-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الممثل محمد طاهر زاوي لمجلة الشروق العربي

هناك العدید من الفنانين الذین ظلمتھم الجغرافیا والعزلة وأنا منهم

طارق معوش
  • 1050
  • 0
هناك العدید من الفنانين الذین ظلمتھم الجغرافیا والعزلة وأنا منهم
تصوير: إسلام محمد بوراس

يعد الممثل والوجه السينمائي، محمد طاهر زاوي، من الأسماء الفنية المميزة، عشق التمثيل والخشبة وواجه كل الصعوبات والعوائق التي تقف كهاجس أمام أي فنان، فابن عاصمة الأوراس باتنة ترجم مدى حبه لما اختاره عنوانا لحياته، من خلال أدائه الجيد لكل الأدوار الموكلة إليه، إلى جانب صدقه وتواضعه مع الجمهور، فهو لا يبحث عن الشهرة، شعاره الوحيد هو العمل بتفان وهو ما عكس تألقه في أغلب أعماله، الدرامية أو السينمائية- ”ورد أسود”، ”مشاعر”، ”عيسات إيدير”، وأعمال تنتظر العرض، نذكر منها فيلم ”أحمد باي” و”عبد الحميد بن باديس”.

الممثل محمد طاهر زاوي، عن أعماله ونظرته المستقبلية إلى الفن في الجزائر، كان معه هذا اللقاء لمجلة الشروق العربي..

الشروق: تحمل في جعبتك شھادات ھامة في تخصصات مختلفة، كیف انتقلت من التخصص التقني إلى الفن؟

ـ فعلا، أملك شھادة مھندس دولة في الإعلام الآلي وتقني سام في الحركة الجویة، أعمل حالیا في الملاحة الجویة في مطار باتنة الدولي، كما أنني ممثل مسرحي وتلفزیوني، وأمارس الفن كھوایة وحبا فیه ولیس كمھنة.

الشروق: دخلت مباشرة عالم الفن من خلال أدوار البطولة، رغم أننا لم نر لك أعمالا عرفت بك مسبقا، فھل ذلك ولید الموھبة فعلا؟

ـ وجب التذكیر بأني مارست التمثیل قبل 30 سنة في مدینة باتنة، مع جمعیة آفاق للفنون الدرامیة، وللأسف أو لسوء الحظ، لم أبرز من قبل، لأني ذھبت ضحیة التوزیع الجغرافي، خاصة وأن التمثیل في بلادنا یعتمد على المركزیة وتحدیدا العاصمة.. لا أعتقد فعلا أنني الوحید ھنا، فھناك العدید من الممثلین الموھوبین الذین ظلمتھم الجغرافیا والعزلة إن صح القول.

الشروق: ھل تقصد أن المخرجین یفضلون ممثلین من العاصمة ولا یعتمدون فعلا على تجارب الأداء؟

ـ نعم، كل الإنتاجات تكون في العاصمة، والمنتج لا یكلف نفسه عناء برمجة تجربة أداء أو «كاستینغ» للبحث عن الوجوه والمواھب، إلا القلیلین منھم، وھو ما أخر ظھوري شخصیا، فلم تمنح لي الفرصة كغیري من أبناء الولایات لأظھر على الشاشة. وأتذكر أن أول تجربة خضتھا كانت سنة 2009 على خشبة المسرح الوطني. مع ذلك، فقد كان أول عمل أشارك فیه دور البطولة، ھو مسلسل «عیسات إیدیر»، للمخرج الأردني كمال لحام، الذي أراد ممثلا یتقن الحدیث باللغة العربیة الفصحى، فبرمج حینھا تجربة أداء وطنیة وقادتني الصدفة إلیه، بعد أن شاھدني شخص أتحدث باللغة العربیة على خشبة المسرح، فاتصل بي لیتضح فی ما بعد أنه مساعد المخرج واقترح علي أن أشارك في الكاستینغ، لیتم اختیاري مباشرة للتمثیل، وھناك تعرف علي الجمھور في التلفزیون. ومنھا استفدت من بعض الأدوار. وحالیا اسمي معروف على الساحة الفنیة. وقد عرفت عند الجمھور العریض، قبل ثلاث إلى أربع سنوات ماضیة، خلال مشاركتي في مسلسلات في أدوار شبه رئیسة، أھمھا دور «جعفر» في مسلسل مشاعر.

