-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وجاء نصرُ الله وفرح المؤمنون

وجاء نصرُ الله وفرح المؤمنون

أعترف بأمرين رئيسين جرت وقائعهما على أرض الجهاد الجزائر، وهما:

*) أننا -نحن الجزائريين- منذ 1830 إلى الآن لم نصوِّر جرائم الفرنسيين في الجزائر، سواء كانت هذه الجرائم مما ارتكبته الدولة الفرنسية، أو كانت مما اقترفه أفرادٌ فرنسيون.. إذ “تفنَّن” الجميع في هذه الجرائم إلى درجة أن كثيرا من الناس -بمن فيهم جزائريون- لا يصدِّقون وقوعها، ويعتبرونها من نسج الخيال. وما هي في الحقيقة إلا جزء من تلك الجرائم التي لم يُسبَق إليها الفرنسيون وأجزم أنه لن يلحقهم في بشاعتها، كما وكيفا – لاحقٌ، ومارسوا ذلك كلَّه بحقدٍ صليبي – لاتيني.

*) كما أعترف أننا نحن الجزائريين -منذ 1830 إلى يوم الناس هذا- لم نصوِّر ما قام به آباؤنا وأجدادنا من أمجاد ضد عدوٍّ امتلك أعتى الأسلحة وأشدَّها تدميرا للبشر، وللعمران، وللأرض، وللحيوان، ولم ينجُ من بشاعتها حتى الأموات الذين نبش قبورَهم الفرنسيون، ونقلوها إلى فرنسا كما شهدوا على أنفسهم.

إذا استعرنا مصطلح الأستاذ مالك ابن نبي “الحادث والتاريخ” قلنا إن حادث 19 مارس 1962 هو تتويجٌ لتاريخ بدأ في جوان 1830، بنزول الفرنسيين في سيدي فرج، وامتدّ إلى 19 ماس 1962.

لقد انطبع هذا التاريخ الذي عمره مائةٌ واثنتان وثلاثون سنة، كلها سنواتٌ عجاف علينا، انطبع هذا التاريخ بطابعين اثنين هما:

*) استمرار الجهاد المسلح إلى عشرينيات القرن العشرين، ليجاهد أجدادنا وآباؤنا جهادا سياسيا بجميع صوره وآلامه وآماله طيلة ثلاثة عقود، ليُستأنف الجهادُ المسلح في أول نوفمبر من عام 1954، حتى جاء نصرُ الله، وأعز الله جنده، وأذل الطاغين ذلًّا لم يعرفوه من قبل، واعترفوا أمام العالم بأنهم كاذبون فيما زعموه بأن “الجزائر فرنسية”… وأنهم “قبَرُوا” الإسلامَ فيها كما قال المجرم لافيجري…

*) إن الشعار الذي جاهد تحته الشعبُ الجزائري، جهادا مسلَّحا وجهادا سياسيا، كان هو “الإسلام”.. ويكفي أن يعلم الجميع أن الجريدة الناطقة باسم هذا الجهاد في رحلته الأخيرة اسمها “المجاهد” ولا أعلم في العالم الإسلامي أن هناك وزارةً تُسمى “وزارة المجاهدين”. وأن يوما فيها يُسمى “يوم المجاهد”، إلا في هذه الأرض المقدسة التي سُمِّيت في رحلة من تاريخها المجيد باسم “أرض الجهاد”.. لأنَّها كانت تصدِّر “فنَّ الجهاد”، كما يقول الشاعر المجاهد مفدي زكريا في “إلياذة الجزائر”… وهذا ما زاد فرنسا الصليبية حقدا على حقد على الجزائر إلى الآن.

إن فرنسا لم تنسَ، ولن تنسى، أنها طُردت من “جنة الدنيا”، كما طُرد إبليس من الجنة، وأنها إذا منَّت على البلدان التي كانت تحتلها بـ”شبه استقلال”، فإنها لن تستطيع أن تدعي ذلك المنَّ على شعبين هما الشعب الفيتنامي والشعب الجزائري.

إذا كان المجرم غابريال اسكيرا اعتبر «la prise d’Alger» هي بداية الإمبراطورية الفرنسية، كما هو عنوان أحد كتبه، فإن المجرم الجنرال راؤول صالان اعتبر جهاد الشعب الجزائري هو «fin d’un empire»، كا هو عنوان مذكراته.. وقد كان شاهدا على هذه النهاية، لأنه كان القائد العامّ للقوات الفرنسية في الجزائر، قبل أن يقود مع ثلاثة جنرالات مجرمين انقلابا فاشلا على المجرم الأكبر الجنرال دوغول.

اللهم أنزل شآبيب رحمتك على أرواح شهداء الجزائر ومجاهديها من أول يوم دُنِّست فيه أرضُنا إلى آخر يوم طُهِّرت فيه… وكل هذه الملحمة التي وقعت في الجزائر إنما هي “ذكرى للعاقل، وتنبيهٌ للغافل” كما عنون الأمير المجاهد عبد القادر أحد كتبه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!