-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وتزيّنت الجنّة

سلطان بركاني
  • 2848
  • 0
وتزيّنت الجنّة

لعلّ من أهمّ المبشّرات والمحفّزات التي ترافق حلول شهر رمضان من كلّ عام، وتستحقّ أن يقف معها العبد المؤمن وقفة تأمّل وتدبّر، تفتّح أبواب الجنان وتزيّنها لعباد الله المؤمنين في أوّل ليلة من ليالي هذا الشّهر الفضيل، وكأنّها تناديهم بقول خالقها سبحانه: ((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين))، وكأنّ الله الحنّان المنّان جلّ في علاه يذكّر عباده بأنّه ما خلقهم إلا ليرحمهم ويدخلهم جنّته، وكأنّه سبحانه يتحبّب إليهم بعطاياه في هذا الشّهر الذي جعله فرصة لمغفرة الذّنوب وعتق الرّقاب، ليرجوا رحمته وفضله ويسعوا لدخول جنّته ومستقرّ رحمته.

الجنّة تفتّح أبوابها في رمضان، وتتزيّن لعباد الله المسلمين الصّائمين، لتذكّرهم بأنّها ينبغي أن تبقى غايتهم وتظلّ نصب أعينهم، تحدوهم للتزوّد من الطّاعات والقربات وترك المعاصي والمخالفات.

الجنّة ما أدراك ما الجنّة؟ اسمها يضفي على النفس راحة وطمأنينة وسعادة، فكيف بوصفها؟ بل كيف برؤيتها؟ بل كيف بدخولها وسكناها والخلود فيها؟. يؤتى يوم القيامة بأشدّ أهل الدنيا بلاءً وعذابا من المؤمنين، فيغمس غمسة واحدة في الجنّة، ثمّ يقال له: هل مرّ بك بلاء قطّ ؟ فيقول: لا وربّ.. غمسة واحدة في الجنّة ينسى معها كلّ بلاء وعناء.

إنّها الجنّة، نعيم لا يخطر على بال، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، مهما حاولتَ أن تتخيّل فالجنّة أعظم من ذلك.. تصوّر مُلْكَ مَلِكٍ من أعظم ملوك هذه الدنيا: قصر واسع، حديقة غناء فيها من كلّ الألوان والثمار، أثاث بهيّ وأسرّة ناعمة، طعام من كلّ ما لذّ وطاب، مراكب فاخرة وخدم وحشم يخرج هذا ويدخل ذاك… هذا النعيم لا يساوي عشر نعيم أقل أهل الجنّة منزلة فكيف بأعلاهم منزلة؟.

لأجل هذا النّعيم المقيم، ينبغي للعبد المؤمن أن يعلي همّته ويجاهد نفسه على طاعة الله وطلب مرضاته، ويتوب كلّما ضعفت نفسه ووقع في ذنب أو خطيئة، ليكون –بإذن الله- يوم القيامة مع الذين يساقون إلى الجنّة ويدخلونها خالدين فيها أبدا، لا موت ولا مرض ولا هرم ولا همّ ولا غمّ ولا فراق.. النساء أجمل وأبهى من الحور العين، والرجال على صورة أبيهم آدم -عليه السلام- في عمر الفتوة والشباب أبناء ثلاث وثلاثين، وجوههم أبهى من القمر ليلة البدر، لكلّ رجل منهم في قصره وخيمته أزواج، وله فيها حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، الواحدة منهنّ لو اطّلعت على أهل الأرض لأضاءت الأرض لنورها ولامتلأت ريحا لطيبها.. يلبسون الحرير ويتحلّون بالذهب والفضّة واللؤلؤ، ويأكلون ويشربون في آنية الذهب والفضّة، ويجلسون في البساتين على السرر والأرائك والفرش، ويتكئون على الزرابي والنمارق، يتقابلون ويتزاورون ويتسامرون ويتضاحكون، ويتذاكرون ما كانوا عليه في الدنيا وما منّ الله عليهم في الجنّة: ((وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ – قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم)).. وخاتمة النّعيم نظرة إلى وجه الله الجليل ينسى معها كلّ نعيم.. كيف لا وهي نظرة إلى الخالق سبحانه، إلى من لو كشف الحجاب في هذه الدنيا لأحرقت سبحات وجهه ما امتدّ إليه بصره.. نسأل الله أن يرزقنا الجنّة وما قرّب إليها من قول أو عمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!