-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الشروق تدخل "مبيت" عمال النظافة

هنا تنتهي الحياة الكريمة ويبدأ البؤس والشقاء

الشروق أونلاين
  • 3271
  • 1
هنا تنتهي الحياة الكريمة ويبدأ البؤس والشقاء
تصوير: علاء بويموت

طبيب يداوي الناس وهو عليل، هذا ما يصدق على بيت عمال النظافة “نات كوم” بمبيت العمال بالحراش بالعاصمة، فكيف لهم أن ينظّفوا أحياء الجزائر وهم يفتقدون إلى أبسط شروط النقّاء، ويحيون في وضع كارثي كانت للشروق إطلالة عليه.

  • لا يخيّل لأحد أبدا أن يفتقر بيت النظافة للنظافة، لكنه يدخل في إطار الممكن اللامحدود في الجزائر، والذي وقفت عليه الشروق في مبيت عمال النظافة لمؤسسة “نات كوم”، حيث أنستهم المعاناة أن مهمتهم الأولى التنظيف، لأن كل جزء فيها يتناقض وشروط الحياة الطبيعية.
  • فمن يصدق أن بيت عمال النظافة بلا مرش وهم  يقضون اليوم بأكمله في تنظيف الشوارع، ومن يحتمل أن شبه الغرف التي يعيشون بها لا تليق بإنسانيتهم لتغيير ملابسهم، حيث يقومون بذلك في غرف مظلمة آيلة للسقوط، ضيقة تفتقر للنظافة وأكثر من ذلك يضعون ملابسهم في خزائن حديدية لم تجدد منذ أعوام، لا تضمن سلامة اللباس الذي لا تتاح لهم فرصة تنظيفه، لأن الماء ببساطة غير موجود، وإن وجد فمن خلال السيول التي تدخل عبر سقف لا تحفظه إلا بعض الألواح من السقوط على رؤوسهم.
  • ممكن جدا أن نجد تناقضا بهذا الحجم في مؤسسة من مؤسسات الجزائر، فعمال النات كوم بالحراش لم يستقبلوا قطرة ماء واحدة، إلا بعد أن اشتروا بمصروفهم الخاص أنبوب التزويد بالمياه من مؤسسة “سيال”، التي من حسن حظهم أنها لا تقع الا على مرمى حجر من منزلهم الذي يتنفس كل الروائح، الا رائحة النظافة.
  • وعكّرت دورة المياه أكثر الجوّ، لأنها تفتقد لقناة صرف صحي، مما يعني أن الفضلات تبقى بالقرب منهم، وتخيّم برائحتها على الجو، رغم أن المنزل يقع في الهواء الطلق، غير أن مستودعات بيع الخراف قضت على طلاقته، وقيّدته إلى جانب أدوات عملهم.
  • إلقاء نظرة على أدوات العمل لعمال النظافة، تعطيك الإيحاء أنهم يقضون يومهم في مضاعفة وسخ الأحياء لا تنظيفها، من فرط تهرئها، وفقد لونها الحقيقي، لأن لون الأوساخ طغى عليها، وكذا لأن أغلبيتها مكسرة، كالحاويات، التي لا يضمن إن عبئت بها الأوساخ أن تخلد إلى قاعها، إذ أن أغلب الظن أنها ستعود على بعد خطوات فقط من الأرض التي حملت منها.
  • أمراض جلدية تفتك بأيدي العمال
  • وما يحزّ في النفس فعلا، أن ترى أيدي أولئك العمال، وقد فعلت بهم فضلات غيرهم فعلتها، ونقلت إليهم مختلف الأمراض الجلدية، منهم من تفاقمت لديهم الحساسية، ومنهم من أصيب بهذه الأمراض لاحتكاكهم اليومي بسلل الفضلات العمومية.
  • ويفضي بنا هذا لنقل الصورة عن أهم أداة من وسائل العمل، وهي القفازات، حيث المفروض أن تسلم ثلاثة أزواج في السنة لكل عامل، وهذا معدل غير كاف حسب محدثينا، ورغم ذلك لا يحصلون عليه بهذا التنظيم، مؤكدين أن بعض السلل التي يحملونها تتلف القفاز في حينه، ولا يوجد بديل عنه، وهذا وضع يجبرهم على التعامل المابشر مع مختلف السموم المندسّةِ في الفضلات.
