-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يوم الحسم ويوم الحسرة

عابد شارف
  • 4070
  • 0
يوم الحسم ويوم الحسرة

بعد التاسع من أفريل، سيأتي العاشر من أفريل. وفي صبيحة ذلك اليوم، سيكتشف الجزائريون أن نفس الرئيس مازال يحكم بلادهم، وأنهم يتعاملون مع نفس الحكومة ونفس البيروقراطية. وفي صبيحة ذلك اليوم، سيلاحظون أن سعر البطاطا لم يتغير كثيرا، وأن نفس الحواجز مازالت قائمة في الطرقات، لتحول أي تحرك من مكان إلى آخر إلى مغامرة وجحيم…

  • وسيقوم نفس الوزراء بزيارات العمل والتفقد، ليدشنوا ويعيدوا تدشين الإنجازات العظمى التي تم تحقيقها في إطار برنامج فخامته. وسيؤكد وزير التجارة أن ارتفاع سعر البطاطا ليس من صلاحياته، كما سيسهر وزير الصحة على تحويل كل مسئول كبير يمرض، سيسهر على تحويله إلى الخارج حتى لا يعاني محنة المستشفيات الجزائرية إضافة إلى مرضه. وبعد العاشر من أفريل، سيتأكد الجزائريون أن الأرندي سيبقى تنظيما يصعب أن نجد فيه شيئا ما يدفعنا للحنين إليه، كما أن السيد بوقرة سلطاني لن يتحول إلى شخص محبوب لدى الجماهير بعد العاشر من أفريل…
  • ولما يستيقظ الجزائريون في العاشر من أفريل، سيتساءلون: ماذا ربحت الجزائر من العملية الانتخابية؟ وسيقول أنصار السيد عبد العزيز بوتفليقة أن بقاءه في السلطة يضمن الاستمرارية، ويسمح باستكمال البرنامج الذي تم انتخابه من أجله، خاصة فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية. وسيذكر هؤلاء ما يعتبرونه إنجازا للسيد بوتفليقة، في الميادين الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وسيبحث الجميع عن أثر هذه الانجازات، ليقول لهم السيد جمال ولد عباس إن نسبة البطالة تراجعت إلى حوالي عشر بالمائة، ويقول وزير آخر إن الجزائر استطاعت أن تنجز أكثر من مليون سكن. لكن من يصدق أن مستوى البطالة انخفض في الجزائر إلى هذا المستوى، وهو مستوى أضعف من مستوى البطالة في إسبانيا؟ ومن يصدق أن الجزائر استطاعت أن تبني في خمس سنوات ما يعادل 20 بالمائة من نسيجها العمراني؟
  • إن الرئيس بوتفليقة نفسه اعترف أن البلاد عجزت عن بناء اقتصاد قوي. وهذا يكفي… لكن هذا يبقى ثانويا، لأنه من الممكن تدارك الأخطاء الاقتصادية والعثرات السياسية… وما كان مطلوبا من السيد بوتفليقة يوم وصل إلى السلطة لأول مرة هو العمل من أجل القضاء على نقاط الضعف التي كانت تهدد الجزائر. كان منتظرا منه أن يخرج الجزائر من نظام سياسي مبني على المجموعات والعصابات واللوبيات إلى نظام سياسي شفاف، يكون القانون فيه سيدا.
  • وكان السيد بوتفليقة يظهر مؤهلا ليقوم بذلك. فهو ينتمي إلى الجيل الذي تحمل عبء استعادة السيادة الوطنية وإقامة الدولة الجزائرية. وهو ينتمي كذلك إلى المجموعة التي كان لها دور أساسي في بناء النظام السياسي الجزائري، في ظل المرحومين عبد الحفيظ بوصوف وهواري بومدين. وعاش السيد بوتفليقة أحداثا ذات أهمية كبرى، مثل الإطاحة بالرئيس أحمد بن بلة، التي بررها هواري بومدين بضرورة بناء دولة لا تزول بزوال الرجال. وهي النقطة التي فشل فيها الرئيس بومدين فشلا ذريعا، فبعد ثلاثين سنة من وفاة هواري بومدين، استطاع الرجال أن يقضوا على المؤسسات
  • وكان منتظرا من السيد بوتفليقة على الأقل أن يأخذ العبرة من هذه النقطة، ويعمل لبناء دولة بمؤسساتها. عكس ذلك، فإن الدولة في جزائر اليوم أضعف من الدولة التي كانت موجودة يوم وصل السيد بوتفليقة إلى السلطة. وشارك السيد بوتفليقة نفسه في انتهاك القوانين، ولم يتردد في تعديل الدستور ليبقى في السلطة.
  • وعاد السيد بوتفليقة بالجزائر إلى النظام السياسي الذي تم التمهيد له أثناء الثورة التحريرية وفرضه جيش الحدود بعد الاستقلال. إنه نظام شمولي، يريد أن يتحكم في كل شيء، من الدبلوماسية إلى بيع الزيت ومراقبة تفكير المواطنين. إنه نظام مخابراتي من الطابع السوفياتي، نظام قديم، برهن على فشله، وانتهى في البلدان التي اخترعته.
  • هذه النظرة للدولة لا تهدف إلى انتقاد السيد بوتفليقة، أو تحميله ما لا طاقة له به. إنها تتجاوز ذلك، وتتجاوز المحاولة للنيل من هذا المسئول أو ذاك. إنها نظرة تعتبر أن الجزائر تحتاج إلى دولة عصرية، قادرة على حماية البلاد والشعب. دولة تستطيع أن تحصل على رضا الجميع، أو على الأقل الأغلبية الساحقةدولة يؤمن بها الشعب، خاصة منهم الشباب الذي من المفروض أن يكون مستعدا للدفاع عن تلك الدولة لا الفرار منها ومن مسئوليها.
  • هذا ما لن يجده الجزائريون يوم العاشر من أفريل

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!