الرأي

يبرد ولا يخلد!    

جمال لعلامي
  • 719
  • 1
أرشيف

 من النكت التي تكاد تقتل الواحد “ناقص عمر”، أن يقول قائل، بأن وزيرا سابقا، يُريد أن “يخلد” في الحكومة ولا يُريد أن يبرد خارجها، ولأن في نظره “الغالي يطلب الرخيص”، اقترح البقاء في ديوان “صاحب المعاليّ” الجديد(..)، وهو ما، يؤشّر لمرض الكثير من الوزراء والمسؤولين بوباء الكرسي ورفضهم دخول بيوتهم آمنين سالمين غانمين، وهي مصيبة أخرى يجب أن تزول مع مشروع الجزائر الجديدة!

ذكّرتني هذه القصة المسلية، بحادثة لا تختلف كثيرا، فقد روى قبل سنوات مقربون من وزير سابق، وجوده في حالة يرثى لها، بسبب سقوط اسمه إثر تعديل وزاري، وعندما حاولوا التهوين عليه وتخفيف وجعه، ردّ عليهم بأسف وحسرة: “ما رانيش على روحي، راني أنخمّم في الذراري”!

“يخمّم على الذراري” مسكين، أي بعبارة أخرى، كان في منصبه الوزاري من أجل “الذراري” وليس من أجل خدمة البلد والحقيبة التي كان مكلفا بها، ولذلك لا غرابة أيضا أن يرغب وزير تم تنحيته مؤخرا، في الاستمرار بالوزارة، حتى وإن كان ليس وزيرا، وهذه معضلة أخرى تعمّق “وباء” الجري وراء المناصب والحقائب والمكاسب!

هذه الإشكالية، تعود بنا إلى قصة التزاحم والتدافع في طوابير الانتخابات البرلمانية وحتى المحلية، ويطرح الفضوليون كلما عادت هذه الانتخابات، أسئلة تتعلق مباشرة بحقيقة وخلفيات هذا التهافت؟ هل يمكن تصديق أن آلاف “المتحرّشين” يتسابقون على الأجرة والبقشيش؟ أو على خدمة مصالح المواطنين في البلدية، أو تمثيلهم في البرلمان؟

مثل هذا التشخيص المستفز، يتطلب وقد دخل الجزائريون مرحلة جديدة، بعد سنوات طويلة من الانهيار والانحراف وانكسار القيم و”اعتقال” القانون والعدل والمساواة، يتطلب حراكا في القمة والقاعدة، يمسّ العقليات والذهنيات البائدة، ويعيد للمسؤوليات وزنها وقيمتها، وينجيها من الاستغلال والاعتقاد بأنها مكافآت وولاءات ولا علاقة لها بالطاقات والكفاءات!

سواء تعلق الأمر بوزير أو مير أو نائب أو مدير، فإنه من المفيد “انسحاب” تلك الوجوه المنبوذة والمغضوب منها وعليها، وتراجعها على الأقلّ إلى الصفوف الخلفية، لتفسح المجال لغيرها ممّن بقدرتهم المشاركة في التغيير وإقناع الناس و”تزويق” واجهة الحكومة، وواجهة الأحزاب، وواجهة الجمعيات والتنظيمات، وواجهة البرلمان والمجالس “المخلية”، وهذا المسعى ينطلق من الطبقة السياسية والإدارة، وينتهي عند صناديق الاقتراع!

من المفروض أن الوزير أو المسؤول، الذي تمّ إنهاء مهامه، بعد مسار طويل من الخدمة و”الاستفادة”، عليه أن ينسحب بشرف، ويترك الفرصة لغيره، على الأقلّ من أجل تجريبهم، أمّا وأن هذه الكائنات تعتقد بأن مغادرتها سيوقّف الحياة، فهذه طامّة أخرى يجب علاجها ولو بالكيّ..!

مقالات ذات صلة