-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يبتهجون بالخيبات

يبتهجون بالخيبات

قال محافظ بنك الجزائر المركزي، إن حالة الجزائر المالية مُطمئنة، برغم العجز الذي بلغ أكثر من مليار ومئتي مليون دولار في ميزان المدفوعات. وقال وزير المالية إن مبلغ 71 دولارا لبرميل النفط، يكفي لضمان التوازنات المالية لسنة 2013. وقال الوزير الأول إن الجزائر في نعمة لأنها تعيش في سلام وسط محيط من التوتر والفقر.

وكل هذا الكلام بلسم قد يخدّر الجراحات الاقتصادية والسياسية الدامية التي تعيشها الجزائر، لبعض الوقت ولبعض السنوات، ولكنه لا يقتلع الأورام من جذورها، لكل الوقت، لأن هذا الطوفان من التطمينات الذي يتهاطل من قمة هرم السلطة، ما كان ليكون، لولا هذا النفط، الذي نعلم جميعا أنه إلى زوال، وربما في أقرب الآجال، ومع ذلك ما زلنا نرفعه شعارات، توزّع ورود السلم الاجتماعي الذي بعثر الشغل على من لا تكوين له ولا شهادة، ووزّع السكن على من بنى القصدير على أملاك الدولة، وهدّد رئيس البلدية أو رئيس الدائرة بتفجير نفسه وأبنائه. وكل ذلك بفضل هذا الكنز الأسود، الذي أخفى البقع السوداء الكثيرة في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية، بعملية تجميلية، تسرّ الناظرين، ولكن لا استئصال فيها ولا جراحة تشفي المتألّمين.

لقد راهنت الجزائر في عهد الرئيس هواري بومدين على ثورات زراعية وصناعية، اتضح أنها بنايات شاهقة وناطحات سحاب، من دون أساس، فانهارت مع أول إعصار بترولي هبّ على البلاد، فكسدت الأراضي الفلاحية، وأغلقت كل المصانع التي كانت تنتج الوهم فقط، من دون استثناء، ولم تحاول السلطة بعث أي ثورة اقتصادية أو مشروع قومي ولو باستنساخ تجارب دول كانت نِسيا منسيا وأصفارا في عالم الاقتصاد مثل أندونيسيا وتركيا والبرازيل والهند وماليزيا، التي لا تمتلك كل هذه الثروات التي تتمتع بها الجزائر، ولا احتياطي الصرف المخزن في البنوك، الذي ما زال في حدود مائتي مليار دولار، وبقيت الأنظار والقلوب والأجهزة الهضمية وليس العقول، متجهة نحو أسعار النفط المفروضة من الخارج، والتي منحتنا في العشرية الأخيرة ما جعلنا مبتهجين بالحاضر وبالمستقبل، دون أن نفرض قانوننا الاقتصادي أو رأينا أو على الأقل نتحرر من هاته الأسعار التي ترتفع وتنخفض حسب المزاج العالمي، بينما تبقى معنوياتنا منخفضة إلى أن نتحرر من قبضة هذا الذهب الشديد السواد.

 

عندما تصبح كل الإنجازات المالية والاجتماعية الخاصة بالتشغيل وبالإسكان، والرياضية والخاصة بالمنشآت القاعدية والخدماتية، رهينة ما نجنيه من سلّة النفط، وعندما ينثر وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر الخارجي والوزير الأول ورود التفاؤل المسقية بالسائل البترولي الأسود، فإننا نكون قد ابتعدنا عن منطقة الانطلاق نحو الخروج من التخلف التي افتقدناها منذ أن قرّرنا الدخول إلى حانات النفط للرقص على قدم واحدة، والشرب من كؤوسها حتى الثمالى حتى صرنا سكارى، وما نحن بسكارى.. ولكن عذاب الاتكال كان شديدا. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بدون اسم

    مشكلتنا في الجزائر أننا كشعب لا نحب العمل فما بالك بالعمل"الصعب"نعم هكذا نفكر إذنقول أثناء كلامنا هذا عمل"ساهل "و نحبه و هذا عمل"صعيب"و نتجنبه .السياسة الإجتماعية للإشتراكية و التي هي مكسب لنا جميعا قد حررتنا و مند الإستقلال من العبودية و الإستغلال كمفهوم فلسفي و أضحى الجميع سواسية.و بتنا نرفض الحقرة ،و استعلاءنا على بعضنا البعض .و هذا طبع يميز الجزائريين عن غيرهم من الشعوب لكن و مع تغير المعطيات الإقتصادية"ضيعتنا"هذه الأفكارالتي لم نجن منها سوى التواكل و الركودو الكسل .فالحل هو في تثمين العمل