فيلم أحمد باي تجربة جميلة من جميع النواحي.. يشرفني أن أجسد أدوار شخصيات ثورية أسهمت في استقلال الجزائر

الشروق: كيف كانت تجربتك في مسلسل “ورد أسود”؟ وهل تعتقد أن مثل هذه التجارب ستفتح لك باب المشاركة في أعمال عربية؟ وهل تلقيت عروضا؟

– سؤال يطرح عليّ غالبا لأنني تعاملت مع مخرجين عربا، والحمد لله، كانت لي بصمة إيجابية مع كل الفرق التقنية من مخرجين ومعاونين، شاركت معهم في أعمالهم، وكانت هناك شبه وعود حين تكون هناك فرصة سيستدعونني لأعمل معهم.. لكن إلى حد الآن، لم يحدث ذلك، لأنه، بين قوسين، وقد برر لي المخرجون العرب الذين تعاملت معهم، أنهم بعد عملهم في الجزائر اشتغلوا على مسلسلات البيئة الشامية البحتة، هناك حاجز اللهجة الذي أعاقهم عن التفكير في، في دور من الأدوار. ولكن، هناك من وعدني بأنه في حال أسند إليه عمل تاريخي باللغة العربية الفصحى، بأنني سأكون معه. وهذا يشرفني أنا أيضا، أن أشارك في عمل عربي. فكل فنان جزائري يحلم بأن يخرج من إطار جزائريته إلى الإطار العربي وخارجه، لأن الكثير من الفنانين يملكون القدرات لأن يتركوا بصمة جميلة إن شاركوا في أعمال عربية.

الشروق: حدثنا عن فيلم أحمد باي الذي طال انتظاره؟

– فيلم أحمد باي، هو أول فيلم سينمائي لي فيه بطولة مطلقة، بدور أحمد باى، تجربة جميلة جدا من جميع النواحي، الشخصية تركت بصمة قوية في الثورة الجزائرية في بداية دخول الاستعمار الفرنسي، شخصية بغض النظر عن كل ما يقال حولها. يشرفني أن أجسد أدوار شخصيات ثورية أسهمت في استقلال الجزائر بمختلف حقباتها التاريخية، وباختلاف نظرة التاريخ، لها من سلبيات وإيجابيات، ونحن الآن مهما كان أمام شخصيات، جاهدت ضد الاستعمار الفرنسي، هي بشر لها أخطاؤها.

الشروق: تألقت في عدة أدوار ھامة، مثل «عیسات إیدیر- فرسان الأھقار- الشتاء الأخیر- مشاعر- الأشقیاء» وغیرھا.. آخرھا دور والد العلامة عبد الحمید بن بادیس، في الفیلم الذي أخرجه باسل الخطیب، في أي نوع فني تشعر بالارتیاح أكثـر؟

ـ حالیا، أجد راحتي في الأنواع الثلاثة، لكنني أعتبر المسرح ھو الأم والمنبع الذي أعود إلیه دائما، أفضله على كل شيء آخر، وعندما أقف فوق الركح أستمتع كثیرا، لقد عدت إلیه بفضل مسرحیة «العطب» بعد غیاب ثلاث سنوات. بدایاتي في الفن كانت ركحیة، وذلك في سنة 1991، حیث قدمت أول دور مسرحي مع فرقة آفاق المسرح لمدینة باتنة، وبالموازاة مع المسرح، أتیحت لي لاحقا فرص المشاركة في أعمال تلیفزیونیة وسینمائیة كثیرة.

الشروق: ھل تختار أدوارك أم ھي التي تختارك؟

ـ أكید، ھناك معاییر لا أتنازل عنھا مھما حدث، حفاظا على تاریخي ومكانتي. عندما أتلقى عرضا لا أوافق علیه مباشرة، أطلب السیناریو وأقرؤه كاملا، فإذا أعجبني ووجدت أن الدور المقترح یناسبني ویتماشى مع مبادئي ویخدمني، أوافق. والعكس صحیح.. عموما، 90 بالمئة من الأدوار التي عرضت علي محترمة ومناسبة.

النجم يصنعه الجو العام للفن ونحن لا نملك صناعة سينمائية ولا صناعة درامية عظيمة

الشروق: في رأيك، هل لدينا حقيقة نجوم في الجزائر؟ وما معايير النجومية؟

– لست مخولا أن أصنف أيا كان.. لكن، رأيي المتواضع جدا، ليس لدينا نجوم حقيقيون في الجزائر، لأن النجم يصنعه الجو العام للفن، ونحن لا نملك صناعة سينمائية ولا صناعة درامية عظيمة، ولا مسرحا ينافس كبار الدول في المسرح. لذلك، لا يوجد لدينا نجوم، لدينا مشاهير نعم، أقول إن ما نمتلكه من فنانين مميزين لم تعط لهم الفرصة ليفجروا طاقاتهم، وهذا لأسباب عديدة.. والمعايير في الجزائر متغيرة جدا، وأعتذر إن قلت أحيانا إنها تافهة. يمكن أن يشتهر الشخص في ليلة ويصبح حديث العام والخاص، ليس للعمل العظيم الذي قدمه، ولكن لشيء قدمه قد يكون تافها جدا، وأيضا حاليا لدينا من القنوات ما يستضيف نفس الوجوه، فالمشهور للأسف عندنا هو كثير الظهور، النجم بتعريفه الأصيل ليس المعروف جدا، فهناك من لا يمتلكون أي موهبة، وهم معروفون جدا، يخرجون إلى الشارع لا يجدون وقتا لأنفسهم، كل الناس تكلمهم، وبالعكس، هناك أشخاص وممثلون يمتلكون طاقات رهيبة مغمورة ومقبورة، في ظل الجو العام الذي فرضته الرداءة.

