الهواجس الأمنية تطارد الجميع
”الخضر” في أكثر الأماكن دفئا في المونديال ولا أثر للجماهير في ديربان
مدينة دوربان الساحلية
يحل المنتخب الوطني صبيحة اليوم بمدينة ديربان المطلة على المحيط الهندي حيث اختارها كمقرا لإقامته طيلة مشاركته في نهائيات كأس العالم. ويرتقب وصول بعثة “الخضر” إلى مطار “كينغ شاكا” الدولي الجديد في ديربان ليظلوا بها طوال البطولة الدولية الممتدة لشهر كامل، حيث ينزل المنتخب الوطني بفندق “ماندوزور” بمدينة سان لامير باي التي تقع على بعد 120 كيلومتر جنوب ديربان.
- وسيضطر المنتخب الوطني إلى الاقامة قرابة الأسبوع بمنطقة مقاطعة “كوازولو- ناتال” في إحدى مناطقه الساحلية بعيدا بـ120 عن ثالث أكبر مدينة في جنوب إفريقيا، وهي أكبر مدينة في مقاطعة “كوازولو- ناتال” وتمتلك ميناء معروف وأكثرها نشاطا في البلاد، حيث تعتبر المدينة مقصداً سياحياً نظراً لاعتدال مناخها ثم الانتقال بينها وبين المدن التي تحتضن مبارياته.
- طقس معتدل والاختيار صائب
- تشهد مدينة دربان وضواحيها الساحلية انتعاشا في الطقس من خلال توسط معدلات الحرارة على عكس باقي المدن الأخرى، وهو ما يعني أن المنتخب الجزائري سيكون في وضع أفضل.
- وكانت مصادر من المنتخب قد أبدت تخوّفها من برودة الطقس واحتمال تأثير ذلك على اللاعبين من خلال إصابتهم بالزكام، لكن معدلات الحرارة التي تشهدها هذه المدينة وموقع إقامة معسكر المنتخب تؤكد بأن الأوضاع تبعث على الارتياح.
- وظل الطاقم الفني للمنتخب الوطني يستفسر عن الأجواء السائدة هناك اعتبارا من أن جنوب إفريقيا تعيش نهاية فصل الخريف ودخول فصل الشتاء.
- وتتراوح معدلات الحرارة مابين ” 10 و20″ درجة بين الأدنى والقصوى عكس باقي المدن، حيث تقترب في بعض الأحيان من الصفر في مناطق مثل بريتوريا أو بلومفونتين أو كايب تاون، ما يعني أن “الخضر” سيكونون في أكثر المناطق دفئا في كأس العالم 2010 .
- إقامة “الخضر” تهددها أسماك القرش
- وإذا كانت ديربان تمتلك ميناء معروف وأكثرهم عملاً في البلاد، ومقصداً سياحياً نظراً لاعتدال مناخها فإنها من أكثر المدن كثافة سكانية عالية إذ يقترب عدد سكانها من أربعة ملايين نسمة وتتميز المدينة بتنوع الثقافات، فهي على سبيل المثال تضم أكبر جالية من الهنود في العالم، وتكثر في بحارها “أسماك القرش”، ويقول أحد عمال فندق “بيتش” في حديث للشروق أن هناك الكثير
- من الراغبين في السباحة من يضطر للذهاب لمناطق محمية ضد “أسماك القرش”.
- وتطل مقر إقامة المنتخب الوطني بسانت لامير بفندق الموندوزور على المحيط الهندي متوسطا غابة كثيفة وملاعب القولف، حيث تتوفر شروط الراحة بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخب الجماهير.
- الجالية تتركز في بريتوريا وتختفي في ديربان
- على الرغم من أن ديربان هي أكبر المناطق التي تتركز بها الجالية المسلمة والتي تنحدر أصولها من الهند، إلا أن الجالية الجزائرية تبدو قليلة أو لا أثر لها، فطيلة تواجدنا لم نلتق بأي جزائري وكان الحضور منحصرا على الأعلام الجزائرية التي رفعت على واجهات الفنادق والشوارع الرئيسية وعدد من موفدي الصحف الذين سبقوا وصول المنتخب.
- وتتركز الجالية الجزائرية بشكل كبير في بريتوريا وهي تتهيأ لتنظيم عدد من الرحلات لمؤازرة زملاء بوقرة في رحلتهم العالمية.
