-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

…وماذا عن مسحوقَيْ “تشغيل الشباب”؟

حسين لقرع
  • 2636
  • 1
…وماذا عن مسحوقَيْ “تشغيل الشباب”؟

أعوان الشرطة رفعوا 19 مطلباً وافتكّوا الكثير منها حسب بيان المجلس الوزاري المشترك الذي اجتمع خصيصاً لدراستها، وأعوان الحماية المدنية رفعوا بدورهم 19 مطلباً مشابِهاً وهم في طريقهم إلى افتكاك أغلبها بعد أن هدّدوا بحركة احتجاجية واسعة على قيادتهم، وقطاعات التربية وما يُسمّى الأسلاك المشتركة تنوي أيضاً الدخول في إضرابات واحتجاجات لإجبار الحكومة على تلبية مطالبهم وفي مقدّمتها رفع الأجور، ويبدو أن قطاعات أخرى ستحذو حذوها بعد أن فتحت لها الشرطة الشهيّة…

وقد عوّدتنا الحكومة أن تقوم بتلبية مطالب المحتجين في مختلف القطاعات تحت الضغط، ويبدو أنها هذه المرة أيضاً ستكون مجبرة على تقديم المزيد لاستشعارها الحرج بعد تلبية أغلب مطالب الشرطة، وهذا من باب تحقيق العدل بين مختلف الفئات؛ إذ لا يُعقل أن تستجيب للشرطة وتدير ظهرَها للأسلاك المشتركة مثلاً.

وبين هؤلاء وأولئك، يبدو “عمال” ما يُسمى “تشغيل الشباب” وكذا “الشبكة الاجتماعية” في صورة الخاسر الأكبر؛ إذ لايزال أغلبُهم يتقاضى أجوراً تتراوح بين 5400  و8400 دينار، ولم تفلح معها كل احتجاجاتهم السابقة في دفع الحكومة إلى إيجاد حل جذري لمعضلتهم المستعصية.

أغلبية الفئات الشغّيلة تستفيد من رفع أجورها بشكل مباشر، أو ستستفيد من ذلك بشكل غير مباشر ابتداءً من جانفي المقبل من خلال إلغاء المادة 87 مكرّر من قانون العمل واعادة صياغة الأجر القاعدي من جديد وهو ما يمكن أن يفيد عمال “الأسلاك المشتركة” وغيرَهم، أما “عمال” جهاز “تشغيل الشباب” فوضعُهم خاص؛ فلا هم يستفيدون من رفع منحهم الهزيلة الثابتة منذ سنوات، ولا من أثر إلغاء المادة 87 مكرّر.

هذا معناه أن أزيد من نصف مليون جزائري ينتمي إلى هذه الفئة من “العمال” المسحوقين سيُستثنى من الاستفادة من الريع الذي يُوزع يميناً وشمالاً، وهو أمرٌ غير عادل ويولّد المزيد من الشعور بالمرارة والظلم والتهميش في نفوس المنتمين إلى هذا الجهاز.

قلناها من قبل وسنبقى مصرّين عليها إلى أن يوضع حدٌّ لهذا الاختلال الغريب: يمكن للعمال أن يقبلوا الاستغلال من القطاع الخاص، فذلك أمرٌ جُبل عليه الكثيرُ من الخواص منذ بدء الخليقة، ولكن لا يمكن قبوله من الدولة التي من المفروض أن تحرص على الحفاظ على كرامة أبنائها وحمايتهم من شتى أشكال الاستغلال، لا أن تقترف هذا المنكر بنفسها بأسماء برّاقة.. هذا الجهاز المسمى “تشغيل الشباب” مجرّد أداة للاستغلال البشع، والمِنح الهزيلة التي تُمنح للمنتسبين إليه هو إدانة لأجهزة التشغيل في الدولة وإهانة للكرامة البشرية، واستعبادٌ لنصف مليون جزائري، ويجب أن تتوقف المهزلة عند هذا الحد.

 

لا يُعقل أن يستمر هذا الجهاز نحو رُبع قرن دون حلّ جذري، أو حل مرحلي “أقلّ سوءاً”؛ إما أن توظّفوا كل “عمال” تشغيل الشباب والشبكة الاجتماعية وتدمجوهم في مناصبهم الحالية، أو تضاعِفوا قيمة مِنحهم الهزيلة لتبلغ على الأقل الحدّ الأدنى المضمون من الأجر الوطني كما تنص قوانين الدولة وإن لم يُدمجوا، فمبلغ 18 ألف دينار أفضل من 5400 دينار وسيخفف معاناتهم المعيشية وإن لم يكن كافياً بدوره في ظل غلاء المعيشة، وهذا أسوة بباقي الفئات المهنية المستفيدة، وتحقيق الحدّ الأدنى من العدل بين العمال الجزائريين، وإن كان العدلُ في هذه النقطة نسبياً جدا. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • حفيظ

    هذه الفئة من العمال مغلوب على أمرهم، فهم بين مطرقتين بين الإستغلال البشع و الأمل في الإدماج، نسأل لهم الله الفرج القريب