-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وزراء .. بلا حقائب

وزراء .. بلا حقائب

وزيرة التربية الوطنية، حرمت المتخرجين من الجامعة، من اقتحام عالم التعليم، الذي صار بالنسبة للكثيرين مهنة العمر، بسبب امتيازات حققها أهل القطاع بخنق وزارتهم تجاه الحائط، وإجبارها على الاستجابة لمطالبهم المادية، وإغماض العينين تجاه ممارستهم المحظور عبر الدروس الخصوصية، ووزير التعليم العالي ردّ بالثقيل، وحاول تفكيك قنبلة الاحتجاجات الجامعية التي شلّت قطاعه الذي دخل شهر ديسمبر وهو لم ينطلق بعد، ووزير الطاقة تحدّث عن حقيقة القطرات المتبقية في حقول النفط التي لا تكفي لأن يستمر هذا البذخ، الذي جعل الأمة تعيش فقط لتأكل، ولا تأكل لتعيش، والوزير الأول ردّ بأعلى صوته: “كلوا واشربوا وأسرفوا، فأنتم في جنة نعيم، تجري من تحتكم أنهار من النفط الذي لا ينضب”، ووزير البيئة يحذر من تحوّل الشمال إلى صحراء، بسبب تحوّل أراض زراعية وغابية بالكامل إلى مشاريع لمدن جديدة، ووزير السكن لا يرى مشكلة بتاتا في أن تبنى العمارات في مكان الأشجار الباسقة والحقول المثمرة، ووزير الفلاحة يدعو للاعتماد على السدود في رحلة البحث عن الاكتفاء الغذائي الذاتي، في بعض المنتجات الأساسية بالنسبة للمواطنين، لتفادي أزمة بطاطا تعود في كل خريف، بسبب الجفاف الذي ميّز الجزائر في السنوات الأخيرة، ووزير الموارد المائية يصرّ على أن السدود للشرب أولا .. وأخيرا.

هذه التصريحات والتصريحات المضادة، لا تبيّن مدى اختلاف الرأي في حكومة، لكل وزير فيها سياسته ورأيه، الذي يختلف عن الآخر ضمن “رحمة” الاختلاف كما في حكومات الدول المتطورة، بقدر ما تبيّن مزاجية الذين يسيّرون قطاعات حساسة في البلاد، ضمن البرنامج الوحيد للحكومة الجزائرية منذ أكثر من أربع سنوات، وهو شراء السِلم الاجتماعي بكل الطرق، ولو بتكذيب المسئول لنفسه، بمجرد أن يتحرك الشارع معتصما أو قاطعا للطرقات، فقد صارت وظيفة كل وزير هو أن يبقى قطاعه بعيدا عن الاحتجاجات، وهو مستعد لأن يجفف أضلاع البقرة الحلوب، على حساب برامج سياسية واقتصادية، من المفروض أن تكون مدوّنة في ملفات الحقيبة الوزارية التي يحملها، وعندما يصبح برنامج وزراء حكومة، هو “ردّ الفعل”، اتجاه “فعل” الشارع، فعلى البلاد السلام.

الشارع أدرك ضعف الحكومة، والحكومة سلّمت حقيبتها للشارع، وبرامج مختلف البلديات صارت في أيدي المواطنين، فهم الذين يحوّلون أموال التربية لتعبيد طريق جبلي، وأموال الكهرباء لأجل إدخال الغاز الطبيعي، وأموال التربية لبناء ملعب جواري، حتى صار المسئول أشبه برجل المطافئ الذي يحمل خراطيم المياه، بحثا عن شرارة النار، مع العلم أن رجل المطافئ هو العامل الوحيد الذي لا برنامج له ولا فعل، سوى ردّ الفعل تجاه فعل الحريق.

سنكون ظالمين لو اتهمنا هؤلاء المسئولين بخداع المواطنين، والضحك على ذقونهم بتصريحاتهم المتناقضة، وسنكون غير منصفين لو قلنا بأنهم يدركون ما يفعلون، بعد أن دخلوا في زحمة الشارع، فظنوا أن مرحلة ربح السلم الاجتماعي مرحلة استثنائية فوجدوها حالة مزمنة، لا تنتهي وفي كل القطاعات والولايات، وعندما يفقد المسئول بوصلته، فأكيد أن مصير السفينة…؟؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مواطن

    كنت أسخر من نفسي لما تعودت على نقد كل ما أسمع فألومها فصرت دون قصد ممن يعارضون حكومتنا وليس لي مطمع في ركوب المطايا.أما اليوم وقد قرأت هذا المقال فإني أتساءل بسذاجة هل من مسؤول في بلد الأموات(وليس الشهداء)من يعرف القراءة وليس الكتابة وهذه الشتائم المتلاحقة منذ أعتلى عرش دولتنا المهدي غير المنتظر هل بقي على وجه الأرض في بلد الأنانية والمذلة من يحسن قراءة الصحف من بين كل المسؤولين المتسلطين ولا تحرك فيه ساكنا؟أم أن السفهاء ملأوا الوطن فلم يبق سوى الخونة يكتسحون الشوارع الخالية من الرجال؟لست سياسيا