الرأي

“وحش” بلا أنياب!                  

جمال لعلامي
  • 956
  • 5
ح.م

الإدارة هذه المرّة تلتزم الهدوء والسكينة، بعد ما قطعت السلطة المستقلة للانتخابات، لسانها وقرارها، فلم تعد هذه الإدارة حزبا نافذا وكبيرا مثلما كانت الأحزاب تصفها، ولم تعد تملك حق الفيتو في “التزوير الذكي” والتلاعب بأصوات “بقايا” الناخبين، ولم تعد أيضا المنبع الذي يتلقى “الإيعاز” ويتعرّض للمهماز والغمّاز من طرف السلطة التنفيذية، كلما عادت الانتخابات خلال السنوات الماضية التي سبقت الحراك الشعبي!

الإدارة التي كانت “تحكم بحكامها” في نظر الطبقة السياسية، في الموالاة والمعارضة، وتنتخب الرئيس والنواب ورؤساء المجالس “المخلية”، قبل انتخابهم من طرف المواطنين، أو تعيد انتخابهم وتعيينهم بعد الاقتراع، لم يعد لها حسب المتوفر من المؤشرات والوقائع، صوتا مسموعا، ولا كلمة فاصلة، ولذلك اختلطت أوراق الكثير من الانتهازيين الذين تعوّدوا على انتظار ظهور الهلال في ليلة الشكّ، حتى يركبوا ولا يغامروا ويخسروا!

اليوم، الأمور اختلفت كنتيجة حتمية لما فعله “فخامة الشعب”، ونتيجة تعهّد والتزام ومرافقة المؤسسة العسكرية، بشأن الحياد وضمان حرية الاختيار ونزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، وهو ما عزل الإدارة وجعلها مجرّد “متفرّج” أو مشارك كغيره من المشاركين، لكنها لا يُمكنها أن تصنع القرار وتفرض الاختيار، وتمرّر “مرشّحها” رغم أنف المتنافسين والناخبين!

بعد رئاسيات 12 ديسمبر، سيسيل لعاب المتسابقين على عضوية البرلمان والمجالس المحلية، البلدية والولائية، فتحييد وعزل الإدارة والإداريين من عملية التأثير و”تكسير” البعض، وتسمين البعض الآخر، قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها أيضا، مثلما كان حاصلا، سيعطي للمنافسة طعما آخر، وقد يعزز الثقة والمصداقية، ويقلّم أظافر الذين كانوا يستفيدون من التوجيه، ومنهم من كان “يقبض الثمن” من عدّة مترشحين!

تحويل مهمة المراقبة والإشراف من الإدارة إلى السلطة المستقلة، حقق أمنية ومطالب السياسيين والأحزاب، وإن انتقدوا بعض التفاصيل وطالبوا بالمزيد، إلاّ أن كسر أذرع الإدارة وروافدها، غيّر الكثير من المعطيات والحقائق المتعلقة باللعبة الانتخابية، وسيظهر هذا أكثر، مع التشريعيات والمحليات القادمة، سواء كانت مبكّرة أو في آجالها، حيث يُنتظر أن تتشجّع الأحزاب الجديدة والقوائم الحرّة، وتتراجع حظوة الأحزاب التقليدية، خاصة تلك المغضوب عليها محليا من طرف المواطنين بعد تجريبها في عدّة مواعيد!

في الواقع، أن “الفرطاس تهنى من حكّان الرّاس”، فالإدارة التي كانت وحشا وغولا ترفع من تشاء، وتـُسقط من تشاء، أصبحت على الهامش، أو على الأقلّ، جزء من كلّ، لا تملك أحقية التصرّف والتوقيع.. والإدارة تعني ظاهريا وباطنيا الولاة ورؤساء الدوائر والأمناء العامين والأميار، وطبعا من “انتخبت” عليه هذه “الآلة” كان من الفائزين، والعكس بالعكس صحيح!

مقالات ذات صلة