الرأي

واجب معارضة تجديد الولاية لدستور مغلق

حبيب راشدين
  • 1697
  • 9

ثلاثة اسابيع فقط تفصلنا عن آخر دخول اجتماعي قبل موعد استحقاق الرئاسيات، ببروز مؤشرات سياسية اقتصادية واجتماعية جد مشجعة لأنصار العهدة الخامسة، محبطة لمن كان يراهن على الجبهة الاجتماعية لخلط الأوراق وحمل النظام على خيار آخر غير التجديد للرئيس بعهدة خامسة.
ومع كل ما صدر ويصدر عن المؤسسات المالية الدولية، فإن الأزمة المالية التي كانت تهدد البلد بداية سنة 2016 باتت وراء ظهورنا، وبات الوضع المالي أبعد ما يكون عن توقعات الخبراء التي كانت تعِد بانهيار وشيك، يجمع بين شح موارد تمويل الدولة، وتراجع الاستثمارات في القطاعات المشغِّلة، وبين انهيار كبير في القدرة الشرائية للمواطن مع تضخم برقمين، وتسريح واسع للعمالة يفاقم الجبهة الاجتماعية، وقد يشعل فتيل المشاغبة بها على أوسع نطاق.
وقبل سبعة شهور على موعد الاستحقاق الرئاسي يبدو النظام جد متماسك، استطاع أن ينفذ عملية تطهير محسوبة في كثير من الأسلاك الأمنية والقضائية والإدارية على خلفية ملف الكوكايين، وأغلقت مؤسسة الجيش عبر تصريحات قائد الأركان باب الرهان على المؤسسة لقيادة مرحلة انتقالية تراها أقرب إلى تنفيذ انقلاب أبيض على رئيس منتخب.
وقبل سبعة أشهر عن الموعد، لم تحرك بعض المبادرات القاصرة من جهة أحزاب الموالاة كما من جهة المعارضة المياه الراكدة، وما تزال الوجوه شاخصة، تترقب كلمة السر من جهة قصر المرادية الذي لم يمسك صاحبه بالعهدة الخامسة بمعروف أو يسرح أنصارها وخصومها بإحسان، فتركهم كما تترك المعلقة من الضرائر، حتى ان منسوب الشك والريبة هو اليوم أكبر عند فريق الموالاة منه عند خصوم العهدة.
ما هو شبه مؤكد اليوم أن النظام قد تجمعت له جميع الأوراق الرابحة للذهاب بيسر نحو أحد الخيارين: تجديد الولاية للرئيس مع احتساب ما يرافقها من تبعات استمرار حالة الشغور في موقع رأس الدولة وجهازها التنفيذي، أو التوافق مع الرئيس على خليفةٍ يُستدعى من صفوف الشخصيات المحسوبة على النظام، يضمن في الحد الأدنى حالة الوئام بين مؤسستي الرئاسة والجيش التي تُحسب للرئيس، ويعود إليها الفضل في تثبيت الأمن والاستقرار.
الخيار الثاني، حتى وإن كانت فرصه قد تراجعت في الشهور الأخيرة، يظل حاضرا في حسابات أركان السلطة في المؤسستين، وقد يضطر إليه النظام في حالات ثلاث: رفض الرئيس للعرض، أو بروز وتنامي معارضة شعبية صريحة للعهدة الخامسة، أو حصول انفجار غير متوقع في الجبهة الاجتماعية يخشى أن يُستثمر لضرب الأمن والاستقرار.
ما هو مستبعدٌ يقينا، أن يحصل توافق بين أقطاب المعارضة لتزكية مرشح توافقي يكون قادرا على احباط مسار العهدة الخامسة عبر الصناديق، أو منافسة خليفة، يسهل على النظام تدبيره في الربع ساعة الأخير، بل صار يقينا أنه لا حظوظ للمعارضة في أي استحقاق قادم، في ظل نظام شبه رئاسي مغلق أمام فرص التداول، لا على المؤسسة التشريعية ولا على رأس الدولة وجهازها التنفيذي، ويحسن بالمعارضة مستقبلا أن تصرف جهودها للمطالبة بتعديل دستوري يخرج البلد من سرداب دستور 89 المغلق، باعتماد نظام برلماني يُخضع الجهاز التنفيذي الحكومي للمشاركة والرقابة، أو الذهاب نحو نظام رئاسي صريح يحقق الفصل الفعلي بين المؤسستين، وكلاهما يوفر فرصا افضل للتداول وتجديد النخب.

مقالات ذات صلة