الشروق العربي
البطلة الأولمبية والعالمية حسيبة بولمرقة لـ"الشروق العربي":

هُدّدت من قبل الإرهاب واعتزلت بسبب وفاة والدتي

الشروق أونلاين
  • 10138
  • 2

… كنت أرفع الراية الوطنية عاليا وأقول هذه الجزائر التي تفوز وتنتصر… هكذا أهدت “حسيبة بولمرقة” نجاحها في كل مرة، “بولمرقة” التي جاءت من مجتمع رجالي يؤمن بالممنوعات، وبدأت من الصفر وصنعت لها رقما قياسيا عالميا “3.55”. أشرقت أملا على الجزائريين الذين اسوّدت سماءهم في تلك الفترة، وباتوا منبوذين من كل العالم، اختارت أن تضحي لوحدها وتواجه بعبعا اسمه الإرهاب. القسنطينية التي أخذت عن مدينتها عناد الصخر والشموخ عادت بنا في هذه السطور لمسافة الألف ميل، وما شابها من محاولات لتحطيمها في مجتمع موبوء يجب أن لا تنجح فيه، عن اعتزالها، وأجمل ما علق في الذاكرة في تلك الفترة.

*عادت “حسيبة بولمرقة” البطلة العالمية والإفريقية والعربية لكل المشاكل التي يتخبّط فيها المجتمع الجزائري، أين تقول  “التربية هي أساس النجاح، وهي تأتي من الأسرة، ثم المدرسة والمحيط العائلي، للأسف اليوم أغلب الأولياء استقالوا من هذه المهمة، وسلموها للشارع. المشكلة اليوم هي مشكلة أخلاقية، ويمكن قياس ذلك على كل المجالات. الرياضة بالنسبة لي كانت هواية، ثم موهبة اكتشفتها عائلتي الصغيرة المكونة من خمس بنات وولدين وأنا أتوسط إخوتي، منذ صغري أعمل أشياء تفوق طاقتي وكنت سريعة جدا، كنت أتحدى أمي في جلب الأشياء من السوق، وكانت تستغرب -رحمها الله-. وأستاذاي “سامية مقيدش” و”العابد عبود” هما من اكتشفا فيّ هذه الموهبة وهما من وجهاني إلى هذه الرياضة”. تواصل “بولمرقة” حديثها بفخر “استدعيت بعدها للفريق الوطني سنة 1986 كأصغر عداءة، وفي سنة 1989 التحقت بمدربي الجديد “بوراس عمار” في العاصمة ونلت معه كل الألقاب العالمية والأولمبية. في سنة 1990 دخلت في بطولة الاتحاد السوفياتي ودخلت مع 3 الأوائل، ومن هنا تأكد الجميع أنّ حسيبة وصلت إلى المستوى العالي. بعدها أصبح لي مناجير وهو إيطالي، وأصبح لدي سبونسور مع “دوديرا” الإيطالية ومدرب عالمي، يعني العارضة الفنية الخاصة بي متكاملة. في سنة 1991 كانت الانطلاقة الفعلية لبطولة العالم في طوكيو، وتحصلت على أول ميدالية ذهبية في تاريخ الجزائر والرياضة النسوية”.

*استرسلت مستضيفتي تسرد ظروف اعتزالها بالقول “ما لم يعلمه الكثير أنّ الرياضي في المستوى العالي عندما يصل إلى سن معيّن تبدأ المشاكل الصحية، وهي الأخرى تؤدي إلى تعب نفسيته. وفاة والدتي سنة 1999 هو ما أثر فيّ كثيرا، لأني ربحت كل الألقاب، والجوائز… وعندما وصلت إلى مرحلة القرب من والدتي أخذها الموت مني!! وفي سنة 2000 لم تبق لي الرغبة في ممارسة الرياضة، خاصة بعد أن دخلت في مشاكل مع الوزارة وأوقفوا المنحة لأجد نفسي في مفترق الطرق. في الجزائر دائما هناك أناس يريدون تحطيمك وهي ذهنية عانيت منها منذ بداية المشوار. وأذكر أنه في إحدى المرات وصل بهم الأمر إلى تضييع جوازات سفرنا عن قصد، من أجل حرماننا من الذهاب إلى التدريبات خارج الوطن. متسائلة، هذا على زماننا وأن يعاد نفس السيناريو مع هذا الجيل الجديد، كما يحدث اليوم مع “مخلوفي” مؤسف جدا!! في الأخير انسحبت في صمت، بقيت عامين وأنا أبحث، وعملت مشروعا أسترزق منه وعائلتي”.

*قلبت “بولمرقة” صفحات الذاكرة فاختارت أن تتكلم عن تكريمها من قبل الرئيس الراحل “الشاذلي بن جديد”، وهو التكريم الذي تعتبره الأفضل لوقعه الجميل عليها “كرّمني الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد سنة1991 بوسام الاستحقاق الوطني، وقُبلته على جبيني موسومة ما حييت، أحسست فيها الاحترام والأبوة والتقدير، ثم التفت إلى الوالدين وقال لهما “يعطيكم الصحة خير ما أنجبتما”. أذكر أيضا لقائي بالزعيم “فيدال كاسترو” لما قرّرت الذهاب إلى هافانا سنة 1993، استقبلني لمدة ساعتين، وقدمت له علم الجزائر هدية، فنظر إلي وقال “جزائر بومدين”. هو إنسان مثقف وإنساني جدا، ويحب الحياة البسيطة، قال لي كنت أظن أنك طويلة، وتمنيت أن أصافحك يوما”.

مقالات ذات صلة