-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وللمؤسسات الناشئة.. نصيب

وللمؤسسات الناشئة.. نصيب

هناك من الجزائريين، من يتحدث بكثير من الاقتناع، بأن الثروة الحقيقية والوحيدة القادرة على تحريرنا من التبعية للنفط، هي الهكتارات المهمَلة من الأراضي، خاصة في الجنوب الكبير، حيث يسير على أسطوانة “سلة العالم الغذائية” التي مازالت موقوفة التنفيذ، لكن الحقيقة أن الجزائر أمامها خيار استراتيجي قوي جدا، لا يقلّ أهمية عن الفلاحة وعن تحقيق الأمن القومي الغذائي، بل إنه هو محرك الفلاحة، وهو القطاع الصناعي الذي صار يتركز على الشركات الناشئة، ويتمثل جدوى هذا التحدي، في كون الجزائر في العقود الثلاثة الأخيرة، انسحبت من عالم الصناعات الخفيفة، إلى درجة أن الجزائري صار لا يتردد في القول إنها ما عادت تُصنّع إبرة ولا حذاءً، وتستورد كل ما يحتاجه الفرد والمجتمع والدولة، في استعمار نراه أشدّ وجعا من التبعية الغذائية.

احتضان الجزائر مع بداية شهر ديسمبر الحالي، لمؤتمر إفريقي هو الأول من نوعه للشركات الناشئة، هو خطوة جادة من أجل بناء الصناعة، بتأنّ ومن جذورها، وستكون أول خطوة راقية تقوم بها الوزارة الجديدة والفتية، وهي وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، التي جاءت بحقيبتها لتنقل الجزائر إلى عالم كان مُغيَّبا بفعل فاعلين، أسسوا لسياسة الحاويات التي كانت تنقل الإبر وبذور البطاطا والماكياج والمصابيح والجوارب في منظر بائس، لا يليق ببلد بحجم الجزائر وثرواتها.

هناك دولٌ إفريقية عديدة تمكَّنت من وضع حجر الأساس، لبعث الشركات الناشئة مثل إثيوبيا وبورندي وجنوب إفريقيا، وصارت تصدِّر إلى دول أوروبية كبرى، ما يصنّعه أبناؤها. وتبادل التجارب مع هذه الدول مطلوبٌ في هذا التوقيت بالذات، ضمن المعادلة الاقتصادية التي تدعو إلى ركوب القطار ولو متأخرا، لأنه خير من عدم الركوب إطلاقا، ويكفي الجزائرَ موقعها الإستراتيجي وعودتها القوية على الساحة الإقليمية والعالمية، لأجل أن تُنجح كل مشاريعها أو على الأقل غالبيتها.

ما تحقق في هذا المجال في دول كثيرة كان خارج الخارطة الاقتصادية في العالم مثل أندونيسيا وتركيا والصين، يفتح الشهية ويدفع الجزائر إلى اختيار هذا الطريق والمراهنة عليه، لأنها تدرك بأن الفلاحة لا يمكنها أن تتطور من دون مؤسسات مصغّرة، تصنع لها العجلات لبلوغ الأهداف بسرعة ودقة، كما حدث في دول لم تمتلك الرصيد الجغرافي والتاريخي الذي هو في أيدي الجزائر.

اعترف النظامُ الجزائري في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، بأنَّ الثورات التي تم إعلانها من دون تطبيق صارم لها، من زراعية مدعمة بقرى اشتراكية وصناعية اهتمت بالضخامة والفخامة من دون النجاعة، فشلت، لأن الشباب الجزائري، كان يطلب الصناعة أو الإدارة، للابتعاد عن الريف، ومثل هذه المؤسسات الناشئة في قلب اقتصاد المعرفة، التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وخاضت فيها، من دون اعتراف بالحدود والجغرافيا، قادرة على أن تردَّه إلى الريف والأرض من دون أن يعلم، أو بعلمه ورضاه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!