الشروق: ما الذي تفتقر إليه الساحة الفنية الجزائرية حتى تنافس باقي الدول، أتحدث عن الدراما؟ أين المشكل أو الخلل؟

– تفتقر إلى الكثير، أولا بالنسبة إلي وبحكم تجربتي الصغيرة جدا.. السيناريو في كل العالم هو الأرضية التي يجب أن تكون جيدة، خاصة لكي تزرع فيها وكل رواد الدراما والسينما يقولون لك السيناريو.. نحن فقراء جدا في السيناريوهات التي قدمت إلى حد الآن.. ما أسمعه أنه توجد سيناريوهات جميلة، لكن، لم تر النور إلى حد الآن.. فالسيناريو مشكلة حقيقية جدا في الجزائر. ثانيا، يأتي الكاستينغ، وهو الفرع الثاني لقيام دراما قوية، والممثلون هم من يترجمون النص القوي أمام الكاميرا. ولا يخفى على أحد أن الكاستينغ عندنا مهتز وفقير ومهترئ، فلا يحتكم إلى بعض الاستثناءات، وفي كثير من الأعمال، لا تكون معايير الانتقاء احترافية، حيث يدخل فيها الجهوية وأنا شخصيا عانيت منها.. عكس ما يحدث في دول العالم.

ثم بعد ذلك، المخرج والفريق التقني ما سيظهر هاذين العنصرين في أحسن حلة، لو فقط وضعنا نصب أعيننا إنتاج أعمال ذات جودة عالية، ننافس بها بعض رواد الدراما.. وغير ذلك، لا أرى أننا سنخرج من هذا النفق المظلم. سنبقى هكذا، وربما سننزل إلى أدنى من ذلك.

لا يجب استسهال مجال الفن وإقحام من لا خبرة ولا علاقة لهم بالفن

الشروق: ما رأيك في الوجوه الجديدة التي اقتحمت عالم التمثيل سواء من الفنانين أم المؤثرين؟

– مجال الفن يسع الجميع، بشرط أن تكون في مستوى هذا الفن… لست أبدا ضد فكرة أن يلج أي كان مجال الفن، إذا كان يملك أدوات تقديم الجميل، وأيضا يملك من الموهبة والرغبة في التطور والتعلم، فقط لا يجب أبدا استسهال المجال، ما قد يجعلنا أمام أعمال ضعيفة. وهذا ما نلاحظه في بعض الأعمال التي أقحمت من لا خبرة ولا علاقة لهم بالفن.

الشروق: الملاحظ، أن ممارسي المسرح لهم حضور قوي وتأثير كبير في أدوارهم، وهو ما لمسناه في العديد من الممثلين ممن دخلوا هذا العام في أعمال تلفزيونية، أبانت عن قوة العمل، ما رأيك؟

– لا شك في أن ممارسي المسرح المتمكنين حتما سيتركون أثرا طيبا في الدراما التلفزيونية، وكما تفضلت، فقد برهنوا أنهم إذا ما أتيحت لهم الفرصة وأفسحوا لهم المجال، سيقدمون الأفضل ويرفعون من قيمة العمل، لأنهم في الأصل يملكون بحكم ممارستهم المسرح، أدوات التمثيل وكيفية تناول الشخصيات والتعامل معها.. يبقى أن يجدوا تأطيرا جيدا وتوجيها صحيحا أمام الكاميرا (لأن التمثيل أمام الكاميرا قد يختلف في جوانب عديدة عن المسرح والخشبة) ليقدموا أداء جيدا، كما نراه الآن.

الشروق: ما تقييمك للوضع الراهن عن الأعمال التلفزيونية “الدرامية” في الجزائر؟

– أظن أن الأعمال التلفزيونية الجزائرية، عرفت تطورا جميلا في تقنيات الصورة والإخراج وحتى التمثيل، بالاستعانة بممثلين ذوي كفاءات. وهذا يرجعنا إلى السؤالين السابقين. وأضيف، أنني متفائل بمساره، لأننا الآن متفتحون على أعمال الآخرين (مصر وسوريا وحتى تونس والخليج)، ما يجعلنا أمام ضرورة أن نرفع سقف النوعية، لأن المشاهد الآن أصبح متطلبا جدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!