-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

‭ ‬للمهزومين‭ ‬لغة‭ ‬وللمنتصرين‭ ‬لغتهم

الشروق أونلاين
  • 3628
  • 4
‭ ‬للمهزومين‭ ‬لغة‭ ‬وللمنتصرين‭ ‬لغتهم

قوانين واحدة تحكم مسيرة الثورات وحركات التغيير والتحرير في العالم كله وعبر التاريخ البشري، بغض النظر عن معتقدها وطبيعة ظروفها وتنوع شعوبها..

  • وان موقف المنتصرين في العالم عبر التاريخ لهم نفس الروح ونفس المنطلق: إنه الذوبان في الحق وتحويل اليقين إلى سلوك جاد غير خاضع للمناورات او التنازلات.. كما ان المهزومين عبر التاريخ ليسوا سوى أولئك الذين أصاب الشك يقينهم واهتزت صورة الحق في اذهانهم فبحثوا عن نقطة التقاء مع العدو في منتصف الطريق وهم لا يدركون انهم في اللحظة التي يستسلمون لمنطق الواقعية انما يفقدون مبرر وجودهم‭ ‬ودوافع‭ ‬نضالهم‭.‬
  • قبل أيام قليلة قرأت شهادة المجاهد الجزائري الكبير عبد الكريم حساني، زوج شقيقة العربي بن مهيدي.. وفي معرض نقله لما أخبرهم به بيجار، قائد المظليين الفرنسيين المعني بقمع إضراب الجزائر الشهير، ذكر المرحوم حساني عن بيحار قوله: في محاولتي كسر الروح المعنوية للعربي بن مهيدي اخذته الى عمارة عالية في القصبة وفتحت النوافذ وقلت له انظر يا العربي ها نحن نتحكم في مقر عملياتكم ولم يبق لكم شيء، فقال ابن مهيدي: أنت مخطئ ياجنرال.. نحن لم نقاتلكم بكثرة سلاح بل بقوة الحق واننا منتصرون لأنكم تسيرون عكس تيار التاريخ.
  • هذا المشهد الذي جسّده قائد بحجم ابن مهيدي هو المشهد المتكرر لكل المنتصرين، لأن الثوار لا يسكنون الواقع وإن تعاملوا معه.. ولا يستسلمون لما يتعارف عليه الناس من السلامة والدعة.. انهم يحلقون نحو اهدافهم وقد تخففت أرواحهم من قيود الواقعية المخلة بالكرامة والحرية‮.. ‬انهم‭ ‬يدركون‭ ‬ان‭ ‬احلامهم‭ ‬اكثر‭ ‬واقعية‮.. ‬فتشرق‭ ‬ارواحهم‭ ‬وتنفتح‭ ‬امامهم‭ ‬دروب‭ ‬الهداية‭ ‬للأخذ‭ ‬بالاسباب‭ ‬والسنن‭ ‬فتمنحهم‭ ‬الحياة‭ ‬اسرارها‭ ‬ويوفقهم‭ ‬الله‭ ‬لكي‭ ‬يكونوا‭ ‬ارادته‭ ‬في‭ ‬قمع‭ ‬المجرمين‭ ‬وكسر‭ ‬شوكة‭ ‬الظالمين‭.‬
  • وكما ان للمنتصرين لغتهم فإن للمنهزمين لغة.. فالحديث عن الواقعية والمرحلية والظروف الاقليمية والدولية والامكانات وميزان القوى والاستراتيجيات الكبرى وكل توابع هذه اللغة من مفردات عندما تجعل كأنها إله لا يمكن مواجهته تنكسر الروح وترتخي الارادة ويعطي أصحاب الحق‭ ‬حقهم‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬مهانة‭ ‬لأعدائهم‭ ‬ويقدمون‭ ‬لهم‭ ‬ما‮ ‬لا‮ ‬يحلم‭ ‬به‭ ‬العدو‭.‬
  • للمنهزمين‭ ‬مصطلحاتهم‭ ‬ومفرداتهم‭ ‬ولهم‭ ‬كذلك‭ ‬حياتهم‭ ‬الحقيرة‭ ‬والمهانة‭ ‬المقيمة‮.. ‬ولا‮ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬ما‮ ‬ينالهم‭ ‬من‭ ‬مزيد‭ ‬الاحتقار‭ ‬إلا‭ ‬جزاءً‭ ‬وفاقاً‭ ‬لما‭ ‬قاموا‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬بخيانة‭ ‬أمانة‭ ‬الكرامة‭ ‬والشرف‭ ‬والحق‮.. ‬
  • إن الحق لاينال مجزوءاً او منقوصا.. فإما الحق كاملا أو لاشيء.. وقد أثبتت يوميات صراعنا مع الكيان الصهيوني أن المنسجمين مع التنازل عن بعض الحق لم ينالوا بعضه الآخر ولا بأي شكل من الاشكال ولن ينالوه.. ولن يزيدهم السير في طريقهم إلا حسرة وندامة ومهانة.. وسيبقى‭ ‬الحق‭ ‬مشرقا‭ ‬في‭ ‬ضمير‭ ‬الأحرار‭ ‬وسيبقى‭ ‬اليقين‭ ‬قادرا‭ ‬أن‭ ‬يهب‭ ‬الثوار‭ ‬الهداية‭ ‬للأخذ‭ ‬بالأسباب‭ ‬كاملة‭ ‬واسترداد‭ ‬الحق‭ ‬كاملا‭ ‬عزيزا‭ ‬ويومئذ‭ ‬يفرح‭ ‬المؤمنون‭ ‬بنصر‭ ‬الله‭.‬ 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • محند