  • والأكيد أن هذا الأمر لا يغيب عن ادراة المؤسسة، التي أوصل إليها العمال انشغالاتهم أكثر من مرّة، إلا أنها للأسف لا توفر مواد التنظيف والتعقيم لعمالها، الذين يستعينون في القضاء على أدرانهم بمواد يموّلونها ببعض الدنانير المتبقية في جيوبهم، لأنهم لم يستفيدوا جميعهم من الزيادات التي أقرها الرئيس، بل إن منهم من لايزال بعد تسع سنوات من العمل ينتمي إلى المؤسسة بموجب عقد مؤقت فقط، ولا حق لهم في التصنيف ولا الترقيه، ليكون الطموح وحده رفع الفضلات مقابل تجديد العقد وحسب، لما أغلقت المؤسسة آفاق عمالها وحبست عنهم حقوقهم كمحرّك حقيقي لفرض النظافة في “الجزائر البيضاء”!
  • وإن كانت جولة الشروق اقتصرت فقط على مبيت الحراش التابع لمؤسسة نات كوم، إلا أن الأصداء التي وصلتنا تفيد أنهم “جمعيا بنو سعد” ولا يزايد أحد على الآخر في الطهر والنقاء، وإن كان هذا فعل وضع مؤسسات النظافة في الجزائر، فعلينا أن ننتظر عشرية على الأقل حتى نحظى بشوارع السيد فيها سلة مهملات تتهافت عليها الأيادي، لتعكس صورة مجتمع يحثه دينه على النظافة، ويجعلها جزءا من إيمانه.
  • والأدهى من كل هذا غياب مطعم للعمال، أو حتى مطبخ يتولون فيه تدبّر أمرهم، من خلط للوصفات المنزلية، إذ يجبرون على اقتناء الطعام من الخارج، والمبيت في شاليهات، استقدمت منذ سنتين، تاريخ سقوط أول جزء من البناية الاستعمارية التي يسكنون بها، إذ تم تخصيص شاليهين لنحو خمسة عشر عاملا، واستغل الثالث منهم لإنشاء مكتب للإدارة، حتى تكون حلقة وصل بينهم وبين الادراة المركزية، إلا أن ذلك غير واضح على أرض الواقع.
  • ونحن نخط أسطر هذا الاستطلاع، آلمنا نعي وفاة السيد سعدي، سائق لشاحنة نقل القمامة بوحدة شراربة، بتاريخ 28 من الشهر الفارط، حيث أصاب الشاحنة عطب بطريق عين النعجة، نظرا لقدمها، وعند انتظاره فريق تصليح الأعطاب في منتصف الليل، سار محاولا إيجاد حل لما هو فيه، ليكون حتفه تحت عجلات شاحنة فائقة السرعة، مما يحتم علينا التساؤل: كم تبقى لزملائه من العمال ليلقوا نفس المصير، طالما أن الوضع نفسه منذ سنوات؟
  • إدارة المؤسسة.. لا من مجيب
  • ولدى اتصالنا بإدارة المؤسسة، حوّلنا المكلف بالإعلام إلى مديرها، إلا أنه على تكرار اتصالاتنا لم نحظ بأية إجابة، غير ما انتهى إلى أسماعنا من نية الإدارة تجديد البنية التحتية لكل فروعها، وهذا ما نرجوه أن يكون سريعا ويشمل بقية مطالب واحتياجات العمال.
  • وأفادتنا مصادر مسؤولة بأن بيت عمال النظافة بالحراش واحد من عشرات البيوت، تعرف إداريا بقاعدة حياة، تساعد بها الإدارة العمال القادمين من الولايات البعيدة على العيش فيها، بدل اللجوء للكراء في الفنادق.
  • مؤكدة أنه أكثر من مرة تم استدعاء قاطني قاعدة الحياة بالحراش إلى تغيير المكان بالحمامات، إلا أنهم رفضوا الأمر، مصرين على البقاء هناك، وأفادت مصادرنا أيضا أنهم يواجهون مشاكل جمة من هذا النوع، خاصة وان أبناء العاصمة عادة ما يرفضون هذا العمل، مما يجبرهم على الاستعانة بعمال من ولايات أخرى، ليقعوا في هذا النوع من المشاكل.
  • وعن الزيادات في الأجور، ردّت ذات الجهة أن عمال القطاع غير معنيين بها لا من بعيد ولا من قريب، مؤكدين أنهم يخصصون ميزانية هامة لتجديد العتاد والألبسة وتوفير مواد التنظيف، غير أن البعض من العمال يتاجرون بها -على حد قوله-.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بدون اسم

    أ ه ه ه ه ه ه ه ه,,,,,,,,, سامحوني لا أستطيع أن أعبر عن شئ,,,, ليس لي إلا أن أقول ,,,, سبحان الله و بحمده,