- وقال مراد بن تفات أحد الجزائريين المقيمين في بريتوريا أن حوالي 2500 جزائري ينتشرون في العاصمة الإدارية لجنوب إفريقيا منهم من يقيم بصفة غير شرعية، لكنهم عزموا على التنقل جميعا لمناصرة الخضر أثناء التدريبات وفي المباريات الرسمية.
- الجميع ينتظر التدريبات المفتوحة
- وينتظر الجميع تخصيص المدرب الوطني تدريبات مفتوحة للجماهير للتنقل بقوة من مختلف مناطق جنوب إفريقيا إلى ديربان لحضور الحصة وتأكيد دعمهم للخضر قبيل انطلاق المنافسة الرسمية.
- ويقول مراد بن تفات “ننتظر ذلك بشغف، لقد شهدنا تدريبات المنتخب الأرجنتيني المفتوحة التي عرفت حضوار قياسيا للجماهير، ونتمنى أن تتاح لنا الفرصة للوقوف إلى جانب منتخبنا بعد التحاقه في الأيام المقبلة”.
- ويؤكد محدثنا بأن تدريبات المنتخب الأرجنتيني ومقر إقامته لا تبعد كثيرا عن مقر إقامة الجماهير الجزائرية في إحدى الإقامات الجامعية، مؤكدا بأن ذلك سيجعل الفرصة سانحة للجمهور الجزائري لمشاهدة فنيات ميسي وزملائه
- ومناصرة الخضر في نفس الوقت.
- الكل متشوق لانجلترا.. والأمن يتأهب لموقعة 18
- وتنتظر الجالية الجزائرية والمشكلة نصفها من سكان منطقة القبائل المباراة القوية أمام المنتخب الانجليزي في 18 جوان بكايب تاون وهي مباراة هامة ينتظرها المغتربون على أحر من جمر.
- ويقول أحد الجزائريين أن تلك المباراة ستكون هامة ليس لقوة الانجليز وإنما للحساسية بين الجماهير، خاصة وأن السلطات الجنوب الافريقية جهزت العدة للسيطرة على الوضع وتجنب الاحتكاك بين الجماهير، علما أن مكان إقامة المباراة يشهد تواجدا كبيرا للجالية الانجليزية، بالاضافة إلى أنها منطقة إقامة المنتخب الانجليزي، علما أن الجماهير الانجليزية تهافت على شراء تذاكر هذا اللقاء والتي نفذت مباشرة بعد طرحها للبيع.
- ..واحتفالات صاخبة أمام أمريكا
- وتعتزم الجالية الجزائرية التي التقتها الشروق بالعاصمة جوهانسبورغ إقامة الاحتفالات في المباراة الأخيرة أمام الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 23 جوان المقبل.
- ويقول بن تفات المقيم ببريتوريا “لقد أعددنا العدة، ستكون احتفالية كبيرة في بريتوريا إذا ما تخطينا الدور الأول وكان ذلك أمام الولايات المتحدة الأمريكية، الجالية الجزائرية تنتشر بكثرة في بريتوريا ومن حسن حظنا أن اللقاء سيلعب هناك”.
- ومن الصدف أن المنتخب الجزائري أجرى في نفس التوقيت من العام الماضي معسكره التحضيري ببريتوريا وتنقل لمشاهدة مباراة المنتخب الأمريكي أمام نظيره الايطالي في كأس القارات، وقال حينها المدرب سعدان للاعبيه إذا أردتم لعب مباريات كبيرة فعليكم التأهل والتواجد هنا ببريتوريا الصائفة المقبلة، وهو تحدي رفعه زملاء عنتر يحيى في انتظار ما تخبئه الأيام المقبلة من مفاجآت لعشاق الكرة الجزائرية.
- ”الخضر” في المونديال..قضية إسلامية
- ولم تعد مشاركة المنتخب الجزائري تخص البلد وحده أو الجماهير الجزائرية بل تجسد فعليا بأن المنتخب الوطني سيكون سفير المسلمين في مونديال جنوب افريقيا.
- وتعتزم عدد من الجمعيات الدينية والتي تهتم بنشر الدين الاسلامي والتعريف به من استغلال مشاركة زملاء رفيق جبور في المحفل العالمي من أجل نشر مبادئ الدين السمحة.
- وقالت مصادر للشروق أن جمعية تدعى “الدعوة” تعتزم إقامة خيمة بالقرب من ملعب ديربان وأخرى أمام ملعب غرين باوينت بكايب تاون تزامنا مع لقاء الجزائر وانجلترا، وسيتم تجهيز الخيمة بشاشة عملاقة من أجل عرض أفلام حول الإسلام باللغة الإنجليزية، إضافة إلى التطرق للقضية الفلسطينية، من خلال مجموعة من الدعاة يتحدثون عدة لغات بغرض الإجابة عن كل الأسئلة المطروحة من قبل الزوار، سيما ما تعلق منها بحقيقة الإسلام.
