الجزائر
"الشروق" تنقل حقائق مثيرة عن الفقيد

وأخيرا.. انتشال جثة المرحوم عياش محجوبي

الطيب بوداود
  • 55666
  • 26
أرشيف

أعلنت العديد من المصادر عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وشهود عيان، عن تمكن أعوان الحماية المدينة اخيرا من انتشال جثة الشاب عياش محجوبي، بعد معاناة طويلة لعدة أيام..

ونقل شهود عيان أن جثة الفقيد تم انتشالها من البئر وبقيت مدة من الوقت في المكان بسبب تخوف من ردات فعل غير منتظرة من الأعداد الغفيرة للمواطنين المحيطة بالمكان..

وفي سياق متصل قال مراسل قناة الشروق نيوز أن جثة المرحوم عياش قد تمت معاينتها بعين المكان من طرف طبيب شرعي، وأضاف أنه من المنتظر نقل جثة الفقيد إلى مستشفى بوسعادة الذي تتواجد به في هذه الأثناء تعزيزات أمنية مشددة، كما لوحظ تجمهر المئات من المواطنين حوله..

وكانت جهود انتشال جثة الشاب عياش، أو العياشي مثلما كان يناديه البعض، قد تعثرت مرة اخرى في وقت سابق من هذاالأربعاء، بعد أن ارتفع منسوب المياه في محيط البئر، وغير بعيد عن هذه الأخيرة، اكتظت مجالس العزاء التي أقيمت للفقيد، بالجموع التي قدمت من كل الولايات، من الولاية رقم 01 إلى الولاية 48، وفي تلك المجالس، رصدت “الشروق” جوانب من حياة وشخصية الفقيد.


كان الحاج عيسى محتفظا برباطة جأشه، وهو يتوسط سيول المعزين التي تقاطرت على منزله بقرية أم الشمل، وبدا عليه الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره، ولعل السر في صبره وجلده، هو مروره بتجربة سابقة: “فقدت ابنا آخر في عام 2005.. خالد مات بالرصاص داخل حظيرة قصدها لشراء قطع غيار، غير أن الحارس أطلق عليه النار وأرداه قتيلا، وقد رفضت يومها تشريح الجثة وقلت لوكيل الجمهورية هذا قضاء الله وقدره”.

متضامنون .. من الولاية 1 إلى الولاية 48

وعلى الطريق المهترئة وعلى طول 12 كيلومترا، كانت حركة السيارات لا تنقطع، جيئة وذهابا، “أم الشمل كانت ميتة، وعياش أحياها”، هكذا علق الوالد المكلوم على الحركية التي باتت تعرفها القرية، وعلى صيتها الذي انتشر في كل البقاع وباتت الألسن تردده داخل الجزائر، وخارجها. وطيلة تواجدنا بالمجلس، لم يكن الحاج عيسى يتوقف عن ترديد عبارة “ربي يعفو على الحيين.. أما عياش راه مات!”.

ولع بتربية الخيول

تجولت “الشروق” بين سبع خيم عزاء انتشرت حول منزل آل محجوبي، لاستيعاب المعزين الكثيرين، وتوزع عليها أٌقارب عياش لتقبل العزاء، وتحت إحداها كان عمه، الذي كشف جوانب مثيرة عن شخصية عياش غير العادية، ومن ذلك أن الفقيد عقب عودته من الخدمة العسكرية، أناطت به عائلته مهمة الاعتناء بالماشية، التي تنتجع بجبل محارقة، حيث كان عياش يلازمها هناك، وإلى جانب العناية بالماشية كان يعتني بالخيل التي يهوى تربيتها، حيث كان يربي سبعة خيول.

“هذي تاع الشعب!”

عياش كان أيضا بارعا في العزف على الناي المحلي، المعروف بالقصبة، وكثيرا ما كان يتردد على البئر ويجلس عند فتحتها ويعزف على نايه، ويقول العم أنه قبل أسبوعين من الحادثة، عاد عياش إلى منزل عائلته، ويواصل العم حديثه، وقد حفته جماعات المواطنين القادمين من كل حدب وصوب، وكان لافتا تواجد مشايخ وأئمة قدموا من جنوب البلاد، وأسراب من الدراجين، وعددهم نحو مائة قدموا على متون دراجاتهم الكبيرة. وقد تحلق المعزون والفضوليون جماعات جماعات، في محيط منزل عياش وفي أزقة القرية، وبينهم كانت تُتداول قصص كثيرة حول أسباب وظروف سقوط الشاب في البئر، وبعضهم أعطى خلفية غيبية للحادثة، حين راح يروي لمن تجمعوا حوله، أن البئر “تسكنها الجن!”، وأن عياش “قتلته جنية!”، وكان كثير من الحاضرين يؤمنون على أٌقواله، مصدقين لما جاء على لسانه!

موت عياش يبعث الحياة في أم الشمل

خلال انتقالنا لموقع البئر، كانت الجهود متواصلة لانتشال الجثة، لكن التوقعات باستخراجها الأربعاء تبخرت، الماء غمر محيط الحفرة، وزاد تعقيدا مهمة عناصر الحماية المدنية، وسائقي الآليات التي كانت بالمكان، وحرص المواطنون على وضع ملصقات على هياكلها، حملت عبارة “هذي تاع الشعب”، وهو تعبير عن موقف الشارع من المجادلة التي دارت بين الوالي وشقيق عياش قرب البئر، ووصفت بالمؤسفة والمستفزة، وزادت من غضب المواطنين حيال السلطات، وكل ما يرمز لها حتى أن بعض المواطنين، اعترضوا طريق جرافات تابعة، لشركة “كوسيدار” العمومية، ومنعوها من ولوج الموقع، وهو مؤشر على التوتر السائد، الذي يبدو أن الجهات المعنية لم تأخذها مأخذ الجد، بدليل إرسال تعزيزات، من رجال الدرك، صادفت “الشروق” عند مغادرتها المنطقة، عددا من الحافلات تنقلهم إلى منطقة عين الشمل. وعند مغادرتنا كانت أرتال من سيارات المتضامنين تتدفق على المنطقة من دون انقطاع، باعثة فيها الحياة.. فالحياة في أم الشمل مبعثها الموت.. موت عياش!

مقالات ذات صلة