الجزائر
إتصالات وإبحار بالهواتف المحمولة رغم منعها بالمدارس:

هوس “الفايسبوك” يفسد الأساتذة ويضيع التلاميذ!

راضية مرباح
  • 4859
  • 18
ح.م

انتقل هوس استعمال الهواتف النقالة والإبحار في الإنترنت، خصوصا بمواقع التواصل الاجتماعي كالفايسبوك، إلى مختلف فئات المجتمع، بل وأصبح مرضا مزمنا يحمل العدوى.. وإن “استعمرت” هذه المواقع عقول نسبة كبيرة من مستعملي الإنترنت الذين لا يفارقون هواتفهم طيلة ساعات اليوم، سواء تعلق الأمر داخل السيارات، الطرقات، الحافلات وحتى بالأعراس، انتقلت الظاهرة لتشمل حتى الأساتذة داخل الأقسام وأثناء إلقاء الدروس دون أدنى اعتبار منهم لما سيخلفه الأمر من عواقب أمام مرأى التلاميذ.

وتؤكد العديد من الشكاوي، التي وصلت “الشروق”، سواء من طرف الأولياء أم أبنائهم التلاميذ حول ظاهرة لجوء بعض الأساتذة إلى استعمال هواتفهم النقالة داخل الأقسام، فكم من أستاذ وهو يلقي الدرس تأتيه رسالة نصية عبر هاتفه أو حتى إشارة صوتية خاصة بالفايسبوك تؤكد أنه تلقى ردودا على منشور أو رسالة عبر الموقع، فيترك الدرس بعد الاستئذان أو دون ذلك لقراءة ما وصله من رسائل، فتجده تارة يرد وتارة أخرى يطلب العفو بعد الاطلاع على ما وصله. وتشير شكاوى أخرى إلى أن أحد المعلمين طلب من تلميذه مشاركته في الإنترنت، أي منحه بعضا منها ليتمكن من الإبحار بعد انقضاء الفترة المحددة بهاتفه.. حالات أخرى يؤكدها بعض التلاميذ حول انتشار الظاهرة بين الأساتذة، خاصة منهم الشباب حديثي التخرج والمنصب الذين تم توظيفهم منذ سنة أو سنتين، فبعضهم يفر إلى هاتفه فور انتهائه من الدرس وتكليف التلاميذ بمهمة ما والاختفاء وراء المحفظة في حالة جلوسه بمكتبه، وحالات أخرى تؤكد فرار الأستاذ إلى خلف القسم للإبحار في عالم النت حتى لا يكتشف أمره من طرف التلاميذ..

وإن كان العديد من هؤلاء التلاميذ هم كذلك لا يمكنهم الاستغناء عن هواتفهم النقالة حتى بداخل الأقسام بطريقة سرية حتى لا يكتشف أمرهم بعدما تحولت هذه الأخيرة إلى إدمان من نوع آخر، فيعتبر من طرف الكل ضحية لكون قدوته الأستاذ يجبره على السير على نفس المنهج.. مشاهد أخرى تحدث عنها التلاميذ، ألا وهي انتشار طلب الصداقات عبر الفايسبوك بين الأساتذة وتلامذتهم، وإن كان الأمر لا يعاب عليه كثيرا بل يعتبر تواصلا بين التلميذ ومعلمه سواء للاستفسار أم لتقديم يد العون أم حتى لنشر أمور تزيد من عطاء التلميذ فكريا وتشجيعه بعيدا عن الأفكار غير التربوية والتثقيفية، كما تشير الشهادات إلى أن استعمال الهاتف النقال أصبح أمرا عاديا داخل الأقسام، حيث وفي أوج فترة التركيز على الدرس يمكن أن يرن هاتف أي تلميذ أو أستاذ، مشتتا معه الأفكار أو الفهم.. وهي الظاهرة التي لم ينفها العديد من مديري التربية الذين أكدوا أنهم تلقوا العشرات من الشكاوي في الأمر.

يحدث هذا رغم التعليمة التي كانت وزارة التربية قد أصدرتها خلال السنوات الماضية، التي تقر بمنع استغلال الهاتف النقال داخل الأقسام مع الاكتفاء باستعمال الهاتف الثابت عند الضرورة.