- الدعوة موجهة لأشبال رابح سعدان
- وتقرر توجيه الدعوة لكل عناصر المنتخب الجزائري للقيام بزيارة مجاملة أثناء معسكرهم بديربان، وذلك بهدف جلب الانتباه، ولفت أنظار كل من يعشق نجوم المنتخب الجزائري للتعرف على الدين الاسلامي.
- ولن تقتصر الدعوة على اللاعبين الجزائريين بل شملت أسماء لاعبين مسلمين الذين ينشطون في مختلف المنتخبات المشاركة في المونديال، خاصة المنتخبات الافريقية مثل نيجيريا وكوت ديفوار من أجل زيارة الخيمة حتى يكونوا سببا في جلب الجماهير الرياضية إلى هذه الفضاءات إذ يسعى القائمون على ذلك إلى توضيح صورة الاسلام الحقيقية للعالم ككل ومسخ تلكم الصور المغلوطة التي حاول البعض ربطها بالدين الحنيف.
-
- كيف تحمي نفسك في جنوب إفريقيا؟.. سؤال محير
- وبعيدا عن المنتخب فإن ماتطرحه الجماهير التي بدأت تتوافد باحتشام إلى جنوب إفريقيا هي كيف تحمي نفسك في هذا البلد في ظرف تفشي الجرائم
- والتوجس الكبير من الجريمة المنظمة.
- وتظل الهواجس الأمنية تطارد كل من تطأ قدماه جنوب إفريقيا، فطيلة رحلتنا من جوهانسبورغ إلى ديربان والسؤال نفسه يتردد عند الجماهير التي تنقلت لمؤازة منتخبات بلدها.
- ومنذ فوز جنوب إفريقيا بحق تنظيم أول بطولة لكأس العالم في القارة السمراء قبل ستة أعوام وهي التي تعاني من أحد أعلى معدلات جرائم العنف في العالم، تحاول أن تثبت للعالم أنها تستطيع تنظيم بطولة “آمنة”. وسبق لجنوب أفريقيا أن استضافت41 بطولة دولية بنجاح منذ عام 1994، ومن بينها بطولتا كأس عالم للكريكيت والرغبي، لكن الموضوع هو أن هذه التطمينات لم تجد ربما من يصدقها.
- حتى البرازيليون متخوّفون؟
- اذ أن هذه الهواجس لم تعد تطارد الاوروبيين وحدهم او لم تعد مجرد حملة مغرضة منهم لافشال تنظيم جنوب افريقيا للعرس، اذ أن الأمر تجلى كثيرا في الأجواء التي تسبق المونديال.
- وتشهد مدينة ديربان انتشارا غير مسبوق لرجال الامن أو عناصر الشرطة الوطني، يضاف إلى هؤلاء انتشار عدد كبير من فرق الأمن الخاص التي تتكفل بحراسة الاجانب في الفنادق والأماكن العمومية.
- بل حتى أن أحد البرازيليين يدعى انطونيو أكد في حديثه لموفدي الشروق أنه يخشى كثيرا من تعرضهم للاعتداء، اذ ان الوضع هنا بجنوب افريقيا يشبه كثرا حرب العصابات التي تشهدها شوارع ري ودي جانيرو او ساوبالو.
- ورغم أن زيارة هذا البرازيلي لم يكن بدافع تشيجع منتخب بلاده وإنما بحكم علمه في بيع الالماس الذي يستخرج من مناجم جنوب افريقيا التي لاتنضب، الا أن المخاوف بالنسبة له تتزايد يوما بعد يوم.
- تطمينات ..لا تبدد المخاوف
- ورغم المشهد الذي يرتسم في الوهلة الأولى من خلال التواجد الأمني الكبير، والتطمينات التي تطلقها السلطات الجنوب إفريقية الا ان ذلك لم يكن ليبدد من مخاوف زوار جنوب القارة.
- وما لمحناه اول امس هو الانتشار الكبير لعناصر الامن في ساعات متأخرة بالقرب من شواطئ ديربان والاماكن العمومية التي يرتادها الاجانب.