    رجال الحق يقومون بالثورات و يحققون الإنتصارات و رجال الباطل يتنعمون بامجاد المنتصرين، ينهبون خيرات أبنائهم و احفادهم بإسم ما قدمه الأباء و الأجداد من امجاد.

  • علولو

    إن الحق ينتصر بذاته وينتصر به أتباعه والباطل مهزوم وإن قوي أتباعه

  • محمد أمين

    صدقت ياصالح عوض:
    نعم المنسجمين مع التنازل عن بعض الحق لم ينالوا بعضه الآخر ولا بأي شكل من الاشكال ولن ينالوه.. ولن يزيدهم السير في طريقهم إلا حسرة وندامة ومهانة..
    ومن الغباء أن يظن الناس أن كتاب التاريخ صفحة واحدة تبقى ماثلةً أمام الأعين، إن التاريخ صفحات متتابعة، يُطوَى منها اليوم ما يُطوَى، ويُنشر منها غدًا ما يُنشر!! هنا ما بدٌّ من أن نفهم العبرة، العبرة أن الله- جلَّ شأنه- يختبر بالرفعة والوضاعة.. يختبر بالزلزلة والتمكين.. يختبر بالخوف والأمن.. يختبر بالثروة يعطيها وبالفقر يرسله.. يختبر بالضحك والبكاء.. قال تعالى: وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) (النجم).. يختبر بالأمرين، وعندما يختبر هو عالم بخلقه.

    لا بد أن نقف على حقيقة الصراع بين الحق والباطل مع آيات القرآن الكريم الذي تحدثت عن اليهود أو "بني إسرائيل"

    ذم الله سبحانه وتعالى عددًا من سلوكيات وأخلاق اليهود، نذكر البعض منها:
    1 - شدة العداوة للمؤمنين وبغضهم:
    قال تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا (المائدة: من الآية 82)
    2 - نشر الفتنة والفساد:
    قال تعالى: كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (المائدة: من الآية 64).
    3- الغيرة والحسد وعدم حب الخير للمؤمنين:
    قال تعالى: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا (آل عمران: من الآية 120) وقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ (البقرة: من الآية 108).
    4 - قسوة القلب:
    قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً (المائدة: من الآية 13).
    5 - الجبن وحب الدنيا:
    قال تعالى لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ (الحشر: من الآية 14).
    6 - وحدتهم ظاهرية وحقيقتهم اختلاف:
    قال تعالى: بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى (الحشر: من الآية 14).
    7 - الذلة والمسكنة:
    قال تعالى: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ (البقرة: من الآية 61).

  • محمد

    صدقت يا أستاذ ، و ما تسميه إنهزامية هوعين ما سماه مالك بن نبي بالقابلية للإستعمار ، حيث تكون التبريرات جاهزة دائما لبث روح الإحباط .