يوسف في بئر النفط
الوضع قبل وبعد يوم النفط، أشبه ما يكون بتونس في آخر أيام بورڤيبة: دولة هرمت مع المجاهد الأكبر (قبل أن يهرم فيها زين العابدين الأصغر)، مما جعل فرنسا تتدخل لفرض حالة انتقال سلسل للسلطة، وإبقاء بورڤيبة في حالة وهم رئاسي ورعاش سياسي، يعيش رئيسا في الإنعاش!
الرئيس بوتفليقة الذي لا ينكر جاحد جهوده وتفانيه في إيقاف نزيف الدم والوثبة التنموية مع كل ما شابها من “مأسسة الفساد”، بسبب البحبوحة المالية وسياسة شراء الذمم والولاءات، يقف اليوم قاعدا كما قعد قبل عهدته الأخيرة واقفا، ليرسم خريطة المستقبل من خلال أخر موقف له: إما نحو دمقرطة الحياة السياسية والحفاظ على التلاحم الوطني، وإما المضي إلى الأمام وإدخال البلاد في انسداد سياسي، قد يؤدي إلى انهيار معنويات الشعب والطبقة السياسية والنخب التي كان الكثير منها يراهن على تكريس الرئيس للنهج التداولي للسلطة بعد عهدته الأخيرة والخروج مثل منديلا زعيما.
نمت لأجد نفسي أعيش حالة شيخوخة متأخرة!. جد في المائة والعشرة من العمر! وأبناء، الأصغر فيهم في سن بوتفليقة! والمتوسط يكبرني بعشر سنوات!! 12 ابن ولا بنت بينهم (في الحقيقة 12 امرأة، ولا رجل فيهم)، الكل يريد أن يرث قبل الموت! متصارعون “كأخوات” يوسف على تركة تركتها لنا جدتي (فرنسا بنت الكلب)، أنا مريض بالشيخوخة، الكل يأكل باسمي المال والأرض والمواشي التي جمعتها منذ 50 سنة، رغم ما أكله الذئاب “ووزائع” الرعاين الذين مروا عندنا: بعض الرعاة مات، والقليل منهم لا يزال يراعي الموت! أنا لم يعد بمقدوري متابعة ما يجري: صرت لا أسمع كثيرا ولا أرى إلا قليلا. أبناؤنا وأحفادهم، يأكلون باسمنا ونحن أحياء! الكبير فيهم (يهوذا) يقول لإخوته دوما: وعلاش راه قاعد حي ويحكم غير بالفم والصورة..هذا إذا راه عاد يحكم!، ما بغاش يموت ويهنينا!” راح يوسف، يقول لهم: اتقوا الله، تريدون أن تخربوا بيوتكم بأيديكم؟ اتركوا أباكم وشأنه وسيروا أموركم بالمشورة واختاروا رئيسا للقبيلة واتركوا أباكم شيخا كبيرا، الله غالب، حرن! واش عندنا نديروله؟! فيرد عليه يهوذا: أنت وخوك وبوك يخصنا نرموكم في بئر (نفط) باش نتهناو منكم، أما “لوة” فتمنى أن يخلد الأب، لأنه هو من كان يسير القبيلة فعليا.
وأفيق بعد أن نمت طويلا أثناء فاصل إشهار دام دهرا، وسط مسلسل يوسف، لما عاد المسلسل، كان يوسف قد مات، وموسى أيضا… والسيسي.