-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

‮”‬حروب الأحياء‮”.. ‬إلى متى؟

حسين لقرع
  • 1784
  • 4
‮”‬حروب الأحياء‮”.. ‬إلى متى؟

بعد”هدنة‮” ‬قصيرة لم تدم إلا أشهراً‮ ‬قليلة،‮ ‬عادت‮ “‬حروب الأحياء‮” ‬بين الشباب إلى الواجهة مجدداً‮ ‬من خلال وقوع مواجهات دموية في‮ ‬عدة أحياء بالعاصمة خلفت عشرات الجرحى وتخريب العديد من أملاك المواطنين،‮ ‬كما امتدت المواجهات إلى حيّين بقسنطينة منذ أيام وأوقعت‮ ‬38‮ ‬جريحاً‮.‬

وكالعادة،‮ ‬وقعت هذه المواجهات بالسيوف والسكاكين وإشارات البواخر والعصيّ‮ ‬والحجارة‮… ‬وفي‮ ‬كل مرة تدوم المواجهات ساعات طويلة من الليل،‮ ‬وقد تمتدّ‮ ‬إلى مطلع الفجر أحياناً‮ ‬قبل أن‮ ‬يتدخل الأمنُ‮ ‬لإخمادها‮.‬

ولعلّ‮ ‬الأسئلة الملحّة التي‮ ‬يطرحها أيّ‮ ‬مواطن بهذا الصدد هي‮: ‬أين الدولة؟ ولماذا تتلكأ في‮ ‬مواجهة هذه الآفة المتنامية منذ سنوات بكل قوة وحزم؟ ولماذا تنتشر الأسلحة البيضاء بهذا الشكل المُرعب في‮ ‬صفوف آلاف الشبان عبر الوطن‮..‬؟

المواطنون قلقون جدا من عودة‮ “‬حروب الأحياء‮” ‬ويتبادلون أحاديث تدور كلها حول التشكيك في‮ ‬نوايا الدولة،‮ ‬وتعمّدها ترك هذه الآفة تتوسّع قصد”إشغال المواطنين ببعضهم البعض‮” ‬عن السياسة وغياب الرئيس وتفشي‮ ‬الفساد وتنامي‮ ‬البطالة والأزمات المعيشية‮… ‬حيث‮ ‬ينسون كل هذه القضايا ويصبح توفير الأمن لأنفسهم وأحيائهم السكنية هاجسَهم الأول‮.‬

المفروض أن تتحرّك الدولة بفعالية كلما وقعت مواجهاتٌ‮ ‬ببعض الأحياء التي‮ ‬تحوّلت بمرور الوقت إلى بؤر للصراع بين الشباب لأسباب مختلفة،‮ ‬وأن توعز للأمن بالتدخل السريع والحازم لوضع حدّ‮ ‬للفوضى وفرض الأمن على الجميع،‮ ‬ولكن عدم حدوث ذلك واستمرار المواجهات بين شبان الأحياء حتى الفجر في‮ ‬غالب الأحيان،‮ ‬جعل الكثير من الناس‮ ‬يحاولون التكفل بأمنهم بأنفسهم ومساعدة أبناء حيّهم على تأمين الحي،‮ ‬وهم‮ ‬يتسلّحون بأسلحة بيضاء وبالحجارة وبكل شيىء‮ ‬يصلح لـ”القتال‮” ‬ورشق المعتدين من شباب الأحياء الأخرى به‮.‬

إلى هذا الحدّ‮ ‬انحدرت السلوكات والعلاقات الاجتماعية في‮ ‬المجتمع؛ فبدل أن‮ ‬يعيش الجميعُ‮ ‬متآخين آمنين على أنفسهم وأطفالهم وأملاكهم،‮ ‬أصبح الناس‮ ‬يعيشون في‮ ‬قلق وخوف،‮ ‬لأن الأمن‮ ‬غير مستتبّ‮ ‬والأحياء الشعبية الآن قد استعادت وظيفة القبائل العربية قديماً‮ ‬وأصبحت تشنّ‮ “‬غارات‮” ‬ليلية بالسيوف على بعضها البعض بدوافع الثأر والانتقام،‮ ‬وعوض التعصب للقبيلة،‮ ‬حلّ‮ ‬محله التعصّب للحيّ‮ ‬أو‮ “‬الحومة‮”..‬

الدولة هي‮ ‬الوحيدة المخوّلة قانوناً‮ ‬بحمل السلاح واحتكاره قصد بسط سيطرتها وفرض الأمن على الجميع،‮ ‬وتوفيره لكل الناس،‮ ‬ولكن الحاصل أن كلّ‮ ‬من هبّ‮ ‬ودبّ‮ ‬أصبح‮ ‬يحمل خنجراً‮ ‬أو سيفاً‮ ‬بطول متر،‮ ‬ويتباهى به على الملأ،‮ ‬ويعتدي‮ ‬به على من‮ ‬يشاء،‮ ‬دون أن تسعى الدولة جديا إلى معالجة الآفة ووضع حد لها و”نزع سلاح‮” ‬الجميع،‮ ‬وتوفير الأمن بنفسها لكل المواطنين‮.‬

المواطنون‮ ‬يتحرّقون شوقاً‮ ‬إلى رؤية‮ “‬عمليات تمشيط‮” ‬واسعة بمختلف بؤر الإجرام ضد المنحرفين وحمَلة السيوف والخناجر الذين‮ ‬يهاجمون مختلف الأحياء الشعبية ليلاً‮ ‬ويروّعون الآمنين وخاصة النساء والأطفال إلى مطلع الفجر،‮ ‬هذه الآفات‮ ‬يجب أن تتحرك الدولة بحزم لتضع لها حدّا في‮ ‬أقرب وقت،‮ ‬وإلا لماذا‮ ‬يدفع المواطنون الضرائب المختلفة إذا كانت الدولة لا تتكفل بأمنهم و”تتنازل‮” ‬لهم عن هذه المهمة الخطيرة التي‮ ‬يجب أن تحتكرها؟‮ ‬

هذه المظاهر الغريبة تهدّد النسيج الاجتماعي‮ ‬بالتفسّخ،‮ ‬وتنذر بالمزيد من الفوضى وتصاعد معدّلات الإجرام،‮ ‬والحل بيد الدولة وحدها‮.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • بدون اسم

    ما تعممش ,كاين اللي ربي سبحانه بلاه في ولادوا .

  • عمر

    ماربيتو ماتلقاو والان اصبحتم تريدون من رواد المساجد والصالحين ان يقفو لوحدهم في وجه هده العصابات

  • abdel ilah

    هذه المظاهر الغريبة تهدّد النسيج الاجتماعي‮ ‬بالتفسّخ،‮ ‬وتنذر بالمزيد من الفوضى وتصاعد معدّلات الإجرام

    YAW C VOULU .

  • سارة

    قبل أن نتساءل أين السلطات المعنية نتساءل أين الوازع الديني أين الأخلاق المحمدية أين دور الأولياء في تربية أبنائهم ؟ و الا لما وصلنا لهذا المستوى .