يتشابكون في يوم عرسهم؟
ما حدث من شجار “رجال” وليس “نسوان”، ما بين السيدة لويزة حنون زعيمة حزب العمال مدى الحياة، وحاملة حقيبة وزارة الثقافة العابرة السيدة نادية لعبيدي، في عز تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، التي صرفت لأجلها الجزائر مليار دولار في المنشآت، وسبع مئة مليار سنتيم في النشاطات الثقافية، يدل على أننا دائما نبدأ بالخطأ، فننتهي إلى الخطأ، وللأسف مع سبق الإصرار والترصد، ويبقى السؤال الذي لم يجد إجابة، هو لماذا لا تٌكشف التجاوزات في حينها، ولماذا يُختار لها دائما توقيتا محددا لطرحها أو ربما لكشفها، حتى يتحوّل حالنا إلى ما يشبه تشابك العريسان في ليلة زفافهما، أمام الحضور من الأهل والخصوم والفضوليين.
لم يعد يهتم المواطن كثيرا بهذه الاتهامات، التي لا ترقى إلى ما فوق سخرية قوم من قوم أو تنابز بالألقاب، أو كما تابع من خلال مسار محاكمة فضيحة الطريق السيّار، حيث قيل على مدار المرافعات والشهادات المارطونية كل شيء، إلا الحقيقة، وحتى لو قيلت الحقيقة، فالمراد منها باطل، وكما تمكّن المواطنون من بعضهم، فصار القتل ممارسة حياتية عادية، يقتل فيها الأخ أخاه من أجل قطعة أرض، والجار ابن جاره من أجل كراس علم، انتقل الشجار إلى رجال وحتى نساء في السلطة، تُطرح فيها اتهامات خطيرة ومُزلزلة، فلا نرى فيها متابعة للذي طالته الاتهامات، إن كان مذنبا فعلا، ولا نرى فيها متابعة لقاذف غيره، إن كان قد اقترف نميمة بالباطل، فتغيب الحقيقة وتتشابه مع الباطل، فيصبح حتى من يمتلكها يخشى إن أطلقها أن تتبخر، في جو مليئ بالمزاعم والإدعاءات، ونخشى أن يجرّونا إلى غابة، لا يأكل فيها القوي الضعيف فقط، وإنما يأكل فيها الفرد نفسه، من خلال هاته الممارسات التي تدلّ على غياب المسؤولية، والأخطر من ذلك الممارسة حسب المزاج، وحسب الطلب، وربما ضمن خانة تصفية الحسابات المادية والإدارية والأحقاد.
نعود إلى شجار “الرجال” وليس النساء، الملتهب، بين السيدتين لويزة ونادية، والذي لم يجد لحد الآن غير جمهور من المتفرجين، ونكاد نجزم بأن الوفود الثقافية العربية التي وصلت قسنطينة، لتقدم عروضها من مسرحيات ومشاهد سينمائية وقصائد شعر ومحاضرات، لن تجد مشهدا واقعيا وطبيعيا، أحسن من هذه المعركة غير الثقافية في عز التظاهرة الثقافية.
المتعارف عليه في العالم أن حفل تعيين البلد المنظم لأي تظاهرة رياضية على شاكلة كأس أمم إفريقيا، هو ترقب لاسم البلد الفائز بالتنظيم، وليس مشاهدة سوء تفاهم بين رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم ووزير الرياضة، الذي نام لعدة سنوات واستيقظ عندما شخصت الأبصار نحوهما، والمنطق يقول بأن زوار عاصمة الشرق الجزائري، من العرب والغربيين جاءوا لمتابعة عشرات الأفلام ومئات المسرحيات والاستمتاع ببعض الملاحم ومعارض الكتاب وليس للتفرج على هذه المعركة التي نامت سنوات، حتى ضاعت فيها الحقيقة واستيقظت عندما شدّ الناس رحالهم إلى المسارح وقاعات السينما ليبدأ عرض شجار الرجال .. ونُصرّ على أنه ليس شجارا نسويا؟