-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هَرِمَتْ قبل الموعد

هَرِمَتْ قبل الموعد

لم يزد عمر الدولة العبرية، عن عمر رجل مسنّ، حتى عصفت بها رياح الهمّ عصفا، وقصفتها رعود الموت قصفا، على حدّ تعبير الشاعر القروي، بعد أن دخلت في دوامة احتجاجات، وبالتأكيد سيتم إخماد نيرانها في القريب العاجل، ولكنها ستبقى مرشحة للاندلاع بين الحين والآخر، ليس بسبب ما سُمِّي “التعديلات القضائية”، وإنما لأن الأكذوبة عمرها قصير، حتى ولو وجدت من يصدِّقها ويؤمن بها من بلاد الغرب ومن بعض العرب، الذين ظنوا بأن هذا الكيان هو فعلا “دولة” ديمقراطية ومتحضِّرة، وهو في الأصل مصنوعٌ من أجساد الأحرار، من أبناء فلسطين.

لا تهمّ حكاية التغييرات القضائية وتجميدها، ولا حكاية فضائح ابن رئيس الوزراء نتنياهو، ولا خروج رُبع سكان الأراضي المحتلة من الإسرائيليين للاحتجاج بكثير من العنف، لأن ما يحدث استشرف وقوعه حتى أشد المتصهينين، ولكن ما يهمّ هو أننا الآن في مرحلة بداية، وربما بداية لنهاية قد تكون مستعجلة، فقد ساهمت إسرائيل باعتراف رجالاتها، وفي وجود أدلة ملموسة في كل الأحداث الدامية والمؤسفة التي وقعت في بلاد عربية كثيرة من العراق وسوريا إلى الجزائر وليبيا واليمن، بل وعاشت من رائحة الجثث والأنقاض مثل ديدان العفن، التي لا تعيش سوى من فضلات وبقايا الحياة. وما تقرّ به الدولة العبرية في الآونة الأخيرة من طلبات للهجرة العكسية ورغبة الكثيرين في العودة من حيث أتوا، هو دليلٌ على أننا نعيش بداية مرحلة هدم، هناك من يراها أسرع من عقود البناء، إذ يعرف المهندسون المعماريون بأن العمارة التي تُبنى على أسس هشة تنهار بأسرع من زمن التشييد.

يتابع الفلسطينيون والكثير من أحرار العرب والمسلمين -ولحسن الحظ فإن عددهم كبير جدا- ما يحدث في تل أبيب على وجه الخصوص، ملتزمين بالصمت والمتابعة عن بعد، وغالبية وسائل الإعلام تنقل أخبار التوتر الداخلي لدى الكيان من باب نقل الخبر فقط، عكس ما كان يفعله ومازال الإعلام الإسرائيلي والغربي عموما، في كل توتر يضرب بلادا عربية، وسيجد نتنياهو صعوبة كبيرة في إطفاء النيران التي ستندلع من حوله بعد أن يتمكن من إخماد هذا الغضب الأول والأكبر في عمر كيان يكبر عُمر بنيامين نتنياهو بسنة واحدة فقط، وحينها سيُنسي الداخل الكيانيّ، في الخارج، كما أنسى الداخل بلاد العراق وسوريا واليمن في ما يحدث من حولهم من أحداث.

مشكلة إسرائيل هذه المرة تكمن في انشغال بلاد الغرب بمشاكلها بين الأزمة الأوكرانية والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية وفوضى فرنسا، ومشكلتها الأكبر في ظهور قوى عالمية جديدة لا تتوقف عن انتقاد ما تقوم به من استيطان وقمع تجاه الفلسطينيين، والذي يظنُّ بأن الأمر عابر، وزمن رجوع الحق مازال بعيدا وربما لن يكون، سيغيّر رأيه، وقد يشاهد ما لم يحسب وقوعه أبدا وفي أقرب الآجال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!