رئيس منظمة أولياء التلاميذ علي بن زينة:
قانون منع الهواتف غير مطبق.. والأستاذ قدوة للتلميذ في أبسط الأمور

المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، من جهتها، وعلى لسان رئيسها علي بن زينة، ترى أن الظاهرة أخذت مسارا غير مقبول، حيث أكد المتحدث أن قانون منع استعمال الهواتف النقالة الذي كانت وزارة التربية قد أصدرت بموجبه تعليمة خلال السنوات القليلة الماضية، غير مطبق على أرض الواقع، سواء تعلق الأمر بالتلميذ أم الأستاذ.
هذا الأخير، الذي اعتبره بن زينة قدوة لتلاميذه، وجب عليه الانصياع لهذا القانون حتى يجد الاحترام المتبادل من طرف التلميذ، مشيرا إلى أن للمعلم وقتا محددا من ساعات العمل، فليس من حقه أخذ أجر على وقت ضيعه في الهاتف، خاصة وسط الدروس، حين يزيد من التشويش على التلميذ وعدم إمكانية التركيز في حالة رن جرس الهاتف بقطع صيرورة الدروس.
وكشف بن زينة بالمناسبة ظاهرة أخرى لا تقل سلبا عن سابقتها وتتعلق بإقدام بعض الأساتذة على مرافقة أبنائهم الصغار إلى غاية الأقسام، سواء منهم الدارسين في الأقسام التحضيرية أم أولئك الذين لم يبلغوا سن التمدرس بعد، ولم تجد والدته وهي الأستاذة مكانا أكثر أمنا له سوى إحضاره معها إلى داخل القسم، وبحضور مثل هؤلاء الأطفال– يقول بن زينة- يقل التركيز داخل الأقسام التي تعلوها الفوضى والشغب، والدليل– يؤكد- الشكاوي العديدة التي تلقتها المنظمة خاصة بغرب الوطن وبوهران بالتحديد شأن ظاهرة أخرى وهي تداول ومنح المناصب بقطاع التربية عن طريق “المعريفة” لأفراد العائلة المتقاربة، وهو الإشكال الذي يحد من تطبيق القوانين في حالة خرقه من أحد العمال سواء بالإدارة أم الأساتذة، لتبقى دوما الحلقة المفرغة تسيطر على قطاع حساس يعبر عن حراك الأمم وتطورها.

رئيس لجنة التربية بالمجلس الولائي زهير ناصري:
الظاهرة تؤثر سلبا على الأستاذ والتلميذ معا..

ويؤكد رئيس لجنة التربية والتعليم العالي والتكوين المهني بالمجلس الشعبي الولائي للعاصمة، زهير ناصري، في تصريح إلى “الشروق”، أن الإشكال تم طرحه على مديري التربية، ولمست اللجنة استجابة من طرف هؤلاء بتقديم تعليمات صارمة للحد من الظاهرة، التي قال بأنها تبقى محصورة في حالات شاذة فقط، مؤكدا أن استعمال الهاتف المحمول داخل الأقسام لا يؤثر على التلميذ فقط بل على الأستاذ كذلك بل يجعله–كما قال– مضطربا وسط الدرس في حالة تلقيه اتصالا من طرف أحد أفراد عائلته.
وقال ناصري إن وعود مديري التربية كانت تتمحور حول تنظيم لقاءات دورية مع مديري المؤسسات التربوية، مذكرا أن الإجراء ليس بالسهل لإيصال التعليمة شفهيا إلى كل الأساتذة والتلاميذ، خاصة أن العاصمة لوحدها تضم 1500 مؤسسة تربوية و900 ألف تلميذ.. وهو عدد ضخم لا يمكن التحكم فيه بسهولة.
وعاد ناصري إلى الحديث عن الرسالة النبيلة التي يفترض أن يوصلها الأستاذ إلى التلاميذ، فما يقدمه من معلومات وتصرفات يكتسبه المتلقي خاصة صغار السن منهم الذين ما زالوا بمثابة ورقة بيضاء، واعدا بأخذ الإشكال بعين الاعتبار من خلال الخرجات الميدانية للجنة بعد فض العطلة الشتوية وعودة التلاميذ إلى المدارس.

مقالات ذات صلة