-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وداويني بالتي كانت هي..الداء

وداويني بالتي كانت هي..الداء

وجدت نفسي أراس الحكومة الموازية لتسيير الفساد المنظم، أسير دولة قائمة بذاتها في شكل حكومة “ذل”!. المصيبة أني وجدت من المترشحين للوزارات والولايات والدواوين والإدارات المركزية والإدارية وسفاراتنا في الخارج و”صفاراتنا” في الداخل، أكثر مما كنت أتوقع. فقد كنت خائفا ألا أتمكن من تشكيل فريق العمل “بالصرعة” المطلوبة وفي الوقت المحدد تحضيرا لانتخابات 2014، التي أعمل سريا من الآن على الترشح إليها تحت شعار”لا يفسد العطار ما أصلحه الدهر”. أكيد، أني سأجد منافسة قوية، وسأجد من ينافسني بناء على برنامج إفسادي أقوى، لكني أخذت احتياطاتي الضرورية، وأفسد كل من حولي..لا حول ولا قوة لا بالله..ووجدت الكل يطمح ويطمح في الفوز بحقه من الفساد! الطباع فسدت، والأخلاق أيضا، وعدت أشتهي أن أجد 60 رجلا غير مفسد!(كلمة قالها الراحل بوضياف، عندما بدأ في جمع 60 شخصية استشارية يوم عودته من المغرب، فوجد صعوبة حسب قوله في إيجاد 60 شخصية نظيفة!” ومعنى هذا حتى الستين شخصا الذين جمعهم كان المفسدون منهم أكثر ربما من المصلحين.. والدليل ما حدث له ومن بعده!

المشكل أيضا يكمن في أنه لا أحد كلفني بالأمر ولكن كل الناس من حولي اقترحوا علي الفكرة واعتبرت العملية “تكليفا لا تشريفا”، لأني رأيت أنه من الضروري أن ننظم الفساد حتى نصلحه من الداخل، وحتى نتمكن من افتكاك المرتبة الأولى عالميا في الفساد بعد الصومال. فالرتبة التي نحتلها الآن ولو أنها تبشر بمستقبل زاهر في الفساد، بحيث أننا من بين المائة دولة الأكثر فسادا في العالم من أصل 150، وهو رقم نعتز به، غير أننا كنا قبل ثلاث سنوات أكثر فسادا من هذه السنة، وقد تراجع الفساد حسب المنظمات العالمية المراقبة لهذا الشأن بنحو 7 درجات، وهذا مؤشر خطير. يعني أننا نتجه نحو “إصلاح ما أفسده الدهر؟:..أي أننا نريد أن نبرئ العطار من مهمة الإصلاح ونمسح الخدمي في الدهر لنطعن به ظهر الدهر؟…هذا لا يجب أن يكون! ثم أنه في حالة القضاء على الفساد (وهو أمر مستبعد بالقياس مع طريقة ونتائج الانتخابات التشريعية السابقة والمحلية الأخيرة، التي برهنت على وعي لدينا كدولة وكشعب وكأمه وكحكومة على أن الفساد يجب أن يبقى سيد الموقف في كل شيء من أجل تكوين برجوازية وطنية من خزينة الدولة قادرة على إنتاج رأسمالية من أجل خلق مناخ ديمقراطي ليبرالي تنافسي بين الأشقاء في الخارج مع أشقائنا في الداخل، وتكوين ثروة وطنية دولية عندنا من شأنها تحول البلاد كلها إلى زريبة للشركات الداخلية والخارجية المستفيدة من القوانين الجديدة في استثمار الفساد.

تمكنت من تشكيل فريق عمل، الذي أنشأ بدوره وزارات ودواوين وأمناء عامين، ثم ولاة ورؤساء دوائر وأميار. ثم مدراء مركزين ومدراء شركات  وبنوك ومؤسسات اقتصادية وثقافية ودينية وتعليمة، بحيث أصبح بين كل شخص وشخص شخص ثالث مفسد.

هذه النتيجة تمكنت ولله الحمد والمنة من تحقيقها في ظرف وجيز، باعتبار المادة الخام متوفرة ولله الحمد. نحن قادرون على التحول نحو الفساد بشكل سريع، بل ونتأقلم معه ونبدع فيه إلى درجة أننا كنا نخلق قانونا ونلتف عليه بقانون عرفي يمحو القانون الرسمي. هذه النتيجة لم تكن لترضينا أبدا ونحن نطمح لنجعل من الفساد دينا وإيديولوجيا وطنية متكاملة، لهذا أردنا أن نحقق في النهاية، “الاكتفاء الذاتي” حتى لا يبقى هناك غير مفسد، ويصبح كل شخص مفسدا محترفا.

هذه الغاية، نتمنى ن نصل إليها في غضون 2014، لأننا واثقون من أن الوصول بتضخم الفساد بنسبة 100 بالمائة، هو انتصار لنا جميعا. انتصار للديمقراطية وللحريات العامة وللعمل وللثقافة وللدين الحنيف.

تعرفون لماذا…؟ لأنه عندما يصبح كل واحد فينا مفسدا وسارقا، لن يجد من يفسد ولا ما يسرق: المفسد قبالة المفسد ” خيرة قبالة خيرة والصح يبان”! وبذلك نكون قد داوينا الداء بالداء، والحرقة بالكي!.. أرشم!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!