- ويرى المنظمون أن هذا الأمر يبرهن على قدرة البلاد على بسط سيادتها الأمنية خلال مثل هذه البطولات العالمية. كما يشير المنظمون إلى أن تسعة ملايين شخص يزورون جنوب أفريقيا كل عام دون أن تطالهم الجريمة. ويقول مسؤول للشرطة الوطنية في جنوب أفريقيا في تصريحات لوسائل الإعلام وكله ثقة: “سنكون مستعدين لمواجهة أي طوارئ في الجو أو في البحر أو في البر”.
- زمن السكاكين ولى.. والدور على الرصاص
- وتطور مظاهر الجريمة في جنوب إفريقيا بسبب نظام التمييز العنصري الذي عاشته البلاد في السنوات الماضية، بالاضافة الى التفاوت الكبير بين طبقات المجتمع بين الثراء الفاحش والفقر المدقع مثلما يقول سائق السيارات التي أقلتنا من المطار الى مقر اقامتنا.
- ويقول علي السائق ذو الاصول الهندية ان الجريمة تطورت ولم تعد تقتصر على استعمال السكاكين وانما يتم عادة اللجوء للسلاح الناري طالما أن المسدسات تباع بشكل عادي جدا رغم مساعي مسؤولي البلاد في محاربة الجريمة المنظمة.
- ويقول بان الامر وصل الى حد طلب منه بعض الزبائن ارتداء قمصان واقية من الرصاص أو الطعن، وهو ما وصفه بأنه خوف هستيري، مشيرا الى التمادي في الذعر إلى هذه الدرجة، وكذلك الأمر بالنسبة للسيارات المصفحة، حيث أكد أن هذه إجراءات تطبق في حالات استثنائية ولا يمكن اعتبارها قاعدة، مستدلا باننا الى جانبه على مسافة تقدر 100 كلم ليلا في ديربان دون ان يصادفنا مكروه ولم نشاهد حالة فلتان أمني.
- شركات خاصة أجنبية توفر الأمن
- رصدت وزارة العمل الجنوب أفريقية أكثر من 4700 شركة أمن مسجلة توظف أكثر من 300 ألف شخص للقيام على حراسة المنازل والشركات وحتى مراكز الشرطة نفسها. ويمتلك بعض شركات الحراسة في جنوب أفريقيا أشخاصا بيض هم من الجنود السابقين أو كانوا أعضاء بالقوات الخاصة للجيش الجنوب أفريقي ولكنهم انتقلوا للعمل في القطاع الخاص بعد انتهاء عهد سياسة الفصل العنصري. لذلك لم يكن من الغريب أن ينظر بعض من يعمل في هذه المهنة إلى بطولة كأس العالم على أنها فرصة كبيرة لتحقيق أرباح حتى لو دفعهم الأمر إلى تزييف الحقائق قليلا.
- أمن كأس العالم..ربح مادي
- وكتبت شركة تطلق على نفسها “أمن كأس العالم” على موقعها الإلكتروني تقول :”يتحول السائحون إلى ضحايا حوادث خطف السيارات على الطرق القريبة من المطارات بصفة يومية”. وتعرض الشركة، التي لا يمكن الاتصال بها سوى عن طريق البريد الإلكتروني، توفير الحماية على مدار الساعة للمجموعات، وتحذر قائلة: “عادة ما يكون مجرمو جنوب أفريقيا مسلحين وأحيانا لا تأخذهم بأحد شفقة أو رحمة، ونحن لا نختلف عنهم ولكن تكلفتنا أقل!”. بينما تقوم بعض الشركات الأخرى التي تدعي الخبرة بمنح دورات تدريبية سريعة لمن يريد العمل في الحراسات الخاصة استعدادا لكأس العالم.
- 44 ألف شرطي لتأمين المونديال
- قد خصصت جنوب أفريقيا 44 ألف شرطي للعمل خلال كأس العالم في إطار خطتها الأمنية التي تصل تكلفتها إلى 3،1 مليار راند (13 مليار دينار جزائري تقريبا) والتي استغرق وضعها أربعة أعوام لتنال إشادة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والشرطة الدولية (الإنتربول). وستلقى الشرطة مساعدة من 200 وحدة عالية التقنية متخصصة في “التدخل السريع” في جميع محافظات كأس العالم الإحدى عشرة.
- وتبقى جنوب افريقيا قيد الاختيار قبل ساعات من انطلاق العرس العالمي، لكن التساؤل دائما يبقى مطروحا هل هذا البلد قادر على توفير الأمن لزواره في أول مونديال بالقارة السمراء.