-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وسامٌ وموسم

وسامٌ وموسم

منذ عقد ونيِّفٍ من السنين أوحى ربُّك إلى فتية آمنوا بالله –عز وجل– وآمنوا بما أمر به من إيمان وعلم، ثم آمنوا بالجزائر، إنسانا كريما، وأرضا طيبة، أوحى إليهم أن أسِّسوا وساما للعالم الجزائري، فوقر الوحيُ في القلب، وخطّط العقلُ، وسعت الجوارحُ للعمل، بعد العزم والتوكّل على من ييسِّر لليسرى كل فعّال للخير.. فكان “وسام العالم الجزائري” ليمنح لمن عكف على العلم، وقام بواجب تعليمه لمن يطلبه.. ودافع عن قيم الخير والحق والجمال، لأن هؤلاء الفتية ممّن يؤمنون أن العلم لا ينفع ما لم يُتوَّج ربُّه بخَلَاق..

إن الذين قدر الله –عز وجل– لهم من أهل الحجى أن يحضروا الطبعة الأولى من هذا الوسام استيقنوا ولم يرتابوا أن هذا الهلال سيصير بدرا ينير سماء الجزائر ويضيء ما حولها.. وما كان استيقان الموقنين “كهانة” كاهنٍ، ولا “خط رمل” مشعوذٍ، ولكنه كان استنتاجا صحيحا لِما رأوا من مقدِّمات سليمة… إذ أنّ كلّ عمل مبنيٍّ على إيمان وعلم وعزيمة لا بد أن يؤتي أكله.

انتقل الوسامُ من معهد بسيط في مبناه، في حي شعبي أكبر بساطة، إلى عدة أماكن أكثر فخامة، إلى أفخمها وهو “المركز الدولي للمؤتمرات” في قصر الصنوبر، ليتشرف بإقامة الطبعة الثانية عشرة.. إذ لا قيمة أشرف وأرفع من قيمة العلم.

كان المحظوظان في هذا العام لنيل هذا الوسام هما الأستاذان الدكتوران ناصر الدين سعيدوني ونجله معاوية.

فأما معاوية فلا أعرف عنه إلا أنه ابن أبيه، ولست مطلعا على انتاجه وأفكاره، وفي الغالب فإن المرء إذا طاب أصلُه طابت فروعُه كما يقولون.

وأما ناصر الدين فأنا أعرفه شخصيا، ومن الذين يتابعون ما يقوم به منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي في مجال الدراسات التاريخية، خاصة الفترة التي يسمّيها أصدقُ المؤرخين فترة التحالف، الجزائري-العثماني، وهي في رأي هؤلاء المؤرخين الموضوعيين أمجدُ عهود التاريخ الجزائري، لأنَّ جهود الجزائريين في هذه الفترة توجَّهت لردِّ اعتداءات الأوربيين الصليبية، بينما كانت هذه الجهود قبل هذه الفترة موجَّهة ضد جيراننا يمينا وشمالا، كما كانت جهودُهم موجَّهة ضدنا، فكان بأسُنا بيننا شديدا، فذهبت ريحُنا، ووهنت قوتنا ونال منا أعداؤنا، قبل أن نذيقهم بأسَنا ونطردهم من أرضنا.

إن الأستاذ ناصر الدين يقوم بمفرده بأهمّ مشروع، وهو ما سمّاه “الموسوعة الجزائرية” أو “دائرة المعارف الجزائرية”. وندعو الله أن يُمِدَّ عبده ناصر الدين بما يعينه على إنجاز هذا المشروع الحضاري..

إن ما قام به الأستاذ سعيدوني يدخل في صميم معركة تحرير التاريخ التي دعا إليها المناضل الأستاذ محمد الشريف ساحلي في كتابه المنشور في بداية الستينيات تحت هذا العنوان.

شكرا لمؤسسة الوسام الجزائري على عملها الحضاري المتميز، وهي أولى بالمساعدة المادية والمعنوية من الدولة وممّن بسط الله لهم في الرزق واستخلفهم فيه.. وهنيئا للموسَّمَيْن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!