع هذه النسبة أكثر بقرارات مثلتحريربيع الخمور، وكأنّ هذا ما كان ينقص الجزائريين المطحونين بتفشي البطالة وسوء توزيع السكن وغلاء المعيشة وغياب العدالة الاجتماعية

الخمر عاملٌ رئيس في تهديم أخلاق المجتمع وتفكيك الأسر ورفع منسوب الجريمة والعنف لدى أفرادهوقرار بن يونس سيزيد كل هذه الآفات وغيرَها تفاقماً وتفشياً، فيتعذر بعدئذٍ علاجُها وتطويقها بالإجراءات الردعية وحدها، ما دام العامل المغذي لها قائماً، وما يحدث في دول الغرب لا يخفى عن أحد، وكلما تفاقمت هذه الآفات زاد التوترُ الاجتماعي بدوره وتفاقمت الاحتجاجات وانعكس ذلك سلباً على الأمن العام والاستقرار..

السلطة الحكيمة هي التي لا تحتقر شعبها، ولا تحاول فرض قراراتها عليه، ولا تتحدى قيمه وتقاليده، ولا تستهين باحتجاجاته، ولا تجد ضيراً في التراجع عن قراراتها إذا شعرت بأنه يرفضها وبدأ يتململ ويتّجه إلى التصعيد ضدها

 

وإذا صحّ نبأ إقدام سلال على مراسلة الولاة لـتجميدقرار بن يونس، فسيكون ذلك قراراً حكيماً من السلطة، وخطوة نحو الإلغاء، ولكن الحكمة تقتضي أيضاً الإعلان عن ذلك، عوض إبقائه سرّيا لغايةٍ في نفسها

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    من اين نبدا ومن اين ننتهي

  • بدون اسم

    يا سلام على ذكائك الخارق ، كأنك تنادي بالتدرج ، يعني أنك تشبّه مجتمعنا بالمجتمع الجاهلي ؟؟؟؟ هل نحن في زمن الجاهلية الأولى قبل الإسلام حتى تستشهد بما استشهدت به ؟

  • الطيب

    تابع
    فقط، عندما أرادت السلطة تقنين بيع الخمور تحرك الكثير من الذين يدعون إلى التظاهر بدعوى انها محرمة شرعا ، وانها مفسدة للعقول، مع ان كل شعوب العالم تقريبا تشربها ولم تفسد عقول الناس هناك مثلما هي فاسدة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية.. هل يعني ذلك ان كل الأمثلة التي قدمتها ولم يُدْع الناس إلى التظاهر ضدها شرعية؟..عجيب أمر هذا المجتمع ..عجيب..

  • الطيب

    تابع
    زورت الانتخابات وما تزال تزور..لم يدع احد إلى التظاهر..
    لوثت كل المجاري المائية في بلادنا، وديانا وانهارا وسواقي..لم يدع احد إلى التظاهر..
    انتشرت الدعارة غير المقننة في كل مكان..لم يدع احد إلى التظاهر..
    زجاجات الخمر تنتشر في كل مكان ، وتبرز اكثر على جوانب الطرقات دالة على انتشار بيع الخمور بدون رخص ..لم يدع احد إلى التظاهر..إلخ..إلخ..

  • يبالط

    عمت الرشوة بلادنا، وفي كل مستويات المسؤوليات ، من أدناها إلى اعلاها..لم يدع احد إلى التظاهر..
    نُهب المال العام بشكل رهيب، وما يزال ينهب..لم يدع احد إلى التظاهر..
    بقي أبناؤنا المتمدرسون في الشوارع خارج مؤسساتهم التعليمية نتيجة إضرابات المعلمين والساتذة الشرعية والسلطة تتفرج..لم يدع أحد إلى التظاهر ..
    عمت الدروس الخصوصية التي اثقلت كواهل الفقراء خاصة..لم يدع احد إلى التظاهر..
    اغتصبت الأراضي الفلاحية وتغتصب بشكل لا مثيل له بدء من سهل متيجة الخصب..لم يدع احد إلى التظاهر..

  • بدون اسم

    اتقي الله ياهذا ولا تفتري على الناس ظلما

  • ابن فتاح حسن

    الخمر غير مصنفة في قائمة الكبائر .و تحريمها جاء في السنة الاخيرة من الدعوة . اي بعد ازاحة الاسباب الباعثة عليها حيث بدأت الدعوة ببناء مجتمع التآخي ، التراحم و التكافل .و استئصال مخلفات الجاهلية من تمايز طبقي و عرقي و من تكبروتجبر .و نحن نريد ان نبدأ من حيث انتهت الدعوة و نقرأ الكتاب من حيث انتهى . فصاحب المقال و معه حمداش يرون انهم اعلم و ادرى من صاحب الرسالة عليه السلام الذي أرجأ تحريم الخمر الى ان يعاد بناء مجتمع التكافل و التراحم و الطهر.

  • بدون اسم

    ششكرررراا

  • ابراهيم

    سبحان الله مشكلتنا الا الخمر اين المخدرات اين القتل اين الفساد و اين واين وهل اجبرنا على شرب الخمر في قنوات المياه و كيف حال اخوتنا في المهجر بالملايين يا استاذ التربية هي الاساس و لكن الذين يطالبون بالمسيرات لاغراض سياسية او من اجل اغراض اخرى كفاكم نفاقا و كفاكم سداجة العالم تقدم بالعلم و العمل ولكن نحن وصفنا الله بالخزئ في الدنيا و في الاخرة عذاب عظيم
    و هذا لا يعني اني موافق مع الوزير الذي باع مبادئه وحزبه من اجل الكرسي ولكن نهايته حتما بنفس المصير الوزير السابق بن بادة

  • بوجادي جزائري

    الاستفزازات اليونسية والتهدئات السّلّالية ...فلسفة من الفقه السياسي
    الجزائري الأروع والأعظم والأحكم !!!