الرأي

يا‭ ‬ليتهم‭ ‬قبروها‭!‬

قادة بن عمار
  • 6509
  • 14

لجنة التحقيق البرلمانية في أحداث السكر والزيت، اتهمت الحكومة بالوقوف وراء الأزمة دون المطالبة بإقالتها أو محاسبتها أو حتى بإسقاط بعض الرؤوس المتواطئة داخلها على سبيل التوصية ليس إلا، ضمن التقرير الذي لم يصدقه أحد، ماعدا من حرره وصادق عليه؟!

 

 

الوزير الأول أحمد أويحيى، قال في برنامج تلفزيوني قبل أشهر، أن أزمة السكر والزيت مفتعلة من طرف المافيا، والغريب أننا نسمع عن هذه المافيا في الجزائر منذ خمسين عاما دون أن نرى مسؤولا واحدا يخرج علينا سواء من داخل السلطة أو خارجها، ليعطينا اسما واحدا من المافيا، رغم أن أبسط مواطن داخل أبسط مقهى في أبسط قرية في البلاد، لو سألته بعيدا عن الكاميرات والتسجيلات طبعا عن هؤلاء المافيا، لعدد لك الأسماء والصفات، بل وذكر لك حتى الشجرة العائلية لبعض المافياويين في البلاد؟!
لكن تقريرا حديثا تم نشره منذ أيام، عن الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، وشمل استطلاع رأي 1600 مواطن، أكد أن هؤلاء يعرفون رؤوس الفساد، أو يستطيعون الإبلاغ عن حالات ومواقع المفسدين، لكنهم لا يفعلون خوفا من المتابعات، ليست القانونية، وإنما المتابعات المافياوية‭ ‬السرية،‭ ‬والتي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬التحرش‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ولا‭ ‬تنته‭ ‬عند‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬أو‭ ‬تلبيسه‭ ‬قضية‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الصحة‭.‬
لا لوم على هؤلاء المواطنين البسطاء، من يعرفون رؤوس المافيا ويفوضون أمرهم لله، طالما أنه حتى نواب البرلمان، المتمتعون بالحصانة، والمحميين من طرف القانون، حتى لا نقول الإرادة الشعبية التي انتخبت عليهم، لا يفتحون فمهم إلا عند طبيب الأسنان، أو تسبيحا بحمد السلطة، دون أن يفعلوا الأمر ذاته في لجنة التحقيق في أحداث السكر والزيت، إلا بما هو محدد لهم، لا زيادة ولا نقصان، حتى أنهم لم يطالبوا بإنهاء مهام الوزير الفلاني أو محاسبة رجل الأعمال العلاني، لأنهم يدركون أننا في الجزائر لم نصل بعد لمرحلة المحاسبة الشفافة، وأن نائب‭ ‬البرلمان،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬رجل‭ ‬الشارع‭ ‬والمواطن‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬المقهى،‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬قوة،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬بينهما‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الأجر‭ ‬الشهري‭ ‬والنفوذ؟‭!!‬
كان من المفروض أن يكون تقرير لجنة التحقيق في أحداث السكر والزيت في مستوى أزمة الشارع الذي خرج محتجا في جانفي الفارط، وكاد يتحول الأمر إلى ثورة شعبية لولا مسارعة السلطة لتعويم الخطر بإصلاحات منقوصة، لكن النواب، مثل غيرهم من هيئات مكافحة الفساد ومحاربة الرشوة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬لا‭ ‬يغيّرون‭ ‬المنكر‭ ‬حتى‭ ‬بقلوبهم،‭ ‬ويا‭ ‬ليتهم‭ ‬صمتوا‭ ‬وقبروا‭ ‬تقرير‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أخواتها‭ ‬سابقا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يساهموا‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬الحقيقة‭ ‬أو‭ ‬إظهار‭ ‬نصفها‭ ‬فقط‭. ‬‮ ‬

 

 

مقالات ذات صلة