الرأي

يهودي.. مسلم!

عمار يزلي
  • 3726
  • 0

اليوم الأول، لم يكن سهلا في هذا الجو الحار والعمل لا يزال مستمرا! فقد تعودت أن أسبت الأسبوع الأول، لا أعمل ولا أخرج من البيت إلا ليلا مثل “الضربان”! ولا أدخل إلا فجرا مثل السكران!؟ ففي الأسبوع الأول، أكون قد جمعت مؤونة الأسبوع وكتبت وصيتي لعائلتي: لا توقظوني ولا تزعجوني، واعتبروني قد مت ولله الحمد، ترحموا علي كثيرا واطلبوا لي المغفرة والثواب، ولا تخرجوا عني معروفا (باعتباري بخيلا إلى أقصى حد! أو هكذا يقال لي: إنما أنا أعتبر نفسي مقتصدا وغير مبذر، لأني أومن بأن المبذرين إخوان الشياطين!). عائلتي يحترمون الوصية ويتركونني أنام ملء جفوني طيلة النهار ولا يوقظونني حتى مع المغرب، لأنني أنا من يتكفل بهذا الموضوع! (عندي “رافاي” سوف أحدثكم عنه فيما بعد، هو من يتكلف بالأمر حتى لا يزعجني أحد، حتى قبل المغرب!)

عشية اليوم الأول من رمضان، كان يوم اليقين وليس يوم شك! لأن الجميع كانوا يقولون غدا رمضان، سوى لجنة الأهلة التي كانت تقول غدا يوم شك! حتى إننا نحن الشعب صرنا نعرف أن الشك عندنا هو اليقين واليقين هو الشك! لهذا، كان استعدادنا جميعا كبيرا لخوض غمار الصوم في اليوم الأول من هذا الجو الحار وأنا لا أزال أعمل! لأنه في السنوات الماضية، كان رمضان يصادف عطلة الصيف، أما هذا العام وابتداء من هذه السنة، سأكون ملزما بالعمل في بعض أيام رمضان الأولى، على الأقل لمدة أسبوع! رغم أن المدرسة تكيف العمل في رمضان لكي لا يبقى أحد يعمل أو يدرس إذا حل الصيام! فإذا حل الصيام، نصوم عن العمل! العام المقبل، سوف نصوم أكثر من نصف رمضان أيام العمل، لهذا أنا أفكر في الخروج في تقاعد رغم أنه لا يزال معي 3 سنوات كحارس بثانوية! الحمد لله أني لن أصوم بعد اليوم الشهر كاملا أثناء العمل، وإلا والله لن أصوم! (كنت لا أصوم بدعوى المرض، لكن الطبيب قال لي: من الأحسن أن تصوم، لأن الصيام هو الذي سيشفيك من مرض المعدة! وأنا أفتيت لنفسي طيلة 20 سنة بأن رمضان هو من يسبب لي مرض المعدة! الطبيب هذا، اعتقدت أنه لا يفهم في الطب شيئا، وأن المريض طبيب نفسه، فذهبت إلى فرنسا عند طبيب نصراني، بل يهودي اسمه شيمون، وردد على مسامعي نفس الأغنية التي غناها لي الدكتور صايم: صوموا تصحوا! قلت في خاطري ذلك الوقت: لأنه هو اسمه صايم، يريد أن يرى كل شيئا صائما وليس فقط كل أحد! لو كان يجبر القطوطة والكلاب يصوموا! لن أصوم.. أنا مريض بالمعدة.. والمريض لا يصوم.. أنا أطبق النص والسنة.. بوان ألا ليني! لكن الطبيب اليهودي أبن الكلب عزز هذا الموقفالإسلاميمن الصوم وقال لي بالحرف الواحد، وكان يعرف العربية خير من بن غبريط: صوموا تصحوا! تلف لي الكلام وحليت فمي أمامه! يهودي ويعرف الإسلام وأنا مسلم وما نعرفش الإسلام؟ قلت له في قلبي: أتعلمنا ديننا يا ابن اليهودية؟ فقررت أن أصوم وأجري على الله وإذا وقع لي شيء فلعنة الله على اليهودي وإثمه على الدكتور صايم!

مقالات ذات صلة